المراسل الإخباري
09-13-2021, 22:24
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
قد تكون العصبية فردية، كل يتعصب لرأيه ولأفكاره كما نراه متفشيا الآن في أي مكان في العالم، بينما نجد أنه لا مكان للفردية بينهم هؤلاء من قبائل العرب..
يجوز أن العالم في ضوء -تصورات العالم الجديد- لم يفقه كنه الشخصية العربية، فتتخبط الآراء وتكثر عناوين الأخبار حول النزاعات التي تنتشر في الوطن العربي، ثم يفسر ذلك بعض المفسرون أنها عصبية وإقصاء وعدم قبول الآخر، تلك التصورات التي تركد في الذهن العالمي والغربي بشكل خاص غير دقيق نظرا لما قمنا به من دراسات وتحليلات عن الشخصية العربية وتكوينها!
ومن هنا تجذرت تلك التصورات لديهم، وخاصة مع ظهور الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي يتبرأ منها تكوين وبنية الشخصية العربية، ولذا دأب المفسرون والباحثون على أن هذا الذود نوع من التعصب، فانتشر هذا المفهوم لعدم التحليل الدقيق للشخصية وبنيتها التي مازالت تنبض بماضيها القريب نظرا لسرعة التطور والتحديث.
إنها خاصية الذود عن المكان التي ظهرت في أبحاثنا ودراساتنا، لأن خاصية الانتماء متجذرة فيهم، الانتماء للنسب والانتماء للمكان الذي قد يحوي بعص المستجيرين والوافدين حتى أصبحوا بمرور الوقت من لحمة المكان عن طريق المصاهرة والسرارة والاستجارة وما إلى ذلك.
فلم تكن تلك التفرعات القبلية تقسيمات عائلية جينولوجية، وإنما هي تقسيمات كانت تحدد العلاقات السياسية والقانونية والتعاونية بين مختلف مكونات القبيلة آنذاك، فالعلاقات القبلية المفترضة لم تكن حينها سوى غطاء أيديولوجي يبرر ويعزز هذا الشكل التنظيمي الذي يندمج من ناحية الوظيفة إلى هيكل التشكيلات والكتائب العسكرية آنذاك؛ وبالتالي تكون الحميَّة على الأرض التي يعتبرها الفرد شرفه وعرضه، والذود عن الحِمَى أصبح عليهم وعن صلة الرحم، نوعاً من الشرف. وعليه لم يكن تعصباً، فالتعصب هو التحوصل داخل خلية تنبذ الغرباء أو التعصب لدين أو غريب، لأن النبذ والإقصاء غير وارد كما دونه الرحالة في كتبهم، بالرغم من أنهم يعتنقون ديناً مغايراً لدينهم.
شيء غريب بأن يكتب عنا الآخرون فلا نحلل وندرس كتاباتهم لكي يرى العالم تكويننا الأصيل فلا نوصم بما نوصم به الآن من فكر مغالط يرقد في قاع ذهن الفرد الغربي العادي ورجل الشارع منهم! ولذلك فهناك فرق دقيق بين قوة الانتماء للمكان الذي ذابت فيه الشخصية، وبين نبذ كل غير ذي صلة بأفكارهم ومعتقداتهم وجنسهم. فالأجداد وثقافتهم وتكوينهم لم يكونوا عدوانيين أو متعصبين ضد أي غريب بل هم قوم يركنون إلى المؤانسة والجماعة، ومن هنا ندرك الفرق بين الدفاع، والكراهية ونبذ الآخر الذي لا يحمل سماتهم الفكرية والعقائدية، وهذا الفرق الدقيق يكمن في عمق التفريق بين العصبة والعصبية، فالعصبة هي ترابط الجماعة على الخير والشر وعلى الحب والوئام أو على من انتهك قوانينهم ودساتيرهم، أما العصبية فهي نبذ الآخر الذي لا ينتمي إليهم وذلك غير وارد فيما استقرأناه في دراستنا الموسوعية (الجزيرة العربية الهوية.. المكان والإنسان).
