المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مواقف الصمت البديعة



المراسل الإخباري
08-03-2021, 03:38
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png في أحد أعظم الأفلام السينمائية Goodfellas ترى شيئاً أخّاذاً، ترى المخرج العبقري مارتن سكورسيزي يصنع مشهداً رائعاً... بالصمت.
الفيلم يحكي قصة "هنري هيل" وهو مافيوسو (عضو في عصابة مافيا)، وقصة حياته الحقيقية في هذه المنظمة، وفي أحد المشاهد يتسامر هنري مع مجموعة من زملائه المافيوسو في مطعم مزدحم، وأحد أصدقائه اسمه تومي وهو رجل شديد العنف والانفجار، ويحكي تومي قصة طريفة تضحك الجميع ومنهم هنري، والذي يختم ضحكته بقوله: أنت مضحك، يلتفت تومي إلى هنري ويقول: ماذا تقصد؟ يرد هنري: أنت مضحك، القصة طريفة، يحدق فيه تومي: ما المضحك فيَّ؟ هل تقصد أنني كالمهرج؟ هل هدفي إضحاكك؟ هل هذا مكاني هنا عندك أن أرفّهك؟ ما المضحك بشأني؟ قالها وعلى وجهه علامات الغضب، حينها يصمت المطعم تماماً، وهنري يحدق في تومي بذهول، وتمضي عدة ثوانٍ من الصمت التام الذي لا تسمع فيه إلا قعقعات مكتومة للملاعق، فيقطع هنري الصمت قائلاً: اغرب عني يا تومي، والذي يضحك بدوره ويضج المكان بالضحك بعد أن نجح تومي في إخافة صديقه بهذا المقلب المُرتَجَل، لحظات الصمت تلك هي التي صنعت ذلك المشهد الشهير.
اللحظات الرائعة كثيراً ما تكون أروع إذا ارتبطت بالصمت، مثلما أن الفراغ البصري (كلون أبيض في رسمة) يُبرز الألوان والأشكال المقاربة، فكذلك الفراغ الصوتي إذا وُضع في مكانه المناسب، في إحدى أعظم اللحظات في تاريخ الكرة يتأهل فريق مانشستر سيتي إلى المباراة النهائية ويسجلون هدفاً، ولو انتصروا لفازوا ببطولة Premiere League عام 2012م، وهي بطولة لم يفوزوا بها منذ 44 سنة، ها قد اقتربوا من الفوز، ما عليهم إلا أن يحافظوا على هذا الهدف حتى النهاية، لكن سجل الفريق الآخر هدفاً، ثم أخطأ مدافع سيتي وتسبب في تسجيل هدف ثانٍ ضد سيتي، وترى الجمهور بين البكاء والإحباط والانهيار، والذي زادهم ألماً أنهم لو انهزموا لكان الفائز هو عدوهم اللدود فريق مانشستر يونايتد، ثم حصلت معجزة، ففي الوقت الضائع سجل سيتي هدفاً آخر وتعادلا 2-2، ثم بعد أن بقيت فقط 90 ثانية اخترق "سيرجيو أغويرو" دفاع الخصم وأطلق قذيفته في شباكهم، وانفجر الجمهور والمدرب والطاقم والفريق فرحاً عظيماً، حدثٌ فريد وقصة عجيبة، ومما زادها روعة أن المعلق مارتن تايلر وهو يعلق صرخ باسم أغويرو.. ثم صَمَت، تلك الثواني العشر الصامتة وأنت ترى الاحتفالات ودموع الفرح أعطت للحظة مذاقاً لا يُنسى، معلق محنك، وأي معلق مبتدئ كان سيفسد المشهد بالكلام والتعليق و"غووووول" المملة.
إذا كنت تصنع الأدب أو الفن، فمن فترة لأخرى استخدم الصمت بحنكة.




http://www.alriyadh.com/1899496]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]