المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شعر رسائلي أم رسالة شعرية؟!



المراسل الإخباري
09-04-2021, 09:19
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png تأتي الرسالةُ أحياناً مقدِّمة للقصيدة، أو ممهدةً لها، وقد يرد ذكرها عرضاً، وتلميحاً، وقد تكون مجازية عابرة، وقد تُلمس في العنوان فقط، أو في مناسبة النص، وعندئذ تصطبغ بلون رسائلي، أو لنقل: تكتسب ملامح رسائلية، فيصبح الشعر متأثراً بهذا اللون، حتى يمكن أن نطلق عليه شعراً رسائلياً؛ لأنه شعر توشّح بالرسائلية، وتطبع بطابعها، وحمل ميسمها.
وفي ضوء ذلك التشابك بين الشعر والرسائل، فإن الشعر الرسائلي هو ما يتخذ من الرسالة ملمحاً من ملامحها؛ فهو ذلك الشعر الذي انبعث من رُوح الرسالة، أو تأثر بها، أو بلازم من لوازمها، أو بشيء دالٍّ عليها، على خلاف مصطلح (الرسائل الشعرية) الذي ينطلق من الاهتمام بالرسالة بعيداً عن الشعر، فيركّز في ذلك على نوع الرسالة، وأركانها، وتفصيلاتها، دون النظر إلى قيمة الشعر نفسه، وأثر الرسالة فيه.
وعموماً فإن كلمة (الرسائلية) نعتٌ للشعر، والنعتُ من التوابع كما يصنّفه النحاة، وقد عرفوه بأنه: «التابع الذي يكمّل متبوعه بدلالته على معنى فيه، أو فيما يتعلق به»، فالرسائلية من هذا الوجه النحوي وصف يدل على معنى في الشعر، أو فيما يتعلق به، وعلى عكس ذلك، فإن (الشعرية) في (الرسائل الشعرية) نعتٌ للرسائل في حد ذاتها، كما هو واضح في أكثر الدراسات التي تناولت هذا الجانب، وهو ما يشير إلى اختلاف واضح بين التابع والمتبوع.
ولئن حاول كثير من الباحثين والنقاد تخليص المصطلحين من تشابههما؛ فإن لبساً ما يزال موجوداً في وضع فاصل بينهما، ولهذا راح بعضهم يدور في حلقة مفرغة، ولم يخرج بشيء ذي بال يوضّح اتجاههما، أو يزيل التباسهما؛ فقد أجاد بعضهم في اهتمامه بالقصيدة الرسالة، لكنه عندما أراد تبيان الفارق بينهما خلط في ذلك، ولم يبيّن، فقال: «والقصيدة الرسالة غير الرسالة الشعرية التي تعني قصيدة غزل مكتوبة إلى الحبيبة، ومرسلة إليها من دون توافر الديباجة، والمفردات، والمصطلحات المتداولة في كتابة الرسائل، أما القصيدة الرسالة فهي رسالة مكتوبة شعراً تتوافر فيها الهيئة الخاصة بكتابة الرسالة..»، وهنا لم يستطع الباحث الخروج بتصور دقيق للفصل بين المفهومين.
ولنقف هنا موقفاً وسطاً، ولنحاول تجلية الفارق بين (الشعر الرسائلي)، و(الرسالة الشعرية) بشكل أوضح، وأوجز، فنقول: إن الشعر الرسائلي أعم وأوسع، إذ يمكن أن يَنظر إليه ناقد الشعر بوصفه شعراً يستعين بتقنيات الرسالة، أما الرسائل الشعرية فهي أكثر خصوصاً، حيث يمكن أن ينظر إليها ناقد الرسائل بوصفها رسائل تستعين بتقنيات الشعر، فالفارق بينهما إذن يتجلى في كون (الشعرية) صفة للرسالة، وفي كون (الرسائلية) نعتاً للشعر.
وبشكل أدق نقول: كلما طال الشعر في الرسالة جاز لنا نعت النص بالشعر الرسائلي، أو القصيدة الرسالة، وكلما غلبت (التواصلية)، و(النثرية) في الرسالة، وتخلل هذه الرسالة بعض الشعر، صح لنا وصفها بـ (الرسالة الشعرية)، عندئذ يصبح الفارق جلياً بينهما من خلال معيارين بيّنين: (الوزن) الذي هو عمود الشعر وأصله، و(التواصل) الذي هو روح الرسالة وعصبها، فمن ها هنا تتبدل الأوصاف بينهما، وذلك كلما كان النص أطول نفساً، سواء أكان ذلك في شكله الفني، أم في خطه التواصلي.




http://www.alriyadh.com/1905331]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]