المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حين استبدلت جوالي..!



المراسل الإخباري
08-08-2021, 03:15
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png يبدو الأمر طبيعيا جدا أن تستبدل جهاز هاتفك القديم، بعد أن يستنفد زمنه وتظهر عليه علامات الشيخوخة، وتنفد فيه الحروف، ويتكبّب فيه الضوء، ويجوع الكهرباء كل حين.. أو حتى حين يتأخر بجيله عن جيلٍ يعقبه كل عام بخدمات جديدة متطورة، أقول يبدو الأمر عاديّا جدا وفقا لتعاملنا مع الآلة التي تتطور وتتجدد مع كل عام، لكن الأمر بدا مختلفا اليوم مع هواتفنا المحمولة إذ نتباطأ ونتردد ونحاول إنعاشها دائما قبل التفكير في استبدالها، هذا الهاتف المحمول و»المعلول» بحكم الزمن أو العطل، هو اليوم بوّابة دخولنا على الحياة، فقد استأمنّاه على أنفسنا وأموالنا، وبات نديمنا وملازمنا في كل طقوسنا وتعاملاتنا مع الحياة، ومع استمرار جائحة كورونا بعزلتها المتفاوتة على مدى عامين مضيا، بدا لنا أن هذا الهاتف المحمول هو فرصتنا البصرية والسمعية الوحيدة لنتواصل مع العالم من حولنا، بل حتى فيما بيننا ببيتٍ واحد في كثير من الأحيان، ووفقا لهذه المكانة النفسية التي يحتلها هاتفي المحمول الذي تحمَّل دائما كل حالات قلقي وحملني لمن أحب كما حملهم إلي، وجدت أنني أمام معضلة نفسية، أولها الحنين الذي ارتبط بهذا الجهاز على كافة المستويات، حتى عثراته وتهافت قدراته «تثاقل الحروف / مداهمات ضعف الطاقة.. الخ «، ملاحظاته المكتظة با لقصائد والعبارات، ظلّت دائما مرجعًا نفسيًا لخلوتي مع ذاتي، فأنا لا أذكر كم أودعت فيه من أسراري، وكم حمّلته انفعالاتي، لكنني أعرف اليوم أن عليّ توديعه لجهاز جديد أحمِّله ما حملته في جهازي القديم دون أن أتعرّف عليه جيدا، كنت أتابع نقل محتويات الجهاز القديم للجهاز الجديد وأنا أرى سنوات من الحياة تعبر من صديق إلى صديق، لكن هذا الصديق الجديد لم أعرفه بعد، ولم أكن أرغب بالتعرّف عليه لولا سنّة الوقت وقفزات التقنية والعمر الافتراضي للحياة حولنا، إذا هي حالة من الحنين والألفة امتدّت مع عزلتي «الكورونية» إلى أن أقضي ليلة استبدال جهازي القديم بوجع وانكسار كان مثار دهشة أبنائي حولي الذين حرصوا على أن يستبدلوا صديقي الهرم المكلوم الحزين هذا، بصديق جديد دون أن يدركوا أنني كرهت دائما استبدال ما أحب، حتى وإن عجز عن أن يمنحني ما أستطيع من الحياة..!
فاصلة :
لا تعنيني الشمس إلا حينما تغيب..
أشعر أن طموحها بالأفق قادها لليل..!




http://www.alriyadh.com/1900218]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]