المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مغالطة الاحتكام إلى سُلطة



المراسل الإخباري
10-10-2021, 22:37
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png حينما تُسند حجة أو نتيجة إلى رأي خبير أو سُلطة ما بدلاً عن برهان أو دليل؛ فإنها تكاد تعتبر أسرع المغالطات المنطقية تعرفاً ثم نقضاً!
يقع البعض في مغالطة "الاحتكام إلى سُلطة" حينما يؤمن أن وجود سند سُلطة لأي فكرة أو قضية هو سبب صدقيتها! ويتجاهل ضرورة وجود البيّنة، رغم أن الفكرة بحد ذاتها قد تكون صائبة، لكن ذلك ليس له علاقة بسُلطة متبنيها، سواء كانت سُلطة دينية أو علمية أو اجتماعية أو غير ذلك. كالقول: إن العِطر الفلاني هو الأفضل لأن الفنان الشهير فلاناً يقول ذلك! أو الاستشهاد بقانون نظامي أو نص ديني!
هذه المغالطة التي يطلق عليها أيضاً: "التوسل للمرجعية"، تحدث لأن أغلبنا غير مختص في معظم الشؤون، وننزع إلى الاقتداء بالشخصيات المرموقة، ما يمنحنا شعور الأمان الموثوق، وبالذات إذا كان المرجع متخصصاً في مجاله، مع التركيز على إبراز مرجعية مؤهلات سُلطته، مثل ذكر سنوات الخبرة أو تخرجه من جامعة مرموقة، أو حتى ظهوره المتكرر في وسائل الإعلام.
لكن حتى لو كانت المرجعية علماً في مجالها، كالاستدلال برأي فقهي لعالم شرعي، ومداخلة طبيب استشاري في مجاله، فهذه الصفة بشكلها المفرد ليست دليلاً على صحة الرأي! مثل ما حدث حينما أعلن عالم الحيوان الأميركي "تيوفيلوس بينتر" أن البشر يمتلكون 24 زوجاً من الكروموسومات! وظل الأمر مستمراً بناء على مرجعيته، على الرغم من أن عمليات العد اللاحقة صححت العدد ليمسي 23 زوجاً، لكن للأسف كان تأثيره كبيراً على جمهرة واسعة من العلماء، الذي فضلوا تصديق رقمه بدلاً عن الدليل الفعلي! أيضاً لابد أن لا نتجاهل وجود الاختلاف بين الخبراء أنفسهم وسياق أعمالهم والمدرسة التي يرجعون إليها. ناهيك أنه أضحى من السهل اليوم أن يجد المرء خبيراً يدعم أي رأيٍ يراه مهما كان خاطئاً!
وقد تتطرف هذه المغالطة حينما يحتكم لآراء فقط لأن قائلها شخص أجنبي وليس من بني جلدتنا! وهو ما يتكرر في نقاشات منصات التواصل الاجتماعي، حيث تطرح أسماء شخصيات أجنبية لتأكيد صحة الأمر، من دون التأكد من صدق الرواية، فضلاً عن وجود الشخصية من عدمها!
المأساة هنا استغلال مغالطة الاحتكام للسُلطة عبر التوسل بمرجعية ليست مرجعية معتبرة! مثل الاحتجاج برأي عالم فيزياء في شأن ثقافي أو مغنّ في حلول تقنية أو حتى الاستشهاد بآراء دجالي العلوم الزائفة! ومن نافلة القول إن تلك آراء لا اعتبار لها.
من المقبول حينما تنقصنا الخبرة وتعوزنا المعرفة أن نحتكم إلى سلطة الخبراء في مجالهم، بل قد تكون فرصة للوصول إلى التوافق بعد اتفاق طرفي الجدال على مصداقية المرجع، مع التأكيد أن آراء أولئك المراجع تبقى في النهاية آراء شخصية تقبل الخطأ والصواب، وليس مسلمات تأكدت بالتجربة والبرهان.




http://www.alriyadh.com/1911952]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]