المراسل الإخباري
08-15-2021, 03:30
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
رأيتُ أن أكتب مقالاً عن متحف الشماسية والمتاحف الوطنية، وأُورد ما زان في نظري، واستحلاه ذهني، وأُشجّع المواطنين في كل بقعة أن يستدركوا ما تركه آباؤهم، ويجدّوا في جمعه والتعريف به، فكثيرٌ مما نجده شِركة بيننا، تزيد الأواصر، وتُقوّي اللُّحمة..
التجارب ثروات، يتركها الأفراد، وتُورّثها الأمم، تُعرّف المرء على الصواب فيأخذه، وتُظهر له الخطأ فيجتنبه، إنها سيرة للفرد والمجتمع، وحسنٌ بنا أن نحرص عليها ونُعنى بها، وما دام الأفراد منذ القِدم يُدوّنون سيرهم ويكتبونها، فما بال المجتمعات الكبيرة والصغيرة لا تفعل فعلهم، فتبقي تجاربها ثروات لمن بعدها من أجيالها؟
إن المفكر المصري جلال أمين في أول سيرته (ماذا علّمتني الحياة) يقول: "كلٌّ منا شخصٌ متميّز، بل ومتميّز جداً، ولديه في مسيرة حياته ما يستحق أن يُروى"، وأنا أقول قوله هذا في القرى والمحافظات والمدن، فكل منها في مسيرتها ما يستحق التدوين، ويليق به البقاء، فلْنجعل لكل قرية وهجرة ومحافظة ومدينة سيرة ذاتية، ترويها لأجيالها، فينتفعون منها، ويدّخرونها فربّما اضطرتهم وأولادهم الأيامُ إليها.
إن التدوين فكرة رائعة، به نشأ التاريخ وعُرفت الأحوال، حفظ به الناس أخبارهم من الذهاب، وصانوا به حكمتهم من الضياع، وهم اليوم يُدوّنون بالمتاحف وإنشائها، فيحفظون بها ما كان، ويجعلونه عُرضة لمن أراده، ومقصداً لمن بغى معرفته، فتطّلع الأجيال على ثمار تجارب أسلافهم في اللغة المستعملة، والأدوات المستخدمة، والمباني المسكونة، والحِكَم المأثورة، والألبسة المتداولة، والأدوية المألوفة، فيتذكرون حال مَنْ قبلهم، وينتفعون مما كانوا عليه، ويُضيفون إلى ثروتهم من التجارب ثروة آبائهم وأجدادهم، وأولى الناس بتَعَرّفك وأجدرهم باهتمامك أهلُ بلدك، الذين أصبحتَ واحداً منهم، وإليهم يعود ذَووك وأقاربك.
خطرت في بالي هذه الأفكار، وتداعت إليّ هذه الجمل، وقلتُ هذا لنفسي أو قريباً منه، بعد أن حظيت بزيارة لمتحف محافظتي محافظة الشماسية، واستقبلني فيه، وهكذا هي عادتهم مع كل ضيف، بالترحاب والبشاشة مؤسسه الأستاذ عبدالله الدويحس، وبعد جلسة يسيرة طاف بي على المتحف الذي أنشأه، بجهود شخصية عام سبعة وعشرين وأربعمئة وألف، وأطلعني على تاريخ محافظتي، فعرفتُ أموراً لم أكن أعرفها قبلُ، كنتُ أسمع من أهلي ألفاظها، وأحار في صورتها، وحين شاهدتُ المتحف وما فيه، ومررت على ما حواه، تيقّنت ما كنتُ أُخمّنه وأحدس فيه، ورأيتُ أن أكتب مقالاً عن متحف الشماسية والمتاحف الوطنية، وأُورد ما زان في نظري، واستحلاه ذهني، وأُشجّع المواطنين في كل بقعة أن يستدركوا ما تركه آباؤهم، ويجدّوا في جمعه والتعريف به، فكثيرٌ مما نجده شِركة بيننا، تزيد الأواصر، وتُقوّي اللُّحمة.