وقد تكون العصبية فردية، كل يتعصب لرأيه ولأفكاره كما نراه متفشيا الآن في أي مكان في العالم، بينما نجد أنه لا مكان للفردية بينهم هؤلاء من قبائل العرب.
يقول تسينجر في كتابه فوق الرمال العربية والذي دوَّنه في مطلع القرن التاسع عشر: "إني دائم الحنين إلى الوحدة وذلك هو الشيء الوحيد الذي لا يشعر به البدوي طيلة حياته، فقد سألني الإنجليز كثيراً هل شعرت بالوحدة في الصحراء؟ إنني لم أشعر يوماً بالوحدة وأنا بين الأعراب، لقد زرت مدناً عربية لا يعرفني فيها أحد، ودخلت أسواق العرب، وكنت إذا حييت بائعاً دعاني إلى الجلوس معه وأرسل في طلب الشاي وانضم إلينا أناس كثيرون، يسألونني عن حال مقصدي ولا يكتفون بذلك بل توجه إليَّ الدعوات من مختلف الأفراد للغداء والعشاء!! ترى كيف يشعر مثل هذا العربي لو أنه زار إنجلترا لأول مرَّة؟ إني لأرثي له! فسيجد فارقاً بين عادات وعادات!".
وحينما يقول ابن خلدون: "لا يصدق دفاعهم وذيادهم إلا إذا كانوا عصبة وأهل نسب واضح، لأنه بذلك تشتد شوكتهم ويُخشى جانبهم.. وتعظم رهبة العدو" وهنا يقصد بالعدو ذلك المعتدي على الحِمى أو العرض والشرف.
فبطبيعة الحال وكما نرصده هو: إلى أي مدى تبلغ سلطة المكان؟ لما فرضته عليهم وحشة الصحراء وشدة اتساعها، ووعورة أراضيها تترك في النفس شيئاً من الترقب والحذر، وهذا شيء بدهي!
ولذا تتكون المجموعات، ليس أبناء عنصرية أو عصبية، وإنما للذود عن أحواضهم وعن شرفهم ضد أي اعتداء، ولذلك نجد ابن خلدون يرد ذلك إلى ضد الأعداء وتخويفهم للعدو، فقال (تعظم من رهبة العدو)، فالمسألة هنا تتعلق بالدفاع وليست بالتقسيم النفسي بين مجموعات الأفراد والجماعات والدفاع عن الأنساب والأصهار، فالعرب هم من يشتهرون بقري الضيف الغريب الذي لا يعرفونه، ويأنسون بالأغراب والأجانب كما ذكر تسينجر.
ولفنونهم ومعمارهم ذوق خاص وموغل، وعلى سبيل المثال ما نراه في معمار مدائن صالح، ومعابد البترا وكذلك حضارة إرم وتلك الهندسة المعمارية الرائعة، بأعمدتها التي ذكر المولى عز وجل أنه لم يخلق مثلها في البلاد ثم حضارة الدلمون تلك الحضارة القديمة في جزيرة البحرين وشرق الجزيرة العربية في الألفية الثالثة قبل الميلاد كما وعرفها السومريون بأرض الفردوس وأرض الخلود والحياة، والتي أدرجتها لائحة التراث العالمي عام 2019 بقرار من لجنة التراث العالمي.
كل ذلك يخلق نوعا من الذود عن الأرض وعن الحضارة كنوع من الشرف لدى العربي، هذا الشرف هو ما يذود عنه صاحب الأرض ومالك حضارتها وتاريخها الذي هو تاريخ الشخصية نفسها، بينما يبقى في تكوينه الشخصي ذلك الحب والوئام وإكرام الغرباء والجنح للسلام هو ما يميز الشخصية العربية بلا عصبية أو تعصب كما أُفتتئ عليها!
http://www.alriyadh.com/1906839]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
قد تكون العصبية فردية، كل يتعصب لرأيه ولأفكاره كما نراه متفشيا الآن في أي مكان في العالم، بينما نجد أنه لا مكان للفردية بينهم هؤلاء من قبائل العرب..
