المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إرث يحتاج إلى مرايا!



المراسل الإخباري
08-06-2021, 08:13
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
إن ما يعرضه المتحف الوطني في المملكة العربية السعودية بمدينة الرياض، وخاصة في قاعته الخامسة من آثار، يؤكد هذا التاريخ حيث يشاهد الزائر في هذه القاعة نموذجاً كبيراً لسور تيماء..
حضارة الجزيرة العربية هي ذلك العمق الذي تحدر منه التاريخ، ومع ذلك وفي عصر القنوات والمنصات العربية والعالمية المفتوحة، لا نجد ما يروي ظمأنا عن التسويق لهذه الحضارة التي سبقت حضارات العالم إن لم تتوازَ معها، ذلك لأنها من تجمعت فيها شعوب الترويض والاستئناس فيما قبل التاريخ؛ فهل نكتفي بذكر كل ذلك من إرث حضاري بين ردهات الكتب ومؤلفات الرحالة؟! يقول كتاب شجرة الحضارة: "أنه لا يعادل صعوبة معرفة الأماكن الحقيقية التي تجمعت فيها شعوب هذه المنطقة حول النباتات والحيوانات المختلفة إلاَّ معرفة الأزمنة على وجه التحديد التي ظهرت فيها المظاهر الحضارية والتي كونت مع بعضها البعض صرح الحضارة في منطقة جنوب غرب آسيا شمال الجزيرة العربية وشرقها وغربها ووسطها، حسب مواقع هذه الحضارات التي تواجدت على الأرض"، ذلك لأن الأزمنة في تلك الفترة -فجر ما قبل التاريخ- نادراً ما تخضع للتدوين، والحديث عنها أشبه بالحديث عن عصور طبقات الأرض.
إن ما يعرضه المتحف الوطني في المملكة العربية السعودية بمدينة الرياض، وخاصة في قاعته الخامسة من آثار، يؤكد هذا التاريخ حيث يشاهد الزائر في هذه القاعة نموذجاً كبيراً لسور تيماء، وبُنيَ في هذا الموقع بحجارته الطبيعية التي نُقلت من السور نفسه. كما أننا نجد فيها عرضاً لذلك. ولذلك فهذا المتحف يعرض لنا كثيراً مما يؤكده هذا التاريخ الموغل في عمق الزمن ومنه بعض من الألواح الصخرية التي وجدت في موقع خبة التماثيل بمنطقة تبوك، وهي من أقدم الآثار التاريخية المعروفة في شبه الجزيرة العربية، ويعود تاريخها إلى الألف الرابع قبل الميلاد، ويصل ارتفاع بعض هذه الألواح إلى أربعة أمتار. وتشير الرموز والنقوش القديمة التي وُجدت عليها إلى تعاقب الحضارات التي سادت في تلك المنطقة. نظراً إلى التوافق الزمني بين فترة فجر التاريخ ونشأة الكتابة في العالم القديم، فقد شمل العرض في هذا الموقع المتقدّم من القاعة تفرع شجرة الكتابة منذ بداياتها الأولى عام 3200 قبل الميلاد حتى بداية ظهور الكتابة العربية المبكرة بحلول عام 1000 قبل الميلاد.
وقد ورد في العديد من المصادر أن الجزيرة العربية تنحدر من نسل آدم، إذ قطن آدم -عليه السلام- مكة المكرمة، وشيد البيت الحرام كما ذكر سمير عبدالرازق، وأبو الفوز البغدادي وابن كثير والقرطبي وغيرهم، إلاّ أن سمير عبدالرازق يضيف إلى ذلك فيقول: "أن العرب تنحدر من الشعوب السامية، وبطبيعة الحال، انحدرت من سام بن نوح، والذي كان على هذه الأرض قبل تشتت الشعوب، حينما انتشر نسل نوح عليه السلام في كل بقاع الأرض وبقي سام بذريته في هذه المنطقة وهذا ما أكدته المصادر".
هذه الشعوب يقسمها المؤرخون إلى (الأحباش والفينيقيين والبابليين) ثم ينحدر بدوره إلى أنه ينقسم إلى طبقات ثلاث "بائدة، عاربة، مستعربة"، والعرب البائدة هم العرب الخلص الأولون، وقد كانوا شعوباً وقبائل كثيرة وهم ولد آرم ابن سام ابن نوح وكان مقرهم صنعاء، وملكوا الشام والحجاز وقد ضاعت وانقرضت قبائلهم، مثل (عاد) التي كانت تسكن الأحقاف، و(ثمود) التي كانت تسكن مدائن صالح، قرب خيبر، وطسم وجديث في اليمامة والعمالقة بالحجاز هذا ما أكده سمير عبدالرازق القطب. بينما نجد محمد أمين السويدي يؤرخ للعرب بأنهم انحدروا من نسل سام من نسل عابر، والذي قال إنه النبي هود عليه السلام، متفقاً معه في ذلك ابن كثير. كما ذكر بعض المؤرخين أن الدولة الحمورابية من العرب البائدة، أما العرب العاربة: فيشكلون الطبقة الثانية، فهم من ولد قحطان ابن هود "والذي سُمِّي "عابر"، وتتعدد فصائلهم وتشعبهم في الأرض، وقد تعرضت للإغارة عليها من العمالقة، فانقرضت هذه الطبقة من العالم.
كل ذلك التعاقب والحضارات المتجددة بكل تأكيد لها إرثها وآثارها التي سوف تثري الشعوب البشرية في هذا العالم بالمعرفة والدهشة إذا ما سوقنا لها، وأظهرناها للعالم، في جلها معروفة ومدونة ومحفوظة في متاحفنا وتاريخنا لكنها تظل كامنة في الظل لا تصل لعين وأذن الفرد العادي السابح في نهر الطريق في هذا العالم الذي أصبح قرية واحدة. والذي يدعو للفخر أن هناك مشاركة من أكثر من 40 بعثة دولية ومحلية في التنقيب عن الآثار في مختلف مناطق المملكة وقدمت نتائج مهمة عن تاريخ الاستيطان البشري في أراضي شبه الجزيرة العربية، نُشرت في عدد من أوعية النشر العلمي مثل حولية الآثار السعودية "أطلال"، بالإضافة إلى عدد من الكتب الأثرية المتخصصة، والمنصّات الرقمية لكن كل ذلك الجهد يحتاج إلى مرايا عالمية وعربية تعكس ذلك لحظة بلحظة واكتشافاً باكتشاف لأن ذلك هو تاريخ البشرية والإنسانية وجلباً نشطاً للسياحة التي أصبحت من ركائز اهتمامات الدولة في ظل خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين حفظهما الله.




http://www.alriyadh.com/1900062]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]