تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : في مفهوم الاتصال ومراتبه



المراسل الإخباري
09-18-2021, 08:56
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png الاتصال في أوجز تعاريفه هو: (التقاء، أو ارتباط، أو تفاعل بين اثنين)؛ ولهذا فإن اللغويين الذين هم أضبط الناس في وضع الألفاظ، وتفسير معانيها، وكشف مدلولاتها، فتحوا أفق هذه الكلمة على فضاء رحب من المعاني، حتى صارت تطلق عندهم على مفهومات عديدة؛ فاتسعت بذلك حقولها الدلالية اتساعاً بيّناً، ويدل على ذلك أننا إذا نظرنا في معجم (العين) -على سبيل المثال- سنجد أن كلمة (وَصَلَ) وردت على هذا النحو: «وَصَلَ كل شيء اتصل بشيء»، هكذا بهذا العموم، والاتساع.
وفي (المعجم الوسيط): «اتصل الشيء بالشيء، مطاوع وصله به»، وأكثر اشتقاقات هذه الكلمة تشير إلى التقابل ثم التلاقي، ليس على المستوى الحسي فحسب، بل على المستوى المعنوي، والفكري، والنفسي، والعاطفي، ونحو ذلك؛ لهذا فإن مدلولات الاتصال ليست حكراً على المجال الإنساني فقط؛ إذ قد نلمس أثرها في مجال العلوم الطبيعية، والمجال العلمي التطبيقي، وتحديداً في الميدان الهندسي والكهربائي، ومن شواهد ذلك (الموصّلات) التي هي أجسام تنتقل من خلالها الكهرباء، وتتحرك منها، وإليها، ومن شواهد ذلك أيضاً (المواصلات) التي هي وسائل نقل تقلّنا من مكان إلى آخر.
ويعد (الاتصال) -بشكل عام- من لوازم الحياة؛ إذ لا بد من اتصال بين العبد، وربه، وبين الإنسان وبني جنسه، وقد يكون الاتصال بين الإنسان والحيوان، ولا سيما لدى الحيوانات الأليفة، وللشعراء في اتصالهم بالحيوان حديث طويل، بل إننا إذا تعمقنا في الجانب العلمي سنجد هناك اتصالاً بين الإنسان، والحيوان، والنبات، ومظاهر البيئة عموماً، ويمكن أن نرى في عملية (التركيب الضوئي) شاهداً؛ فالبناء الضوئي ظاهرة (بيولوجية) مهمة في حياة جميع المخلوقات الحية، وهي المصدر الرئيس لتكوّن (الأوكسجين)؛ لذلك فهي تقوم على اتصال متبادل ومتفاعل مع مصادر الحياة المتنوعة، ومن هنا ندرك أن للاتصال درجات ومستويات مختلفة.
لقد أصبح الاتصال البشري اليوم -بوصفه ذروة أنواع الاتصال- فنّاً من الفنون التي تكتسب بالدربة، والتمرس، والتعلم، ولم يعد الاتصال بين الناس مكالمة هاتفية، أو رسالة بريدية، أو حواراً عادياً، أو محاضرة علمية، أو نقاشاً فحسب، بل أصبح وسيلةً مهمة من وسائل الحياة، وعنصراً رئيساً من عناصرها؛ ولهذا فإن في كل جانب من جوانب الحياة اتصالاً يناسبه، سواء أكان ذلك الجانب علمياً، أم عملياً، أم سلوكياً، أم غير ذلك.
ويختلف الاتصال في طبقاته، ومراتبه، فأدناها (الاتصال السيئ) ذلك الذي لا يجيد فيه المُرسِلُ إيصال رسالته بشكل صحيح، فيقصر في ذلك دون المستوى المطلوب، وربما يسيء بقصدٍ، أو بغير قصد، وحينئذ نكون أمام درجات مختلفة من الاتصال السيئ أيضاً، تزداد انزلاقاً ووعورة كلما ساءت لغة الاتصال، واضطربت أدواته، وكيفياته.
وأعلى من ذلك أن يكون (الاتصال عاديّاً)، لا طعم فيه، ولا لون، يكتفي بأداء الرسالة دون تفاعل، أو حيوية، وأرفع منه أن يكون (الاتصال جيّداً) بأن يحقق الغاية، بطريقة مختصرة، وموجزة، وأميز من ذلك أن يأتي (الاتصال فعالاً) بأن يكون مؤثراً، وذا وظيفة تشويقية، وذروة سنام الاتصال أن يكون (الاتصال مذهلاً)، وذلك بأن يبهر المتلقي، ويشده بطريقة إغرائية، تجعله أكثر إعجاباً، وإطراباً.




http://www.alriyadh.com/1907836]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]