المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإدارة والعدّاء الإسباني



المراسل الإخباري
08-20-2021, 22:12
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png نحن الآن في مدينة بورلادا الإسبانية في ديسمبر من العام 2012م، كان السباق بين العدائين محتدما ويجري في المقدمة المتسابق الكيني (موتاي أبيل) الذي لم يكن يفصله عن خط النهاية سوى خطوات وأمتار قليلة، ولكن ومع كثرة الإشارات واللوحات اختلط عليه الأمر وتوقف قبل خط النهاية معتقداً أنه قد فاز وبدأ يلوح بيديه في سعادة بالانتصار الذي لم يتحقق بعد، وصادف أن المتسابق الذي خلفه في المركز الثاني كان العداء الإسباني (فيرنانديز إيفان)، والذي راح يصرخ بأعلى صوته على المتسابق الكيني ليواصل الركض، بيد أن المتسابق الكيني لم يفهم الكلمات ومعنى الصراخ. ومع هذا لم يجد العداء الإسباني حلاً سوى أن يدفع خصمه الكيني بكل قوة ليضمن وصوله قبله وقبل أي متسابق آخر إلى خط النهاية ويتأكد من حصوله على المركز الأول في ذلك السباق..
كان هذا التصرف غريباً وغير مفهوم للكثير من الحضور، ما دعا مراسلاً صحفياً ليسأل العداء الإسباني (إيفان): "لماذا قمت بهذا التصرف؟ لماذا لم تستغل الفرصة وتفز بالمركز الأول؟"، فأجاب قائلا: "أحلم أننا في يوم ما سنتمكن من أن نسعد بحياة في مجتمع نحفز فيه أنفسنا للانتصار، وفي نفس الوقت ندعم الآخرين ونساعدهم لينتصروا"، ويبدو أن الإجابة لم تعجب المراسل الذي سأل مجددا: "بالله عليك، كيف تركت منافسك الكيني يفوز عليك؟"، فأجب العداء الإسباني: "لم أتركه يفوز بل كان سيفوز والمركز الأول كان حتماً من نصيبه"، اشتاط المراسل الصحفي غضباً وهو يصرخ: "لقد كان بإمكانك أن تفوز!!"، فرد العداء الإسباني (إيفان): "أي انتصار وأي فوز تتحدث عنه؟ أي شرف في ميدالية أفوز بها بهذه الطريقة؟ كيف ستنظر والدتي إليّ؟.
مقالة اليوم بعنوان "الإدارة والعداء الإسباني.."
هذه القصة وما صنعه العداء الإسباني تذكرني بعالم القيادة والإدارة، إذا نظرت إلى الناحية السلبية فستجد القادة الفاشلين الذين لا يتورعون لحظة عن سرقة إنجازات موظفيهم مستغلين قوة السلطة والتهديد أو جهل الموظفين الضعاف بالأنظمة، وبالمقابل ستجد القادة الناجحين الذين يقفون مع فريقهم ويذللون لهم الصعاب ويحرصون على دعمهم وإرشادهم وتطوير مهاراتهم لينتصروا ويبدعوا.
بطبيعة الحال، يختنق الموظف ويفقد شغفه عندما يجد قائداً يتصيد أخطاءه ويعرقل مسيرته ويتربص به الدوائر، ويبدع الموظف عندما يعرف أنه يعمل مع قائد يوجهه ويدعمه كي ينتصر ويحقق الإنجازات، وشتان ما بين الثرى والثريا..
وختاما، ربما خسر العداء الإسباني (إيفان) المركز الأول، لكنه كسب الاحترام وصار مصدر إلهام للأجيال وللكثيرين حول العالم، وهو ما لم يكن ليتحقق لو أنه استغل الظروف وجهل خصمه الكيني وفاز بالسباق، وكما انتهى السباق قبل قرابة العشر سنوات، فستنتهي المناصب والكراسي، ولكن التحدي الحقيقي والفوز المستحق ليس في أرقامك وألقابك والمنافسين الذي فصلتهم وأزحتهم عن طريقك، بل في الأثر الإيجابي الذي ستصنعه وسيرتك التي ستبقى بعد رحيلك.




http://www.alriyadh.com/1902621]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]