المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قتامة الرؤية



المراسل الإخباري
10-28-2021, 21:58
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
من أهم شؤون الحياة التي تتأثر سلباً بضعف الرؤية وقتامتها الشؤون الأسرية، فالأسرة هي المحضن الآمن الذي لا غنى عنه، وباستقرار أمورها وجريانها على نظام ملتئم تسود الطمأنينة ويحصل من المصالح ما لا يُحصى، وباختلالها تتراكم المتاعب وتتوالد المفاسد آخذاً بعضها برقاب بعض، ومن أسباب استقرارها ثقوب بصيرة الزوجين، وتثمين ما عند الطرف الآخر من المحاسن..
يحتاج الإنسان في هذه الحياة إلى اجتهادٍ في التزود للمعاد وكدٍّ للمعاش، وقد هيئت له أسباب متنوعة إذا أخذ بها أفضت به -إن شاء الله- إلى ما كُتب له من ذلك، ومن هذه الأسباب استعمال بصيرته في إدراك النافع؛ ليطلبه ويحافظ عليه إن هو حصل له، وإدراك الضار؛ ليجتنبه ويحاول التخلص منه إن كان قد تلبّس بشيءٍ منه، وما كان له أن يعطل موهبة النظر والتفكر لحساب العاطفة والتشهي، وقد كثر في القرآن الكريم الأمر بالنظر والاعتبار كقوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ)، فلا بد للمسلم من التأمل والاعتبار والنظر في مآلات الأمور والاستفادة من جميع ذلك في شؤونه، ومن فرَّط في ذلك أصيب بقتامة رؤيته، فلم يتمكن من رؤية الأمور على ما هي عليه، وحريٌّ بضعيف الرؤية -إن لم يعتمد على غيره- أن يضل طريق السلامة، ولي مع قتامة الرؤية وقفات:
أولاً: تتراكم على بصيرة بعض الناس غشاوة تحول دون إدراك قيمة بعض الأشياء القيِّمة، ومهما غفل الإنسان عن قيمة الشيء النافع كان عرضة لأن يفوته؛ فالشأن في الأشياء القيمة أن تُنال بالجدِّ والمثابرة، وأنّى لمن لا يرى أهميتها أن ينالها؟ وما من نافعٍ يفوت إلا وفي فواته مصيبتان حلّتا بمن فاته: إحداهما ما حُرم من المنافع، والأخرى ما يمكن أن يشغل به وقته واهتمامه من مضارَّ لو اشتغل بالنافع لانكفَّ عنها، لكن أخطر ما في الأمر أن يُصاب الإنسان بمرض قتامة الرؤية عن إدراك قيمة الأمور الضرورية، فهذه هي المعضلة الكبرى، وقد ابتلي به الناس قديماً وحديثاً، وتتمثل في الغفلة عما ينجو به الإنسان في آخرته ودنياه، كالغفلة عن أهمية سلامة الدين الذي هو عصمة أمر الإنسان، والغفلة عن أهمية الحفاظ على ضروريات المعاش من نفسٍ ومالٍ وعرضٍ وعقلٍ، وصيانة هذه الأمور -سواء أمور الدين وأمور المعاش- لا بد لها من التمسك بغرز الجماعة والابتعاد عن الشذوذ وسدِّ جميع أبواب المشاغبة على وليِّ الأمر بأي أسلوبٍ من الأساليب، فمن ظنَّ أن مصلحة -معينة له أو لغيره ولو تخيلها مصلحة عامة- توازي مصلحة الاستقرار والأمن ووحدة الصف فليعلم أنه مريضٌ بقتامة الرؤية، وليعلم أنه كالذي طرأ عليه العمى وهو في الشارع فإما أن يقف حيث هو ويطلب مساعدة فينجو، وإما أن يُعاند ويمشي فيهلك ويُعرِّضَ غيره للهلاك.
ثانياً: من أهم شؤون الحياة التي تتأثر سلباً بضعف الرؤية وقتامتها الشؤون الأسرية، فالأسرة هي المحضن الآمن الذي لا غنى عنه، وباستقرار أمورها وجريانها على نظام ملتئم تسود الطمأنينة ويحصل من المصالح ما لا يُحصى، وباختلالها تتراكم المتاعب وتتوالد المفاسد آخذاً بعضها برقاب بعض، ومن أسباب استقرارها ثقوب بصيرة الزوجين، وتثمين ما عند الطرف الآخر من المحاسن، وما يتوفر معه من المصالح، مع إدراك أنه بشرٌ لا يخلو التعامل معه من الحاجة إلى بعض الإغضاء والتحمُّل، ومن أسباب اختلال منظومة الأسرة قتامة رؤية أحد الطرفين، فيظن أنه عقد هذا الميثاق الغليظ على أن البيت مكانٌ لا كَدَرَ فيه، بل هو صفوٌ محضٌ، والعجب أن من يُضخِّم الأخطاء ويُهوِّن المحاسن أو يتجاهلها أساساً لو عومل بهذه المعاملة لرماه كل الناس في سلة الإهمال، فكيف يُحاكمُ غيره إلى معيارٍ لو خضع له لاعتقَدَ أنه مظلومٌ، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمرٍ جامعٍ في هذا الموضوع، وهو النظر في الجانب المشرق فقال: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ثالثاً: يُعاني بعض الناس من قتامة الرؤية فيما يتعلق بواجب شكر النعم، فلا يكاد يُدرك ما يتمتع به من النعمة التي يغبطها عليه (بل يحسده بعضهم الحسد الكاشر عن أنيابه) كثيرٌ من الناس، وهذا النوع من قتامة الرؤية إنما ضعفت فيه الرؤية لأن المبتلى به ركَّز تفكيره وحواسه على من فوقه، وانشغل بتتبع أوضاعهم والمقارنة بينه وبينهم مستنكفاً الفرق الحاصل، ولما ركَّز على هذه الناحية التي لا ينبغي التركيز عليها ضعفت رؤيته للناحية الأخرى المطلوب دوام التأمل فيها وحسن تقديرها، وهي ناحية مَنْ دونَهُ وما له عليهم من مزايا بها يظهر ما يتمتع به من المواهب، ومن نظر إلى من فوقه ولم ينظر إلى مَنْ دونَهُ فقد خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ مِمَّنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ» متفق عليه.




http://www.alriyadh.com/1915387]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]