تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المجالس والأمالي في الأدب القديم



المراسل الإخباري
01-15-2022, 19:50
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png عرفت المجالس والأمالي قديماً بأنها أثر أدبي حواري، يقوم في أصله على الشفاهية، ثم قد يطرأ عليه تحول إلى الكتابية، وتولد من رحم المجالس الأدبية التي كانت تُعقد في مؤسساتٍ ثقافيةٍ، أو علميةٍ، متنوعة، وقد عُدّ المجلس في الثقافة العربية القديمة ظاهرة حضارية مكّنت من تحصيل كل ما يتعلق بوسائل إنتاج الثقافة، وأشكال تلقيها، فهما يقومان على نسقين: الحديث مشافهة في (المجالس)، والإملاء كتابةً في (الأمالي)؛ ومن هنا نجد مفهوم الكتابة المجلسية في الأدب القديم محوطاً بين الشفاهية من جهة، والكتابية من جهة أخرى، وقد يتخلله السرد، فيصبح من أهم سمات تلك الكتابة، ومن أبرز مقوماتها.
ويضع بعضهم المجالس والأمالي تحت إطار واحد، وهذا الخلط – في تصوري – قد جعل بعض القدماء لا يفرق بين الأمالي والمجالس؛ فمثلاً كتاب (مجالس ثعلب) لأبي العباس أحمد بن يحيى (ت291هـ)، يجمع بين الطابع المجلسي، والإملائي، ويشتمل على ضروب من علوم العربية، ويضم في تضاعيفه كثيراً من المسائل النحوية على مذهب الكوفيين الذين كان ثعلب إمامهم في عصره، وقد أكد ابن النديم (ت384هـ) على هذين الطابعين قائلاً: "ولأبي العباس مجالسات أملاها على أصحابه في مجالسه، تحتوي على قطعة من النحو، واللغة، والأخبار، ومعاني القرآن والشعر.."، فهو يربط المجالس أو المجالسات بالمكان، ويربط الأمالي أو الإملاء بالتدوين، وقد وافق الحموي بعد ذلك (ت626ه) ابن النديم في رأيه هذا، كما سماها القفطي (ت646هـ) (المجالس)، وكذا قال ابن خلكان (ت618هـ)، أما السيوطي (ت911هـ) فقد أطلق عليها (أمالي).
وعلى هذا فإن ثمة فروقاً تطالعنا بين المجالس والأمالي، ويبدو من خلال هذا العرض أن المجالس أعم من الأمالي وأشمل؛ إذ يدور فيها كل ما يمكن من شرح، أو تفصيل، أو إجمال، أو عرض، أو سؤال، أو جواب، أو نحو ذلك، كما أن دور الملقي فيها يتراوح بين الأخذ والرد، أما الأمالي فدور المملي فيها أكثر أهمية من المستملي الذي يقتصر دوره - غالباً - على السماع والكتابة فقط، وعليه فالأمالي أكثر تنقيحاً واهتماماً واستدراكاً وتصويباً، وهي أشبه بالمبيضة التي هي خلاصة مسودات المجالس.
والمجالس أحاديث مختارة ذات موضوعات مختلفة في الأدب، أو التاريخ، أو الفلسفة، أو المعارف عامة، يتلقفها جمهور خاص، أو عام، وتدور عادة في أماكن محددة، وهي إلى المشافهة أقرب منها إلى التدوين، على أنها ربما هُذّبت، ونقحت، ودونت بعد إلقائها، وإذاعتها، أما الأمالي فتختص بالإملاء، والتلامذة، والمحابر، والقراطيس، وما شابه ذلك من أدوات الكتابة، ويتضح من هذا التقسيم أن الأمالي تقوم في أصل نـشأتها على التدوين والكتابة، على خلاف المجالس التي تنشأ عن المـشافهة، وربما يطالها التدوين بعد ذلك.
وقد تميزت الكتابة المجلسية منذ القديم باشتمالها على أجناس أدبية متنوعة، على أنها - أيضاً - ربما شاكلت بعض هذه الأجناس، وحاولت السير بمحاذاتها قليلاً؛ فالكتابة المجلسية مثلاً قد تضارع الخطبة في ملامحها الشفاهية والتدوينية؛ ذلك أن الخطبة تنعقد في ظروف قولية رسمية ترتبط بأشكال خارجية تميزها، كالارتجال، وارتقاء المنابر، وجلجلة الصوت، وقوة الفصاحة والبيان، وربما دونت الخطب فيما بعد، وهذا على سبيل المثال لا الحصر.




http://www.alriyadh.com/1929642]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]