المراسل الإخباري
10-07-2021, 22:36
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png استهل الأستاذ محمد بن زبن بن عمير (تـ1409هـ) -رحمه الله- مقدمة كتابه الجميل (حكايات من الماضي) بعبارات تؤكد على مسألة مصداقية المرويات الشعبية التي دوّنها، وذكر أن بعض الحكايات وإن بدت للقارئ من نسج الخيال أو تضمنت شيئاً من المبالغات إلا أنها واقعية «100 %». وتنبع ثقة ابن عمير بصحة المرويات من ثقته بالرواة الذين ينقل عنهم، فهو حريص على النقل عن الرواة الثقات الذين توقّف في مواضع معينة من كتابه للحديث عن تميزهم في الرواية، ففي تمهيده لقصة (المبصر الذي تحول كفيفاً ثم أبصر) يذكر اسم الراوي ويعدّد سماته قائلاً: «حدثني المرحوم محمد بن ناصر بن صقر السياري وهو من الرجال الأفاضل الذين يندر وجودهم لما يمتاز به من الصدق والعفة والكرم واللباقة وسلاسة الحديث في رواية القصة أو القصيدة. فقد كان رحمه الله لا يضمه مجلس إلا ويكون متصدره لتوفر هذه العناصر في شخصيته يرحمه الله».
اختبار المصداقية هو الاختبار الأهم والأخطر الذي يخشى أغلب الرواة ومدونو الروايات الشعبية الرسوب فيه؛ لأن ذلك يعني الطرد والإبعاد من مدرسة الرواية، فحين ينقل الراوي قصة تتسم بالعجائبية أو الغرابة يخالجه شعور بأن مصداقيته قد تكون مُهدّدة من فئة من المتلقين، لذلك من المألوف أن يعود دائماً للتذكير بمسألة صحة وواقعية مروياته. ففي ختام قصة (وبقي المعروف بين الرجال) يُذكّر ابن عمير قائلاً: «بقي أن تعرف عزيزي القارئ أن هذه القصة ليست من نسج الخيال، وإنما هي حقيقة واقعة أما أسماء أبطالها فمستعارة». ويتجلّى قلق الراوي بصورة أكبر في اختيار عناوين لا تكشف عن مضامين قصصه بقدر ما تكشف عن قلقه من التشكيك فيها أو الحكم عليها بحكم يؤدي لخفض نسبة مصداقيتها لما دون 100 %. ومن تلك العناوين العنوان الذي اختاره ابن عمير لإحدى القصص التي شهدها بنفسه، حيث وضع لها عنواناً طريفاً هو: (صدق أو لا تصدق)، فرغم أن لها شهوداً أشار لأسمائهم في السياق، ورغم وجود العديد من القصص الشعبية المشابهة لها، إلا أن إدراكه لوجود فئة تسارع للتشكيك في الأحداث العجيبة دفعه لهذا الاختيار، ودفعه أيضاً لختام القصة بالقول: «ربما يتصور البعض أن هذه القصة من نسج الخيال غير أني أحلف بالله أنها عين الحقيقة ومن حلف له بالله فليصدق».
ومن الأمور التي يلجأ إليها الرواة لتأكيد مصداقية مروياتهم، إضافةً إلى النقل عن الرواة الثقات وشهود العيان والحلف بالله، القصائد التي توثق أحداث القصة المروية، ففي كتاب (تحفة الجزيرة) يختتم الأستاذ محمد العزب (تـ1435هـ) -رحمه الله- قصة رواها بمخاطبة القراء: «وبعض الحكايات عزيزي القارئ تكون قريباً من الخيال لولا شاهدها وشاهدها هو القصيدة التي فصل بها هذا الحنشولي كل الوقعات التي مرت عليه».
وأعتقد أن هاجس السعي إلى المصداقية وتأكيدها لا يغيب عن أغلب الرواة والمدونين للتراث الشعبي، سواء أعبروا عنه صراحةً كما في مدونات ابن عمير وغيره، أو أخفوا ذلك الهاجس عن المتلقي خشية تفسيره تفسيراً خاطئاً.
http://www.alriyadh.com/1911455]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
اختبار المصداقية هو الاختبار الأهم والأخطر الذي يخشى أغلب الرواة ومدونو الروايات الشعبية الرسوب فيه؛ لأن ذلك يعني الطرد والإبعاد من مدرسة الرواية، فحين ينقل الراوي قصة تتسم بالعجائبية أو الغرابة يخالجه شعور بأن مصداقيته قد تكون مُهدّدة من فئة من المتلقين، لذلك من المألوف أن يعود دائماً للتذكير بمسألة صحة وواقعية مروياته. ففي ختام قصة (وبقي المعروف بين الرجال) يُذكّر ابن عمير قائلاً: «بقي أن تعرف عزيزي القارئ أن هذه القصة ليست من نسج الخيال، وإنما هي حقيقة واقعة أما أسماء أبطالها فمستعارة». ويتجلّى قلق الراوي بصورة أكبر في اختيار عناوين لا تكشف عن مضامين قصصه بقدر ما تكشف عن قلقه من التشكيك فيها أو الحكم عليها بحكم يؤدي لخفض نسبة مصداقيتها لما دون 100 %. ومن تلك العناوين العنوان الذي اختاره ابن عمير لإحدى القصص التي شهدها بنفسه، حيث وضع لها عنواناً طريفاً هو: (صدق أو لا تصدق)، فرغم أن لها شهوداً أشار لأسمائهم في السياق، ورغم وجود العديد من القصص الشعبية المشابهة لها، إلا أن إدراكه لوجود فئة تسارع للتشكيك في الأحداث العجيبة دفعه لهذا الاختيار، ودفعه أيضاً لختام القصة بالقول: «ربما يتصور البعض أن هذه القصة من نسج الخيال غير أني أحلف بالله أنها عين الحقيقة ومن حلف له بالله فليصدق».
ومن الأمور التي يلجأ إليها الرواة لتأكيد مصداقية مروياتهم، إضافةً إلى النقل عن الرواة الثقات وشهود العيان والحلف بالله، القصائد التي توثق أحداث القصة المروية، ففي كتاب (تحفة الجزيرة) يختتم الأستاذ محمد العزب (تـ1435هـ) -رحمه الله- قصة رواها بمخاطبة القراء: «وبعض الحكايات عزيزي القارئ تكون قريباً من الخيال لولا شاهدها وشاهدها هو القصيدة التي فصل بها هذا الحنشولي كل الوقعات التي مرت عليه».
وأعتقد أن هاجس السعي إلى المصداقية وتأكيدها لا يغيب عن أغلب الرواة والمدونين للتراث الشعبي، سواء أعبروا عنه صراحةً كما في مدونات ابن عمير وغيره، أو أخفوا ذلك الهاجس عن المتلقي خشية تفسيره تفسيراً خاطئاً.
http://www.alriyadh.com/1911455]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]