يجوز أن العالم في ضوء -تصورات العالم الجديد- لم يفقه كنه الشخصية العربية، فتتخبط الآراء وتكثر عناوين الأخبار حول النزاعات التي تنتشر في الوطن العربي، ثم يفسر ذلك بعض المفسرون أنها عصبية وإقصاء وعدم قبول الآخر، تلك التصورات التي تركد في الذهن العالمي والغربي بشكل خاص غير دقيق نظرا لما قمنا به من دراسات وتحليلات عن الشخصية العربية وتكوينها!
ومن هنا تجذرت تلك التصورات لديهم، وخاصة مع ظهور الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي يتبرأ منها تكوين وبنية الشخصية العربية، ولذا دأب المفسرون والباحثون على أن هذا الذود نوع من التعصب، فانتشر هذا المفهوم لعدم التحليل الدقيق للشخصية وبنيتها التي مازالت تنبض بماضيها القريب نظرا لسرعة التطور والتحديث.
إنها خاصية الذود عن المكان التي ظهرت في أبحاثنا ودراساتنا، لأن خاصية الانتماء متجذرة فيهم، الانتماء للنسب والانتماء للمكان الذي قد يحوي بعص المستجيرين والوافدين حتى أصبحوا بمرور الوقت من لحمة المكان عن طريق المصاهرة والسرارة والاستجارة وما إلى ذلك.
فلم تكن تلك التفرعات القبلية تقسيمات عائلية جينولوجية، وإنما هي تقسيمات كانت تحدد العلاقات السياسية والقانونية والتعاونية بين مختلف مكونات القبيلة آنذاك، فالعلاقات القبلية المفترضة لم تكن حينها سوى غطاء أيديولوجي يبرر ويعزز هذا الشكل التنظيمي الذي يندمج من ناحية الوظيفة إلى هيكل التشكيلات والكتائب العسكرية آنذاك؛ وبالتالي تكون الحميَّة على الأرض التي يعتبرها الفرد شرفه وعرضه، والذود عن الحِمَى أصبح عليهم وعن صلة الرحم، نوعاً من الشرف. وعليه لم يكن تعصباً، فالتعصب هو التحوصل داخل خلية تنبذ الغرباء أو التعصب لدين أو غريب، لأن النبذ والإقصاء غير وارد كما دونه الرحالة في كتبهم، بالرغم من أنهم يعتنقون ديناً مغايراً لدينهم.
شيء غريب بأن يكتب عنا الآخرون فلا نحلل وندرس كتاباتهم لكي يرى العالم تكويننا الأصيل فلا نوصم بما نوصم به الآن من فكر مغالط يرقد في قاع ذهن الفرد الغربي العادي ورجل الشارع منهم! ولذلك فهناك فرق دقيق بين قوة الانتماء للمكان الذي ذابت فيه الشخصية، وبين نبذ كل غير ذي صلة بأفكارهم ومعتقداتهم وجنسهم. فالأجداد وثقافتهم وتكوينهم لم يكونوا عدوانيين أو متعصبين ضد أي غريب بل هم قوم يركنون إلى المؤانسة والجماعة، ومن هنا ندرك الفرق بين الدفاع، والكراهية ونبذ الآخر الذي لا يحمل سماتهم الفكرية والعقائدية، وهذا الفرق الدقيق يكمن في عمق التفريق بين العصبة والعصبية، فالعصبة هي ترابط الجماعة على الخير والشر وعلى الحب والوئام أو على من انتهك قوانينهم ودساتيرهم، أما العصبية فهي نبذ الآخر الذي لا ينتمي إليهم وذلك غير وارد فيما استقرأناه في دراستنا الموسوعية (الجزيرة العربية الهوية.. المكان والإنسان).
