المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في مصطلح (القصة الومضة) وتجنيسها



المراسل الإخباري
11-27-2021, 23:01
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png يدلُّ النص القصصي القصير جداً الذي يرمز إليه ب (ق.ق.ج) على جنس من الأجناس الأدبية المستحدثة التي تفرّعت عن جنس القصة، وقد تميز هذا اللون الأدبي الجديد بكثرة مبدعيه، حيث يجمع أسلوبه بين الإيجاز، والإمتاع، وقد تناسب ذلك الشكل مع عصر التطور الحديث الذي نعيشه اليوم، فأسلوب هذا الفن الجميل يتيح لقليلي المطالعة الإقبال على القراءة مجدداً، والتواصل مع المعرفة والإبداع من جديد، ولذلك يمكن القول: إن هذا الفن بصرف النظر عن جمالياته، هو عون معرفي، وثقافي، وإنساني، يساعد المرء على بعث القراءة في نفسه من جديد.
غير أن هنالك إشكالاً كبيراً ما زال النقاد يواجهونه في تجنيس هذا اللون الأدبي، وتحديده، ووضع اسم جامع له، يتفق عليه النقاد والمبدعون، وليس الأمر بهذه الصعوبة، فالتجنيس ليس إجراءً معقّداً إلى هذا الحد، وهو أمر متعارف عليه منذ القديم مع أرسطو، ومن جاء بعده، وإن كان أكثر النقاد اليوم في تجنيسهم العام يطلقون على هذا النص القصصي الموجز أوصافاً معينة، ورموزاً محدودة، على استحياء، كـــــ (الفلاشة – الومضة – الوامضة - اللقطة)، ونحو ذلك من النعوت التي هي في الحقيقة أكثر جمالاً من وصفها العام بالقصر.
وأميل شخصياً إلى مصطلح (القصة الومضة)، فهو أدق هذه الأوصاف وأقربها إلى روح (القصة القصيرة جداً)، وهو المصطلح الذي ينبغي أن يلتزمه أكثر النقاد والمبدعين، وذلك لأسباب أهمها: أن في لفظة (الومضة) بعداً تراثياً وجمالياً عميقاً يحيل مجازاً على منظر (البرق الخاطف) الذي يتسم بالسرعة مع الجمال في آن، وقد صوّر امرؤ القيس في معلقته هذا المنظر في قوله:
أصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيْكَ وَمِيْضَـه
كَلَمْـعِ اليَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّـلِ
من هنا كانت التسمية - في نظري - أكثر شعريةً وأدبيةً من الأوصاف الرياضية الحسابية (قصيرة - قصيرة جداً)، لكن علينا أن نتفق من الناحية التجنيسية على وصف أكثر جمالية، كالومض مثلاً، أو الاقتضاب، أو السطوع، أو النصوع، وعليه فإن وصف القصة القصيرة جداً بالقصة الوامضة، أو المقتضبة، أو الساطعة، أو الناصعة، هي أوصاف أليق بجنس أدبي قصير ينشد العمق، والتكثيف، والإيجاز، والتلميح، والإدهاش، على أن النقاد ما زالوا متأرجحين في تجنيسهم هذا النوع الأدبي المواكب، ولا سيما في هذه المرحلة التي يمكن أن نعدها مرحلة استواء النوع ونضوجه.
وتبدو جمالية القصة الومضة في كونها لقطة فنية مكثفة تستند - في تصوري - على أركان أربعة هي: الحجم الموجز، والرمز المكثف، واللون الحكائي، واللغة المميزة، وفي رأيي أن إطلاق كلمة (جنس أدبي قصصي فرعي) قد تكون تسمية دقيقة أيضاً في الإطار العام للجنس القصصي، وبخاصة إذا أخذناها من التصور (الباختيني) نسبة إلى (ميخائيل باختين) للأجناس الروائية الفرعية، حينما قسّمها إلى رواية رسائلية، وتاريخية، وسيرية، وغيرها؛ من هنا فإنه بوسعنا الانطلاق من هذا التصور المشابه، وتطبيقه على القصة في إطارها الأعم، وتفريع أجناس قصصية فرعية منها، من قبيل: القصة القصيرة، والقصة الومضة، والقصة القصيدة، أو القصة الشاعرة، والقصة العالمة، والقصة المؤرخة، والقصة الرسائلية، أو المترسلة، ونحوها، وتبقى (القصة الومضة) الأنسب وصفاً لحجم القصة القصيرة جداً، حتى وإن اختلف النقاد والمبدعون.




http://www.alriyadh.com/1920787]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]