المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هكذا أصبحنا يا ديفيد



المراسل الإخباري
12-15-2021, 23:10
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png شاهدت مقطعاً طريفاً يعود للعام 1995 يستضيف فيه الإعلامي الأميركي ديفيد ليترمان أيقونة التكنولوجيا بيل غيتس، ليسأله عن الثورة الاتصالية الجديدة المسماة بـ"الإنترنت". كان الحوار يبدو وكأن بيل غيتس سافر عبر الزمن إلى تلك الحقبة في الماضي ليشرح لديفيد ما نعيشه الآن. ليترمان بأسلوبه الطريف الساخر أخذ ينتقد شبكة الإنترنت من حيث إنها لن تأتيَ بجديد وأن ما تقدمه يستطيع الحصول عليه من مصادر أخرى كالتلفزيون والراديو والصحف، وعندما أخبره بيل بأن بإمكانه أيضاً أن يجد أشخاصاً يشاركونه اهتماماته ليتحدث معهم؛ رد عليه ليترمان "هل تعني غرف الدردشة التي يستخدمها الانطوائيون المضطربون؟".
ما لم يكن يعرفه ديفيد ليترمان ذلك الوقت أن سكان العالم بأكملهم سيدخلون هذه الغرف بطريقة أو بأخرى. وأن أشكالها تغيرت من مواقع دردشة إلى أوعية أخرى على هيئة تويتر، سناب شات، انستغرام وغيرها، ولم يعد يقصدها الانطوائيون والمضطربون فقط، ولم تعد ملاذاً لتفريغ العقد والأمراض النفسية والجوانب المظلمة من البشر عبر التخفي وراء أسماء مستعارة، بل أصبح العالم يتنافسون للشهرة من خلالها مقدمين تضحيات وتنازلات لا تكاد تصدق لمجرد زيادة عدد المشاهدات والمتابعين وبالتالي جني المزيد من الأرباح.
المنافسة على شبكات التواصل الاجتماعي الآن هي معاملات بيع وشراء لكن لا تحكمها أي مبادئ أو قيم، عملية تشبه تلك المهن الرخيصة التي يباع فيها الجسد مقابل المتعة، وفي هذا السوق الافتراضي، هناك الكثير ممن هو على استعداد لهتك أسرار بيته، وعرض أدق خصوصياته، وتصوير تفاصيل جسده، وفضح عائلته وتقديم غيرها من التنازلات المقززة كوسيلة للربح السريع والسهل.
وليس ضرباً من الطوباوية والمثالية أن نقول إن الثقافة الجديدة التي فرضتها منصات التواصل تتشكل بسرعة مخيفة عالمياً وتصبغ هوية الأجيال الصغيرة، ناهيك عن الأجندات المشبوهة التي تحاول تكريسها أشهر منصة لعرض الأفلام والمسلسلات والتي أصبحت جلية وواضحة، كل ذلك يشكل تحدياً كبيراً أمام المربين ومن يحاولون حماية الأجيال من التشوه الأخلاقي والقيمي.
وأخيراً، هذه المنصات هي مجرد وسيلة قابلة للاستخدام بطريقة بناءة أو هدامة، ما يحكم ذلك هو المحتوى المقدم، وإذا كانت المواد الغرائبية والفضائحية هي ما تنزع له الرغبة البشرية في العادة، فمن الممكن التحكم في مثل هذا المحتوى وضبطه وقد بدأت دول بالفعل في هذه الإجراءات، ومن المهم أيضاً الإشارة إلى أن هنالك الكثير من المحتويات الملهمة والإيجابية التي تساعد في تعزيز البنية الأخلاقية، لكن تسيد التفاهة والمحتوى الهابط يحتاج لمواجهة صارمة إذا أردنا أن نحافظ على قيم تطلب بناؤها عقوداً طويلة.




http://www.alriyadh.com/1924067]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]