المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخيال والحقيقة



المراسل الإخباري
12-20-2021, 01:12
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
حديثنا هنا هو عن الفرق بين الحقيقة وبين خيال الصورة والطيف المرئي في الأجهزة، فكان علينا أن نضع لاستثناءات أهل الفقه والعلم اعتبارًا في طرحنا ووعظنا، ونعطي للمسألة حجمها الفقهي المناسب، دون شطط..
في جوابه على سؤالٍ سأله إياه أحدهم أجاب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله جوابًا لم يكن ليلفت نظر أحدٍ آنذاك، وذلك لما كانت عليه "الثورة الرقمية" في بداية ملامستها وانتشارها في المجتمعات، وانشغال الناس وأوساط الفقه وطلبة العلم بترسيخ التخوف وتغليب جانب المنع، لكنّ ذلك الجواب منه رحمه الله هو كغيره من المسائل والفتاوى والتأصيلات المغمورة في رفوف المكتبات الفقهية، والتي من الممكن الاستفادة منها في التفريق بين "الحقيقة" التي بنى عليها فقهاء السلف آراءَهم وتأصيلاتهم وبين الخيال الذي داهمنا في عصر "الإنترنت" لإطلاق الأحكام الشرعية وحتى الأحكام القضائية، وهذا يتطلب المهارة في استخراج مقاصد الفقه من آراء أهل العلم دون اعتبار "العاطفة المجتمعية" التي دائمًا ما تبنى على عفويات اجتماعية وتصرفات حماسية لا تراعي ما سُطّر وأُصّل في قواعد الفقه وأصوله. من ذلك ما نحن بصدده من إجابة الشيخ رحمه الله حين سُئل عن قول الله «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم».الآية. هل يدخل في ذلك النظر في التلفاز؟ وهذا سؤال وجيه وبحاجة إلى إجابة علمية وليست عاطفية. ونحو التلفاز هذه الوسائل الأخرى التي تظهر فيها الصور ومقاطع الفيديو، وقد يكون من المعروض عليه صور نساء أو مقاطع فيديو وغيرها، فكان جوابه رحمه الله: "الآية لا شك أنها في الأصل في النظر إلى النساء، نظر الرجال إلى النساء ونظر النساء إلى الرجال، هذا هو الأصل. وأما ما يعرض في التلفاز فإن كان الإنسان ينظر إليه نظر تمتع وشهوة فلا شك في التحريم، وأما إذا كان ينظر إليه نظرًا عادياً ففي النفس منه شيء" انتهى جوابه!.
وهذا جواب من عمق التأصيل، ويفرق في الحكم بين النظر إلى الحقيقة، مع "اعتبار خلاف الفقهاء في النظر إلى وجه المرأة بغير شهوة" فهو يقرر حكمًا آخر، يخالف تمامًا ما عليه بعض الوعاظ من الزجر والتهويل والتوبيخ في هذه المسألة، بحيث أوقعوا كثيراً من الشباب في إحساسهم بالذنب من مجرد النظر واستمرائه، والنظر إلى ذواتهم بعين "العاصي المصر" والحقيقة ليست كذلك بالضبط، فهناك من النظر ما يصاحبه شهوة وفعل معصية، وهذا لا شك في دخوله في الآية، ولكن الأكثر من ذلك هي تلك الصور والمقاطع التي تصاحب كثيراً من البرامج التعليمية والإخبارية وفي اليوتيوب وفي التيك توك وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أصبح فيها العنصر النسائي هو الأكثر، وربما يجد المشاهد ضالته من معلومة تشرحها امرأة قد يبدو وجهها وغير وجهها كما هي الحال في بعض بلاد غير المسلمين، والتي لا تمانع عادات شعوبها من ذلك، لكننا ومع ما يمليه علينا ديننا من آداب نجد في نفوسنا أن النظر يختلف بين الحقيقة والخيال، وإن كان كثير من الفقهاء يفرق في النظر بين الحرة والأمة وبين المسلمة وغير المسلمة، باعتبار النظر المجرد عن الشهوة، فإن حديثنا هنا هو عن الفرق بين الحقيقة وبين خيال الصورة والطيف المرئي في الأجهزة، فكان علينا أن نضع لاستثناءات أهل الفقه والعلم اعتبارًا في طرحنا ووعظنا، ونعطي للمسألة حجمها الفقهي المناسب، دون شطط.
وإذا نظرنا وتأملنا في كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فإننا سنجده بعينه تمامًا في كتب الأولين، ولكنهم لا يذكرون "التلفاز" و"الهاتف" لكونهم سبقوهما بقرون، ولكنهم يذكرون هذه الأحكام والفروق ونحوها حين يتحدثون عن أحكام النظر في المرآة، وأحكام النظر في الماء، ويختلفون هنا في الاستدلال والقياس ويدونون الفرق بين الحقيقة والصورة. هذا، والله من وراء القصد.




http://www.alriyadh.com/1924793]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]