المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : راكبون إلى البحر!



المراسل الإخباري
10-01-2021, 22:33
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
وجب التنبيه بأن استهداف الشباب بالمخدرات هو الوسيلة الجديدة للهدم المنشود! فإذا ما كانت الأم موريا هي ذلك الانعكاس للوطن، كان البحر الهائج الذي يسلب الأبناء تباعا، ما هو سوى انعكاس للمخدرات في يومنا هذا..
لم يخلق الأدب إلا للمعرفة وللتأويل وللاستنتاج، ولقراءته في ظروف مغايرة، ثم النظر فيه لاستعادة تماسه مع الواقع المعيش، ليكن ذلك معدا لدورة حياة جديدة له في كل زمان ومكان، ليتم استثماره استثمارا معرفيا يعالج أمراض العصر ومشكلاته على كل الأوجه.
ولذا كان اختيارنا للنص الأدبي (راكبون إلى البحر) للكاتب الإيرلندي إدموند جون ميلينغتون سينغ ( 16 أبريل 1871 – 24 مارس 1909) ، للتأمل فيه ولتماسه مع التراجيديا المعاصرة فينا وفي وطننا العربي بأكمله، والذي أصبح في مرمى السهام المستمرة لكي يتم التدمير بشكل أو بآخر.
مسرحية راكبون إلى البحر التي نشرت عام 1903 ثم أنتجت عام 1904 والتي تدور أحداثها في جزر آران قبالة الساحل الغربي لإيرلندا والتي اعتبرها النقاد من أعظم مسرحيات القرن العشرين.
تقع أحداث المسرحية في فصل واحد أبطالها كل من موريا الأم والجد والأبناء الستة الذين التهمهم البحر في حدث تراجيدي كبير يجعل الواحد منا يعيد تأملها وقراءتها بحسب انعكاسها على الحياة التي نعيشها في تاريخنا المعاصر.
هذه الأم (موريا) التي صمدت أمام البحر وهو الطرف الآخر من قطب الصراع الذي يلتهم فيه البحر أبناءها واحدا تلو الآخر حتى انتصرت عليه فتقول للبحر بعد هذا الفقد الكبير: سأنام قريرة العين لأنه لم يعد لي أولاد تلتهمهم، ولذا عاشت بيننا موريا لبضع من الوقت إلا أنها عاشت فيها أكثر من قرن من الزمان نتاج هذا التصدي والقوة والصلابة والانتصار.!
لـقد أنجبت (موريا) أبناءها الستة خلال حياتها على جزيرة ساحلية تقع عند مصب خليج غالواي في أيرلندا، أربعة منهم لقوا حتفهم بالفعل، مع والدهم وجدهم، فبارتلي هو الأصغر بين أبناء موريا الستة، عندما تم تأكيد وفاة الابن مايكل، يتقدم ليصبح الدعم المالي الوحيد للعائلة. ثم نجد كاثلين هي الابنة الكبرى لابنة موريا، التي تبلغ من العمر 20 عامًا، تتعاطف مع موقف بارتلي وتحتقر خرافات والدتها، كما أن نورا أصغر أفراد العشيرة، نورا أكثر صبرًا مع ميل الأم للشفقة على نفسها من أختها الكبرى، في الوقت نفسه، توفر لكاثلين لوحة صوتية رائعة للتعبير عن وجهات نظرها المتناقضة. وبالرغم من عدم ظهور الكاهن على خشبة المسرح، إلا أننا نراه يعد الشخصية الحاضرة الغائبة المفجرة والمحركة للفعل الدرامي فكان وجوده حيويا جدًا للبنية الدرامية لدرجة أنه يجب اعتباره الشخصية الحاضرة الغائبة بقدر أهمية الدراما نفسها.
هذه النبذة عن المسرحية التي لا يتسع المقال لذكر أحداثها تجعلنا نستاءل: من هو البحر في وقتنا الحاضر ومن هي الأم وما الانعكاس الفعلي لاستدعاء مثل هذا العمل الدرامي؟
فإذا ما تساءلنا عن أحوال وطننا العربي وعن ما يعتريه من تقلبات بقصد هدمه في شكل تآمري لم يعد بخافٍ على أحد وأن هذا الطوفان المحدق بنا لم ينته بعد، وأن وطننا في خطر يعلمه الجميع برغم التصدي وبرغم الإصلاحات وبرغم النهوض في كثير من البلاد وبشكل ملحوظ، إلا أن شبابنا هو المستهدف وهذا واضح وغير جديد، لكن من نهضة الوعي التي بدت تتنامى أو قل في طريقها للنمو أصبحت هي الأمل في التصدي، إلا أنه يجب أن العلم بأن شبابنا لا يزال هو الهدف لتنفيذ المهمة الكبرى فقد أُستهدف الشباب فيما يسمى بالربيع العربي الزائف بشتى الوسائل، ولكن مع هذا التصدي اختلفت الأدوات وتنوعت الطرائق.
والآن وجب التنبيه بأن استهداف الشباب بالمخدرات هو الوسيلة الجديدة للهدم المنشود! فإذا ما كانت الأم موريا هي ذلك الانعكاس للوطن، كان البحر الهائج الذي يسلب الأبناء تباعا، ما هو سوى انعكاس للمخدرات في يومنا هذا، والتي يجب أن تتصدى بلادنا وجميع البلاد العربية لها، كما تصدت بقوة للتمويل وللعملاء وللإرهاب ولكل أدوات الهجوم الشرس عليها، ومن هنا أصبحت المخدرات في قراءتنا الجديدة للنص، ما هي إلا بحر سينج الإيرلندي، الذي يلتهم أبناء تلك المرأة واحدا تلو الآخر. فهذه الأم (الوطن) بطبيعة الحال تقف أمامنا عى حافة قطب الصراع فنستلهم منها تلك القوة التي لا تأتي مع أم يغرق أبناؤها تباعا، وبالتالي لا تأتي هذه القوة من امرأة هي أم عادية فطر قلبها على الرقة والحب والحنان والعاطفة، لكنها بهذا التكوين الذي صوره سينج هو تكوين الوطن الذي يتصدى ويقف؛ ومن هنا وجب تكثيف الحملات الدائمة -غير المنقطعة- للمخدرات التي باتت شرسة عما سبق ، فللإرهاب أوجه عدة والمخدرات أشرسها وأقواها وأشدها خطورة يجب التصدي وبقوة لهذا الخطر الداهم الذي يودي بحياة شبابنا فالأمر لم يعد كسابقة بل أصبح أداة من أدوات الحرب الشرسة، وأشد أداة من أدوات الإرهاب.




http://www.alriyadh.com/1910371]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]