أمور كثيرة شاهدتها في المتحف، ولا يسع المقالُ ذكرها كلها، ولكني آخذ أهمّها في نظري، وأُطلعكم عليه، فأولها: تاريخ نشأة هذه المحافظة، فقد ظهرت للوجود قبل ما يقرب من ستمئة سنة تقريباً، وثانيها: أنّ اسمها في القديم (المدّاء) وهو مشتق من الامتداد؛ لأنها عبارة عن شريط، يزيد على سبعة عشر كيلاً، وفي الوقت الحديث يُطلق عليها (بوابة القصيم الشرقية)، وثالثها: تعداد منازل الشماسية القديمة، وعرض صور تقريبية لها، ورابعها: تفصيل أجزاء البيوت القديمة، وكانت تتكون من: القهوة، والحوش، والموقد الذي كان ضرورة في تلك الأزمان حين لم يملك الإنسان التكييف وأجهزته، والروشن، والمِعشاش، والصفة، والخان، وأمور أخرى غيرها، وخامسها: العادات والتقاليد التي كان منها: "الزفّة" التي تُقام لحافظ القرآن الكريم أو جزء منه، و"البشارة" وهي مكافأة لمن يأتي بخبر سار، و"الشرط" وهو ما يُعطى للصغار حين يقومون بعمل ما، و"الطّعمة" وهي إشراك الإنسان جيرانه مما طُبخ في منزله، وسادسها: آلات كان الناس يستعملونها، ومنها: "الجِصّة" التي تُكنز فيها التمور، و"العجرا" وهي عصا غليظة للدفاع عن النفس، و"القفّة" وهي وعاء صغير، يُحفظ به الزهاب، و"الحجري" وهي قدر كبيرة، وسابعها: مفردات لغوية، كانت مستعملة، وتكاد اليوم أن تنقرض، ومنها: "البِقشة" وهي وعاء من قماش، تُحفظ به الأشياء، و"الجادّة" وهي الطريق، و"الدوشق" وهو الفراش، و"الدخيل" وهو الإنسان المستنجد، و"الكروة" وهي الأجرة، و"المخْلب" وهو المعروف اليوم بالمنجل، و"ازقفه" ارمه للأعلى بشدة، و"اعبسة" وهي واحدة نوى التمر، و"اهْلفي" والمراد به الكذب، و"تليّن" ارتاح، و"الحزّة" وهو الوقت، وكثير غيرها.
لقد دعتني زيارة هذا المتحف إلى أن أُذكّر بأمور، أولها: أنّ المتاحف معارض إنسانية، تُعرض فيها خبرات الجماعات وجهودها، وثانيها: أنها ضرورة لمن يُفكّر في ربط حاضره بماضيه؛ خاصة إذا كان ذلكم الماضي باقياً أو وارداً على الإنسان أن يعود إليه من جديد، وثالثها: أنّها تُؤرّخ للإنسان نفسه بطريقة سهلة يسيرة، ورابعها: أنّ المتاحف صورة من صور الوفاء للماضين، وخامسها: أننا في حاجة ماسة في رأيي أن يكون لكل بقعة من هذه البلاد المباركة، صغرت أم كبرت، متحف يلمّ شعثها ويُذكر أجيالها، وسادسها: أنْ يُلتفت من قبل التعليم ومؤسساته إلى هذه المتاحف الوطنية، وتُجعل جزءاً من البرنامج التعليمي، وحسبنا أنها تضمّ بين جنباتها كثيراً من المشتركات بين أبناء الوطن إنْ في اللغة ومفرداتها وإن في الأشياء واستعمالاتها.
http://www.alriyadh.com/1901562]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
رأيتُ أن أكتب مقالاً عن متحف الشماسية والمتاحف الوطنية، وأُورد ما زان في نظري، واستحلاه ذهني، وأُشجّع المواطنين في كل بقعة أن يستدركوا ما تركه آباؤهم، ويجدّوا في جمعه والتعريف به، فكثيرٌ مما نجده شِركة بيننا، تزيد الأواصر، وتُقوّي اللُّحمة..
التجارب ثروات، يتركها الأفراد، وتُورّثها الأمم، تُعرّف المرء على الصواب فيأخذه، وتُظهر له الخطأ فيجتنبه، إنها سيرة للفرد والمجتمع، وحسنٌ بنا أن نحرص عليها ونُعنى بها، وما دام الأفراد منذ القِدم يُدوّنون سيرهم ويكتبونها، فما بال المجتمعات الكبيرة والصغيرة لا تفعل فعلهم، فتبقي تجاربها ثروات لمن بعدها من أجيالها؟
إن المفكر المصري جلال أمين في أول سيرته (ماذا علّمتني الحياة) يقول: "كلٌّ منا شخصٌ متميّز، بل ومتميّز جداً، ولديه في مسيرة حياته ما يستحق أن يُروى"، وأنا أقول قوله هذا في القرى والمحافظات والمدن، فكل منها في مسيرتها ما يستحق التدوين، ويليق به البقاء، فلْنجعل لكل قرية وهجرة ومحافظة ومدينة سيرة ذاتية، ترويها لأجيالها، فينتفعون منها، ويدّخرونها فربّما اضطرتهم وأولادهم الأيامُ إليها.
إن التدوين فكرة رائعة، به نشأ التاريخ وعُرفت الأحوال، حفظ به الناس أخبارهم من الذهاب، وصانوا به حكمتهم من الضياع، وهم اليوم يُدوّنون بالمتاحف وإنشائها، فيحفظون بها ما كان، ويجعلونه عُرضة لمن أراده، ومقصداً لمن بغى معرفته، فتطّلع الأجيال على ثمار تجارب أسلافهم في اللغة المستعملة، والأدوات المستخدمة، والمباني المسكونة، والحِكَم المأثورة، والألبسة المتداولة، والأدوية المألوفة، فيتذكرون حال مَنْ قبلهم، وينتفعون مما كانوا عليه، ويُضيفون إلى ثروتهم من التجارب ثروة آبائهم وأجدادهم، وأولى الناس بتَعَرّفك وأجدرهم باهتمامك أهلُ بلدك، الذين أصبحتَ واحداً منهم، وإليهم يعود ذَووك وأقاربك.
