المراسل الإخباري
10-08-2021, 04:01
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
والذي اعتبره المفكرون إحدى ركائز إصلاح عصر النهضة، فنحن في عصرنا هذا نحتاج إلى فكر فلسفي وعقائدي يعمل على تلك المواءمة بين التيارات الثقافية وبين واقع الذوات الحاملة لتراث بعينه..
للأنس أوجه عدة، أنس معرفي، وأنس اجتماعي، وأنس نفسي؛ كما أن للخوف ذات الأوجه، والتقلب بين الوجهين خطر كبير على البنى الاجتماعية، فلم يمر عصر من العصور إلا وتناول فلاسفته سواء كانوا الفلاسفة المسلمين أو الغربيين لما في ذلك من أخطار داهمة.
هذا الهَّم، شديد الأهمية لاستقرار النفس ثم المجتمع، هي قضية هذا العصر الذي ساد فيه التنمر والترقب والتنافر وقد يصل الأمر إلى الستخدام العنف!
لقد غير الفيلسوف أوغسطين فكر العصور الوسطى، بطريقته في تحقيق الأنس المجتمعي، فكانت قضيته الأولى هي المواءمة بين الفكر الفلسفي والفكر الأفلاطوني وبين تعاليم الكتاب المقدس آنذاك، وهو ما نحتاج اليه الآن من ظهور مفكرين وفلاسفة للعمل على المواءمة بين الفكر الفلسفي والتيارات الثقافية وبين واقع الذوات الحاملة لتراث بعينه.
حينما نتحدث عن الأنس النفسي فهو الحاجة الدائمة إلى الشعور بالأمان والتخلص من الخوف والقلق والأنس بالآخر، ذلك أن الأنس هو سبيل الخلاص من الخوف، لأنه ذلك الفيروس المدمر لخلايا الابداع والفكر والنشاط المجتمعي وأيضا لعملية التواصل والاتصال في المجتمع.
القديس أوغسطينوس (13 نوفمبر 354 - 28 أغسطس 430 م)، كان أحد أهم الشخصيات المؤثرة، فكان راهبا بارزا وفيلسوفا مؤثرا في مجتمعه بتغيير مفاهيم التطرف الديني آذاك، حتى اعتبره العديد من البروتستانت، وخاصة الكالفنيون أحد منابع الإصلاح، حتى لاقت أفكاره رواجا في العصور الوسطى قبل مجيء الإسلام وهو بأفكاره من مهد لعصر النهضة ولفلاسفتها ولمفكريها في أوروبا، وخاصة تلك التأملات في اللاهوت مما أثر في قيام فلسفات تالية له مثل فلسفة مارتن لوثر، ذلك منذ العصور الوسطى حتى عصر الإصلاح الديني، وكذلك المبادئ الرئيسية للمعتقدات الإصلاحية لعصر النهضة.
فالرجل نهج منهج القدرية البحتة، وأن الخلاص والأنس ليس بيد أحد سوى الله وحده حتى لو كانت الكنيسة نفسها، بمعنى أن سعي الإنسان للخلاص لا يمكن أن يتحقق إلا بإرادة الله وفضله. فهو يقول في نهجه: (إن الإنسان من حيث هو في جوهره عاص آثم، فإنه يحقق الخلاص بالوسطية الدينية. غير أن أداء الشعائر الدينية، بل التزام الحياة الفاضلة، لا يكفيان لضمان الخلاص. ذلك لأنه لما كان الله خيراً كله والإنسان مخطئ، فإن منح الخلاص فضل إلهي، على حين أن منعه ليس بالشيء الذي يستحق اللوم) بحسب قوله،
ولذلك فقد تقلص دور الدراما والمسرح من ناحية القدرية اليونانية القديمة لما للآراء النقدية للسلوك البشري التي قد يكتفي بها الناس عن رسالة المسرح التي تتلخص في التعليم آنذاك، وإذا كان المسرح قد أرسى دعائم التطهير وتنقية النفس مما لحق بها من خوف وشفقة فإن الأنس بالله أنفع وأشمل، كما أنه يرى أن الخطاب الديني يؤكد أن الخلاص والأنس والمعرفة هبة من عند الله، وبهذا يكون الدين هو الوسيلة التي يحصل بها الفرد على الخلاص والحب للخير وللسلام بالأنس بالله ثم بالآخرين، فالخوف من الله هو سبيل للخلاص وبالتالي الحصول على المتعة نتيجة ذلك للتماس البشري القائم على العدل والحب والمشاركة.
وهذا يتفق أيضاً مع الفلسفة الإسلامية، فقد تناول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مبدأ الخلاص والأنس، حيث يرى أن الخلاص في إحسان العبادة. فمن عبد الله وأحسن إلى الناس فهذا قائم بحقوق الله وحق عباد الله في إخلاص الدين له، ومن طلب من العباد العوض، ثناءً، أو دعاءً أو غير ذلك لم يكن محسناً إليهم لله، ومن خاف الله فيهم، ولم يخفهم في الله كان محسناً إلى الخلق وإلى نفسه، ومن خافهم ولم يخف الله فهو ظالم لنفسه ولهم، لأنه إذا خاف دون الله احتاج أن يدفع شرهم عنه بكل وجه، إما بمداهنتهم ومراءاتهم، وإما بمقابلتهم بشيء أعظم من شرهم أو مثله، فتجد هذا الضرب كثير الخوف من الخلق، كثير الظلم إذا قدر، مهين ذليل إذا ُقهر، فهو يخاف الناس بحسب ما عنده من ذلك وهذا مما يوقع الفتن بين الناس.