وقد تكون العصبية فردية، كل يتعصب لرأيه ولأفكاره كما نراه متفشيا الآن في أي مكان في العالم، بينما نجد أنه لا مكان للفردية بينهم هؤلاء من قبائل العرب.
يقول تسينجر في كتابه فوق الرمال العربية والذي دوَّنه في مطلع القرن التاسع عشر: "إني دائم الحنين إلى الوحدة وذلك هو الشيء الوحيد الذي لا يشعر به البدوي طيلة حياته، فقد سألني الإنجليز كثيراً هل شعرت بالوحدة في الصحراء؟ إنني لم أشعر يوماً بالوحدة وأنا بين الأعراب، لقد زرت مدناً عربية لا يعرفني فيها أحد، ودخلت أسواق العرب، وكنت إذا حييت بائعاً دعاني إلى الجلوس معه وأرسل في طلب الشاي وانضم إلينا أناس كثيرون، يسألونني عن حال مقصدي ولا يكتفون بذلك بل توجه إليَّ الدعوات من مختلف الأفراد للغداء والعشاء!! ترى كيف يشعر مثل هذا العربي لو أنه زار إنجلترا لأول مرَّة؟ إني لأرثي له! فسيجد فارقاً بين عادات وعادات!".
وحينما يقول ابن خلدون: "لا يصدق دفاعهم وذيادهم إلا إذا كانوا عصبة وأهل نسب واضح، لأنه بذلك تشتد شوكتهم ويُخشى جانبهم.. وتعظم رهبة العدو" وهنا يقصد بالعدو ذلك المعتدي على الحِمى أو العرض والشرف.
فبطبيعة الحال وكما نرصده هو: إلى أي مدى تبلغ سلطة المكان؟ لما فرضته عليهم وحشة الصحراء وشدة اتساعها، ووعورة أراضيها تترك في النفس شيئاً من الترقب والحذر، وهذا شيء بدهي!
ولذا تتكون المجموعات، ليس أبناء عنصرية أو عصبية، وإنما للذود عن أحواضهم وعن شرفهم ضد أي اعتداء، ولذلك نجد ابن خلدون يرد ذلك إلى ضد الأعداء وتخويفهم للعدو، فقال (تعظم من رهبة العدو)، فالمسألة هنا تتعلق بالدفاع وليست بالتقسيم النفسي بين مجموعات الأفراد والجماعات والدفاع عن الأنساب والأصهار، فالعرب هم من يشتهرون بقري الضيف الغريب الذي لا يعرفونه، ويأنسون بالأغراب والأجانب كما ذكر تسينجر.
ولفنونهم ومعمارهم ذوق خاص وموغل، وعلى سبيل المثال ما نراه في معمار مدائن صالح، ومعابد البترا وكذلك حضارة إرم وتلك الهندسة المعمارية الرائعة، بأعمدتها التي ذكر المولى عز وجل أنه لم يخلق مثلها في البلاد ثم حضارة الدلمون تلك الحضارة القديمة في جزيرة البحرين وشرق الجزيرة العربية في الألفية الثالثة قبل الميلاد كما وعرفها السومريون بأرض الفردوس وأرض الخلود والحياة، والتي أدرجتها لائحة التراث العالمي عام 2019 بقرار من لجنة التراث العالمي.
كل ذلك يخلق نوعا من الذود عن الأرض وعن الحضارة كنوع من الشرف لدى العربي، هذا الشرف هو ما يذود عنه صاحب الأرض ومالك حضارتها وتاريخها الذي هو تاريخ الشخصية نفسها، بينما يبقى في تكوينه الشخصي ذلك الحب والوئام وإكرام الغرباء والجنح للسلام هو ما يميز الشخصية العربية بلا عصبية أو تعصب كما أُفتتئ عليها!
http://www.alriyadh.com/1906839]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]