خطرت في بالي هذه الأفكار، وتداعت إليّ هذه الجمل، وقلتُ هذا لنفسي أو قريباً منه، بعد أن حظيت بزيارة لمتحف محافظتي محافظة الشماسية، واستقبلني فيه، وهكذا هي عادتهم مع كل ضيف، بالترحاب والبشاشة مؤسسه الأستاذ عبدالله الدويحس، وبعد جلسة يسيرة طاف بي على المتحف الذي أنشأه، بجهود شخصية عام سبعة وعشرين وأربعمئة وألف، وأطلعني على تاريخ محافظتي، فعرفتُ أموراً لم أكن أعرفها قبلُ، كنتُ أسمع من أهلي ألفاظها، وأحار في صورتها، وحين شاهدتُ المتحف وما فيه، ومررت على ما حواه، تيقّنت ما كنتُ أُخمّنه وأحدس فيه، ورأيتُ أن أكتب مقالاً عن متحف الشماسية والمتاحف الوطنية، وأُورد ما زان في نظري، واستحلاه ذهني، وأُشجّع المواطنين في كل بقعة أن يستدركوا ما تركه آباؤهم، ويجدّوا في جمعه والتعريف به، فكثيرٌ مما نجده شِركة بيننا، تزيد الأواصر، وتُقوّي اللُّحمة.
أمور كثيرة شاهدتها في المتحف، ولا يسع المقالُ ذكرها كلها، ولكني آخذ أهمّها في نظري، وأُطلعكم عليه، فأولها: تاريخ نشأة هذه المحافظة، فقد ظهرت للوجود قبل ما يقرب من ستمئة سنة تقريباً، وثانيها: أنّ اسمها في القديم (المدّاء) وهو مشتق من الامتداد؛ لأنها عبارة عن شريط، يزيد على سبعة عشر كيلاً، وفي الوقت الحديث يُطلق عليها (بوابة القصيم الشرقية)، وثالثها: تعداد منازل الشماسية القديمة، وعرض صور تقريبية لها، ورابعها: تفصيل أجزاء البيوت القديمة، وكانت تتكون من: القهوة، والحوش، والموقد الذي كان ضرورة في تلك الأزمان حين لم يملك الإنسان التكييف وأجهزته، والروشن، والمِعشاش، والصفة، والخان، وأمور أخرى غيرها، وخامسها: العادات والتقاليد التي كان منها: "الزفّة" التي تُقام لحافظ القرآن الكريم أو جزء منه، و"البشارة" وهي مكافأة لمن يأتي بخبر سار، و"الشرط" وهو ما يُعطى للصغار حين يقومون بعمل ما، و"الطّعمة" وهي إشراك الإنسان جيرانه مما طُبخ في منزله، وسادسها: آلات كان الناس يستعملونها، ومنها: "الجِصّة" التي تُكنز فيها التمور، و"العجرا" وهي عصا غليظة للدفاع عن النفس، و"القفّة" وهي وعاء صغير، يُحفظ به الزهاب، و"الحجري" وهي قدر كبيرة، وسابعها: مفردات لغوية، كانت مستعملة، وتكاد اليوم أن تنقرض، ومنها: "البِقشة" وهي وعاء من قماش، تُحفظ به الأشياء، و"الجادّة" وهي الطريق، و"الدوشق" وهو الفراش، و"الدخيل" وهو الإنسان المستنجد، و"الكروة" وهي الأجرة، و"المخْلب" وهو المعروف اليوم بالمنجل، و"ازقفه" ارمه للأعلى بشدة، و"اعبسة" وهي واحدة نوى التمر، و"اهْلفي" والمراد به الكذب، و"تليّن" ارتاح، و"الحزّة" وهو الوقت، وكثير غيرها.
لقد دعتني زيارة هذا المتحف إلى أن أُذكّر بأمور، أولها: أنّ المتاحف معارض إنسانية، تُعرض فيها خبرات الجماعات وجهودها، وثانيها: أنها ضرورة لمن يُفكّر في ربط حاضره بماضيه؛ خاصة إذا كان ذلكم الماضي باقياً أو وارداً على الإنسان أن يعود إليه من جديد، وثالثها: أنّها تُؤرّخ للإنسان نفسه بطريقة سهلة يسيرة، ورابعها: أنّ المتاحف صورة من صور الوفاء للماضين، وخامسها: أننا في حاجة ماسة في رأيي أن يكون لكل بقعة من هذه البلاد المباركة، صغرت أم كبرت، متحف يلمّ شعثها ويُذكر أجيالها، وسادسها: أنْ يُلتفت من قبل التعليم ومؤسساته إلى هذه المتاحف الوطنية، وتُجعل جزءاً من البرنامج التعليمي، وحسبنا أنها تضمّ بين جنباتها كثيراً من المشتركات بين أبناء الوطن إنْ في اللغة ومفرداتها وإن في الأشياء واستعمالاتها.
http://www.alriyadh.com/1901562]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]