وهذا هو رأي الفلسفة الإسلامية في الأنس وتفادي الاغتراب النفسي والمجتمعي وربط أواصر الحب والاتصال بين الأفراد ومن ثم بين الثقافات الأخرى، ولم يكن شيخ الإسلام ابن تيمية بمعزل عن آراء الفلاسفة المسلمين حيث إن العبادة والإخلاص في أمور الدين هو مبدأ الخلاص. إلا اننا نرى أن الرغبة في النزوح على مستوى الرغبة فقط قد تخل بمعايير الانتماء ومن الشقاء لتلك الحلقة المفرغة بين الذات وواقعها، ولعل للإعلام الغربي ونقله من قبل القنوات بدون هوادة، وذلك الانفتاح الإعلامي والعولمي قد صهر التلقي في بوتقة واحدة رغم اختلاف الذوات والثقافات، فالمجتمع الأمريكي على سبيل المثال تأثر حديثا بتلك الفلسفات المعاصرة كالتفكيكية والحداثة في ثوبها الجديد، فاتسم بهذه السمة لأنها نبعت منه هو دون غيره، بينما نحن نتعاطاها دونما تدبر فهي تنساب إلى دمائنا كحبات "الإسبرين"، وبالتالي تنتج ثقافة النزوح للمثالية العصرية وللعالم الأفضل من وجهة نظر أحادية لا تجد مجالا مغناطيسيا يحدها، فالغربة المعارفية والنفسية هي ما تحمل الخطاب هذا العبء في الوصول، ذلك لما للفكر الفلسفي من دوامات جاذبة في تكوين النفس البشرية وتوجهاتها. وبما أن قضية أوغسطين الأولى هي المواءمة بين الفكر الفلسفي والفكر الأفلاطوني وبين تعاليم الكتاب المقدس، والذي اعتبره المفكرون إحدى ركائز إصلاح عصر النهضة، فنحن في عصرنا هذا نحتاج إلى فكر فلسفي وعقائدي يعمل على تلك المواءمة بين التيارات الثقافية وبين واقع الذوات الحاملة لتراث بعينه.
http://www.alriyadh.com/1911661]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
والذي اعتبره المفكرون إحدى ركائز إصلاح عصر النهضة، فنحن في عصرنا هذا نحتاج إلى فكر فلسفي وعقائدي يعمل على تلك المواءمة بين التيارات الثقافية وبين واقع الذوات الحاملة لتراث بعينه..
للأنس أوجه عدة، أنس معرفي، وأنس اجتماعي، وأنس نفسي؛ كما أن للخوف ذات الأوجه، والتقلب بين الوجهين خطر كبير على البنى الاجتماعية، فلم يمر عصر من العصور إلا وتناول فلاسفته سواء كانوا الفلاسفة المسلمين أو الغربيين لما في ذلك من أخطار داهمة.
هذا الهَّم، شديد الأهمية لاستقرار النفس ثم المجتمع، هي قضية هذا العصر الذي ساد فيه التنمر والترقب والتنافر وقد يصل الأمر إلى الستخدام العنف!
لقد غير الفيلسوف أوغسطين فكر العصور الوسطى، بطريقته في تحقيق الأنس المجتمعي، فكانت قضيته الأولى هي المواءمة بين الفكر الفلسفي والفكر الأفلاطوني وبين تعاليم الكتاب المقدس آنذاك، وهو ما نحتاج اليه الآن من ظهور مفكرين وفلاسفة للعمل على المواءمة بين الفكر الفلسفي والتيارات الثقافية وبين واقع الذوات الحاملة لتراث بعينه.
حينما نتحدث عن الأنس النفسي فهو الحاجة الدائمة إلى الشعور بالأمان والتخلص من الخوف والقلق والأنس بالآخر، ذلك أن الأنس هو سبيل الخلاص من الخوف، لأنه ذلك الفيروس المدمر لخلايا الابداع والفكر والنشاط المجتمعي وأيضا لعملية التواصل والاتصال في المجتمع.
القديس أوغسطينوس (13 نوفمبر 354 - 28 أغسطس 430 م)، كان أحد أهم الشخصيات المؤثرة، فكان راهبا بارزا وفيلسوفا مؤثرا في مجتمعه بتغيير مفاهيم التطرف الديني آذاك، حتى اعتبره العديد من البروتستانت، وخاصة الكالفنيون أحد منابع الإصلاح، حتى لاقت أفكاره رواجا في العصور الوسطى قبل مجيء الإسلام وهو بأفكاره من مهد لعصر النهضة ولفلاسفتها ولمفكريها في أوروبا، وخاصة تلك التأملات في اللاهوت مما أثر في قيام فلسفات تالية له مثل فلسفة مارتن لوثر، ذلك منذ العصور الوسطى حتى عصر الإصلاح الديني، وكذلك المبادئ الرئيسية للمعتقدات الإصلاحية لعصر النهضة.
