المراسل الإخباري
02-03-2022, 21:53
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png السمة البارزة في «حكايات قبل النوم» هي مرونة بنائها بحيث يسهل الحذف أو الإضافة دون أن يشعر المستمع بوجود أي خلل، فالحكاية تقوم على جزئية واحدة يكررها الراوي مع إجراء إضافة بسيطة في كل مرّة إلى أن يصل إلى غايته «التنويمية» المنشودة. والمفارقة أن هذه السمة التي تعد عيباً في أنماط أخرى من السرد تعد مزية في حكايات قبل النوم، وكما رأينا في الحكاية الشعبية السعودية «خنفس خنافس» وفي الحكاية الإيطالية «الديك» فالراوي بنى حكايته بناءً يبدو لغير المدقّق أنه بناء مُحكم، لكنه يستطيع بكل سهولة إطالة الحكاية إلى أقصى حد ممكن بزيادة عدد الشخصيات أو القيام بإيجازها بتقليل العدد.
وقد تنبّه الأستاذ عبده خال إلى هذه السمة فذكر في ملاحظة سجلها بعد إيراد حكاية (حزن امقملة) أن الحكاية تستمر «على هذا المنوال وكل راوٍ يزيد فيها ما يشاء»، كما أشار في هامش الحكاية التي أوردها بلهجتها أنها «حكاية للأطفال الصغار تروى لهم ليناموا»، وتوجد في (حكايات الأخوين غريم) حكاية ألمانية مشابهة لحكاية حزن القملة اسمها (القملة والبرغوثة)، فالحكايتان تبدآن بحدث مفاجئ هو الوقوع في النار والاحتراق، ففي الحكاية السعودية يطلب «القعموص» (وهو نوع من النمل الكبير) من زوجته القملة أن تحضر له الجمر ليتبخر في أحد أيام الجمعة، لكنه يقع على الجمر ويحترق، فتخرج القملة لتبث حزنها للنخلة بعبارة توضح سبب الحزن، فتحزن النخلة وتنقل تجربة حزنها وحزن القملة للغراب الذي يهبط عليها فتقول: «انا يابسوه وعمتنا امقمله باكيوه على الشيخ صديق حرق وقزن عينه»، فيحزن الغراب وينتف ريشه وينقل حزنه وأحزان سابقيه إلى الوادي بعبارة مطابقة يضيف فيها معاناته، وهكذا تستمر زيادة الشخصيات على العبارة نفسها إلى ختام الحكاية.
ولا تختلف عنها الحكاية الألمانية في بنائها ولا في بدايتها، فهي تبدأ بسقوط القملة واحتراقها أثناء تحضير الطعام في قشرة بيضة، فتصرخ البرغوثة بصوتٍ عال ليسألها باب الغرفة عن السبب، فتقول: «لأن القملة احترقت»، فيُصدر الباب صريراً فتسأله المكنسة عن السبب، فيجيب الباب: «وكيف لا أصرّ؟ القملة احترقت، والبرغوثة صرخت»، ويستمر الراوي في ذكر ردة فعل شخصيات وكائنات أخرى بعبارات مكررة ورتيبة وصولاً إلى البنت الصغيرة التي تقول إنها ستكسر جرة الماء التي تحملها، وحين يسألها ينبوع الماء تجيب: «وكيف لا أكسر جرتي الصغيرة؟ القملة احترقت، والبرغوثة صرخت، والبوابة صرّت، والمكنسة توترت، والعربة أسرعت، وكومة الزبل طقطقت، والشجرة اهتزت».
ختاماً فإن حكايات ما قبل النوم من الحكايات الشعبية التي ابتكرها الرواة في شعوب عديدة ليكون لها إيقاع بطيء ورتيب ومنوّم، وقد يصح القول إنه إيقاع «يتأرجح» ببطء بين الصعود والنزول في محاكاة لحركة «هدهدة» الطفل عند النوم، فالحكاية تنطلق من حدث بسيط لا تكاد تتجاوزه بمسافة قريبة إلا لتعود إليه وتُذكر به.
http://www.alriyadh.com/1933051]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
وقد تنبّه الأستاذ عبده خال إلى هذه السمة فذكر في ملاحظة سجلها بعد إيراد حكاية (حزن امقملة) أن الحكاية تستمر «على هذا المنوال وكل راوٍ يزيد فيها ما يشاء»، كما أشار في هامش الحكاية التي أوردها بلهجتها أنها «حكاية للأطفال الصغار تروى لهم ليناموا»، وتوجد في (حكايات الأخوين غريم) حكاية ألمانية مشابهة لحكاية حزن القملة اسمها (القملة والبرغوثة)، فالحكايتان تبدآن بحدث مفاجئ هو الوقوع في النار والاحتراق، ففي الحكاية السعودية يطلب «القعموص» (وهو نوع من النمل الكبير) من زوجته القملة أن تحضر له الجمر ليتبخر في أحد أيام الجمعة، لكنه يقع على الجمر ويحترق، فتخرج القملة لتبث حزنها للنخلة بعبارة توضح سبب الحزن، فتحزن النخلة وتنقل تجربة حزنها وحزن القملة للغراب الذي يهبط عليها فتقول: «انا يابسوه وعمتنا امقمله باكيوه على الشيخ صديق حرق وقزن عينه»، فيحزن الغراب وينتف ريشه وينقل حزنه وأحزان سابقيه إلى الوادي بعبارة مطابقة يضيف فيها معاناته، وهكذا تستمر زيادة الشخصيات على العبارة نفسها إلى ختام الحكاية.
ولا تختلف عنها الحكاية الألمانية في بنائها ولا في بدايتها، فهي تبدأ بسقوط القملة واحتراقها أثناء تحضير الطعام في قشرة بيضة، فتصرخ البرغوثة بصوتٍ عال ليسألها باب الغرفة عن السبب، فتقول: «لأن القملة احترقت»، فيُصدر الباب صريراً فتسأله المكنسة عن السبب، فيجيب الباب: «وكيف لا أصرّ؟ القملة احترقت، والبرغوثة صرخت»، ويستمر الراوي في ذكر ردة فعل شخصيات وكائنات أخرى بعبارات مكررة ورتيبة وصولاً إلى البنت الصغيرة التي تقول إنها ستكسر جرة الماء التي تحملها، وحين يسألها ينبوع الماء تجيب: «وكيف لا أكسر جرتي الصغيرة؟ القملة احترقت، والبرغوثة صرخت، والبوابة صرّت، والمكنسة توترت، والعربة أسرعت، وكومة الزبل طقطقت، والشجرة اهتزت».
ختاماً فإن حكايات ما قبل النوم من الحكايات الشعبية التي ابتكرها الرواة في شعوب عديدة ليكون لها إيقاع بطيء ورتيب ومنوّم، وقد يصح القول إنه إيقاع «يتأرجح» ببطء بين الصعود والنزول في محاكاة لحركة «هدهدة» الطفل عند النوم، فالحكاية تنطلق من حدث بسيط لا تكاد تتجاوزه بمسافة قريبة إلا لتعود إليه وتُذكر به.
http://www.alriyadh.com/1933051]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]