المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحُبّ نَصًّا أَدبيًّا (4 من 4)



المراسل الإخباري
08-19-2021, 03:21
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png بهذه الحلقة أَختُم رباعيةَ أَن يكون النثر (لا الشعر وحسب) صالحًا باستحقاق كبير أَن يشكِّل نصًا أَدبيًّا في الحب. وقد يتفوّق على الشعر حين يأْتي به ناثرٌ متمكِّن يخاطب قارئه.
حين تعرف أَن التي تنتظرها "هي" التي وصلت، تعي أَن حبَّها جاء فضيحتَك. كَشَفَك. أَراكَ حقيقتَك. فضَح أَوهامك وأَحلامك وأُمنياتك. هـزَّ كيانكَ فاسّاقطَت عنه أَحلامُ الوهم وأَراكَ كم كنتَ استيهاميًا. كنتَ تكْذِب في أَحاسيسك أَنك تُحب ولم تَكن تُحب. كنتَ تُوهِمُ الناسَ بأَنك تُحِبّ كي تَظهر بمظهر العاشق، وكنتَ تَعرف أَنك تتواطأُ مع سِرّك كي يساعدك على إِيهام الناس، حتى جاءت "هي" فحملَت إِليكَ فضيحتَك. حبُّها انتهرَك: "انتهى زمنُ أَن تَتَوَهَّمَ وأَن تُوهِم". ها هي جاءت، وهي زَمنُكَ الحقيقي وسِرُّك الحقيقي الذي لن يتواطأَ معكَ. بعد اليوم لن تستطيع أَن تَتَوَهَّم ولا أَن تُوهِمَ أَحدًا. هي حَملَت إِليكَ الحبّ الحقيقي، وعليك، منذ هي، أَن تكون صادقًا في أَن تَحيا هذا الحبّ، وإِلاّ غادرتْكَ لا إِلى رُجوع.
هكذا حبُّها يجيئُك فينقذُك من أَوهامك ويجعلُك تواجه حقيقتك. حقيقتُكَ هي حبُّكُما، ولم تعُد أَيةُ قوّة في الدنيا تستطيع أَن تسلُبَ منك هذه الحقيقة. لذا يتعالى حبُّكُما عن اليوميات، عن الآنيّات، عن العَوَابر، عن تفاصيل الحياة اليومية، ليكونَ أَعلى، أَكبر، أَسمى، فيكونَ هو القدَر الذي يَجمعُكُما والذي يَدين "لها" بولادة هذا القدَر، فتشعر بالارتفاع والسموّ لِـجُــثُــوِّك أَمامها في حالة انخطافٍ دائِم، في حالة ولَعٍ دائِم. حبُّها قدَرُك الذي جَمَعَكُما معًا حتى آخر حياتكُما على هذه الأَرض. وإِذا كنتَ من أَهل الشعر وكتبتَه فيها، يُكمِل الشِعرُ بعدكُما ثَمرَةَ حبّكُما الباقية إِلى الأَبد، بكلامٍ في الحبّ يَـبلغ حدود الصوفية الخالصة، وكلامٍ في الحبيبة يبلغ حدود "اللامعقول أَن تكون موجودةً هذه المرأَة الكاملة".
هكذا تَذُوق الحبّ، إِن حقيقيًا يكون جاءَك، وتُمضي به عمرَك الباقي منذ جاءَتك "هي" وأَخذْتَ تقبِّلُ عينيها الرائيَتَين اللتين تَرَيان إِليكَ في نُضجٍ وحكمةٍ وحنان كثير. حنانُها عِصْمتُكَ في مواجهة الحياة، كما حبُّها علامتُكَ ومبرِّر سعادتك، فأَنتَ بين يديها في تَوَلُّه دائم. تَعَلُّقُك بها يُعادل حياتَك وتبقى إِليه مهما صعُبَت الأَيام وباعدَتْكُما أَو عَذَّبَتْكُما.
قَدَرُ الحبّ الحقيقيّ أَن يَشتَدَّ في الصعوبات ويقوى ولو أَدَّت بِه الصعوباتُ إِلى أَقصى العذاب. عذابُكَ معيارُك في احتمال هذا الحبّ ومعيارُك في استحقاقه. عليكَ أَن "تفعل" كي تستحقَّه، فالاستحقاق "فعلٌ" لا "قَول".
عظمتُها، هذه المنتَظَرَةُ التي تكون وَصلَتْ، لا أَن تُحبَّها بل أَن تستحقَّها كي تستحقّ لكَ نعمةُ الحبّ.
ولا نعمةَ أَكبر، في حياتك، من أَن تستحقَّ نعمة الحبّ الحقيقي.




http://www.alriyadh.com/1902443]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]