المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما فائدة المثقفين؟



المراسل الإخباري
08-14-2021, 21:26
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png يعيد المؤرّخ الفرنسي فرانسوا دوس هذا السؤال الخطير إلى الواجهة -هو المختص في تاريخ المثقفين- ليوضح لنا أدوارهم الأساسية، بعد أن تأرجحت مكانتهم في السنوات الأخيرة، وتراجعت أدوارهم، أمام زحف نوع آخر من المثقفين يمكن تسميتهم بمثقفي وسائل الإعلام، وهم نوع يسعى أولاً إلى اكتساب قاعدة جماهيرية تمدهم بسلطة معينة تفوق سلطة تأثير المنابر الجامعية والعلمية.
يقول دوس: إن "المثقف قبل كل شيء شخص يضع مهاراته في خدمة المدينة، فهو المسؤول عن خلق رابط بين الخبراء والمواطنين".
هو تقريباً المفهوم الذي حدّده بول ريكور للمثقف، مضيفاً إليه أنه "يملك القدرة لجعل قضايا المواطنين الرئيسة مسموعة، والعمل من أجل تعميق الديموقراطية"، لكن هذا المفهوم لم يكن نفسه في زمن سارتر، حين كان وزن المثقف بوزن النظام الحاكم، وحين كان المثقف نفسه مفكِّراً وفيلسوفاً، ومشاركاً حقيقياً في صنع القرار.
الذي يحدث اليوم، هو فائض من التمييع لجماعة المثقفين، وذهاب جماعي إلى من الأقدر على إثارة الجدل، من دون التمييز بين الصواب والخطأ، بين الحقيقي والخيالي، أو ما يطلق عليه جيل دولوز "التسويق، الذي يتعاطى مع الإنتاج الفكري وكأنّه سلعة تباع وتشترى"، مع ملاحظة مهمة وهي أن هذا الإنتاج خاضع لمنطق كيفية بناء شهرة، وليس بناء أفكار.
من جهة أخرى يقابل هذا المنطق أسئلة كثيرة وليدة الوضع الجديد، من بينها التعامل بصرامة مع هذا "المثقف" من حيث رسم حدود تقلّص أدواره.
لا نفهم ميكانيزمات انزلاق المثقف من طبقة حاملة للمعرفة إلى طبقة أقلّ من ذلك، إلاّ أن ما حدث عبر المئة سنة الأخيرة، أدى إلى نتائج سيئة.
عربياً نتقبل أكثر مقولات أنطونيو غرامشي -الفيلسوف المناضل الماركسي- النابعة من السمة النقدية لعلاقات هذا المثقف بالمجتمع والسلطة المهيمنة، وهي علاقات فيها من التّوتُّر والخلافات ما تكفي لجعله في وضع لا يُحسد عليه، يكاد يختصر حالته بـ"الطاقة المعطّلة" أو "الطّاقة المهدورة" في صراعه ضد جبهتين لإثبات ذاته، هذا إن لم يكن بطريقة ما خرّيج السلطة نفسها التي تعارض تماماً طموحات المجتمع، وقد لمسنا ذلك بشكل علني وصارخ من خلال انقسام النخبة بين موالٍ ومعارض في الأحداث التي وُصِفت بالربيع العربي.
كان واضحاً أن استقلال المثقف "كعقل منتج للمعرفة" مرحلة لا تزال بعيدة المنال بالنسبة لنا، أمّا فقدانه لموقعه الطلائعي، فقد أربك تفاعله الإيجابي مع الأطراف جميعها وقلّل من دوره، بل جعله يبدو "عديم الفائدة" بالنسبة للجميع حتى في حال كان موالياً أو معارضاً.
يوصف "المثقف العربي" بـ"المثقّف التقليدي"، فهو يدّعي أنّه حامل لقيم الحرية والمسؤولية، وفي الوقت نفسه يجتهد ليشبه الجميع لكسب ثقتهم، فيما يختار المجتمع تغييبه الكامل عن المشهد المعاصر، متشبثاً بصورة وهمية لتراثه الموغل في القدم للحفاظ على ثباته.




http://www.alriyadh.com/1901457]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]