فالرجل نهج منهج القدرية البحتة، وأن الخلاص والأنس ليس بيد أحد سوى الله وحده حتى لو كانت الكنيسة نفسها، بمعنى أن سعي الإنسان للخلاص لا يمكن أن يتحقق إلا بإرادة الله وفضله. فهو يقول في نهجه: (إن الإنسان من حيث هو في جوهره عاص آثم، فإنه يحقق الخلاص بالوسطية الدينية. غير أن أداء الشعائر الدينية، بل التزام الحياة الفاضلة، لا يكفيان لضمان الخلاص. ذلك لأنه لما كان الله خيراً كله والإنسان مخطئ، فإن منح الخلاص فضل إلهي، على حين أن منعه ليس بالشيء الذي يستحق اللوم) بحسب قوله،
ولذلك فقد تقلص دور الدراما والمسرح من ناحية القدرية اليونانية القديمة لما للآراء النقدية للسلوك البشري التي قد يكتفي بها الناس عن رسالة المسرح التي تتلخص في التعليم آنذاك، وإذا كان المسرح قد أرسى دعائم التطهير وتنقية النفس مما لحق بها من خوف وشفقة فإن الأنس بالله أنفع وأشمل، كما أنه يرى أن الخطاب الديني يؤكد أن الخلاص والأنس والمعرفة هبة من عند الله، وبهذا يكون الدين هو الوسيلة التي يحصل بها الفرد على الخلاص والحب للخير وللسلام بالأنس بالله ثم بالآخرين، فالخوف من الله هو سبيل للخلاص وبالتالي الحصول على المتعة نتيجة ذلك للتماس البشري القائم على العدل والحب والمشاركة.
وهذا يتفق أيضاً مع الفلسفة الإسلامية، فقد تناول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مبدأ الخلاص والأنس، حيث يرى أن الخلاص في إحسان العبادة. فمن عبد الله وأحسن إلى الناس فهذا قائم بحقوق الله وحق عباد الله في إخلاص الدين له، ومن طلب من العباد العوض، ثناءً، أو دعاءً أو غير ذلك لم يكن محسناً إليهم لله، ومن خاف الله فيهم، ولم يخفهم في الله كان محسناً إلى الخلق وإلى نفسه، ومن خافهم ولم يخف الله فهو ظالم لنفسه ولهم، لأنه إذا خاف دون الله احتاج أن يدفع شرهم عنه بكل وجه، إما بمداهنتهم ومراءاتهم، وإما بمقابلتهم بشيء أعظم من شرهم أو مثله، فتجد هذا الضرب كثير الخوف من الخلق، كثير الظلم إذا قدر، مهين ذليل إذا ُقهر، فهو يخاف الناس بحسب ما عنده من ذلك وهذا مما يوقع الفتن بين الناس.
وهذا هو رأي الفلسفة الإسلامية في الأنس وتفادي الاغتراب النفسي والمجتمعي وربط أواصر الحب والاتصال بين الأفراد ومن ثم بين الثقافات الأخرى، ولم يكن شيخ الإسلام ابن تيمية بمعزل عن آراء الفلاسفة المسلمين حيث إن العبادة والإخلاص في أمور الدين هو مبدأ الخلاص. إلا اننا نرى أن الرغبة في النزوح على مستوى الرغبة فقط قد تخل بمعايير الانتماء ومن الشقاء لتلك الحلقة المفرغة بين الذات وواقعها، ولعل للإعلام الغربي ونقله من قبل القنوات بدون هوادة، وذلك الانفتاح الإعلامي والعولمي قد صهر التلقي في بوتقة واحدة رغم اختلاف الذوات والثقافات، فالمجتمع الأمريكي على سبيل المثال تأثر حديثا بتلك الفلسفات المعاصرة كالتفكيكية والحداثة في ثوبها الجديد، فاتسم بهذه السمة لأنها نبعت منه هو دون غيره، بينما نحن نتعاطاها دونما تدبر فهي تنساب إلى دمائنا كحبات "الإسبرين"، وبالتالي تنتج ثقافة النزوح للمثالية العصرية وللعالم الأفضل من وجهة نظر أحادية لا تجد مجالا مغناطيسيا يحدها، فالغربة المعارفية والنفسية هي ما تحمل الخطاب هذا العبء في الوصول، ذلك لما للفكر الفلسفي من دوامات جاذبة في تكوين النفس البشرية وتوجهاتها. وبما أن قضية أوغسطين الأولى هي المواءمة بين الفكر الفلسفي والفكر الأفلاطوني وبين تعاليم الكتاب المقدس، والذي اعتبره المفكرون إحدى ركائز إصلاح عصر النهضة، فنحن في عصرنا هذا نحتاج إلى فكر فلسفي وعقائدي يعمل على تلك المواءمة بين التيارات الثقافية وبين واقع الذوات الحاملة لتراث بعينه.
http://www.alriyadh.com/1911661]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]