المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : توأمية القصيدة والنضيدة



المراسل الإخباري
02-10-2022, 23:40
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png عند البحث في جوهر الأدب الجمالي، شعرًا عاليًا أو نثرًا فنيًا، لا يعود مهمًّا أن يكون البحث في الشعر أو في النثر، في القصيدة أو في النثيرة.
آخذ نموذجًا من شاعر كبير، أيّ شاعر، ومن ناثر كبير، أيّ ناثر.
الناثر المتمكن يؤكّد على وعْي القلم توأَمَي الشعر والنثر معًا بدون تمييز. يتناول النثر فيساويه بالشعر دفاعًا عن عظمة النثر الذي لا يقلُّ هيبةً وصعوبةً وجمالًا عن الشعر. فالشاعر المكرس يشتغل نثره كما يشتغل شعره، فيكون في نثائره صائغًا حاذقًا لا يقلّ عما هو في قصائده صائغ حاذق.
في نثر الشاعر المتمكن تتكوكبُ نصائعُ نثريةٌ لا تقلُّ نَحتًا عن أخواتها القصائد. ولأنه متمكن في نثره الجمالي، بقدْرما هو شاعرٌ متمكِّن، لا يَجنح إلى أيٍّ من تسميات قاموس الشعر يُلصِقُها بكتاباته النثرية الصقيلة، هي الأُخرى، كهيافته الشعرية الصقيلة.
من هنا أن الناثر ذا القمم في النثر العالي لا يضيره أنه لا يقارب الشعر. والشاعر ذو القمم في الشعر العالي لا يَجد حاجةً (كي يرفع من شأن نثره) أن يدنيه من قاموس التسميات الشعرية. ففي كتاباته الكاملة البهاء، شعرًا ونثرًا، غبطة الوقوف المنسحر أمام جمال منحوت صرحًا فنيًا عاليًا واضحَ المعالم والشخصية المستقلّة بين شعره ونثره، في بعضها نثرٌ في مقام الشعر لكنها نثر وليست شعرًا.
الشاعر الكلاسيكي الممتلك أدواته الشعرية بامتياز يعرف كيف يروّض أحصنة البحر والوزن والقافية والرويّ في تَجديد عصريٍّ حديثٍ من ضمن الأصول، كما الناثر الكلاسيكي الممتلك أدواته النثرية بامتياز يعرف كيف يروّض أحصنة التراكيب البيانية فيربأُ بها عن السرد التقريري ليرتفع بها الى أسمى النثر الجمالي العالي.
الكلمةُ معطاةٌ لكل قلم. وتَمايُزُها يكونُ مع مَن يُؤطّرها في لعبة تركيب جماليةٍ غير معطاة إلَّا للمبدعين.
الكلمة... الكلمة! إنها الـ"ألفا" والـ"أوميغا". فلننحتْها بإزميل لائق، شعرًا نظمناها قصيدة، أم نثرًا نسجناها نضيدة. إنّ الصورة الإبداعية، حيثما تكون، تضيع تائهةً إن لم تكن في إطار هويّةٍ ناصعةٍ ذات جذور مؤصَّلة واضحة. فلنحترم فيها هذه الهويّة.
قد يجد متابع هذه الزاوية الأسبوعية بعض التشابُه في طرح حلقاتها أحيانًا، أو بعض الترداد في تبسيط مبادئ تخص الشعر أو أخرى تخص النثر. وهذا وارد عمدًا لأنني مؤمن أن قارئ الجريدة، مهما أدمن على قراءتها، قد يكون له أحيانًا أن يغفل عن فاصلة في معنى أو ملحوظة في مبنى، فيختلُّ لديه التواصل مع فكرة الكاتب الأسبوعي الذي، حين يُمسك فكرة ويروح يوسّعها ويفصّلها ويناقشها من جوانبها ومحاورها المتعددة، يكون ينسجها حلقة بعد حلقة في منطق التتالي المتتابع حتى إذا أغفل قارئُه حلقة منها ضاع عنه التسلسل في الفكرة الأساسية وتاليًا في تصاعد البحث من هذه الفكرة الأساسية إلى روافدها في الحلقات أسبوعًا بعد أسبوع. وهذا لا يكون حين البحث مضموم بين دفتين في كتاب واحد يمكن قارئه، حين يشاء، أن يعود إلى صفحات سابقة كي يستدرك ما يداهمه من أفكار قد تبدو له غير مترابطة. لكننا هنا في حلقات متباعدة أسبوعًا عن أسبوع، لذا وجب التذكير أحيانًا ببعض ما سبق وُرُوده أو تفصيله لكي يتواصل المعنى العام بين فكرته الرئيسة وتفاصيلها الثانوية.
وكل ذلك يأتي من غاية واحدة: احترام القارئ.




http://www.alriyadh.com/1934306]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]