المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طـن فلـوس



المراسل الإخباري
02-11-2022, 07:24
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png في كتاب (أساطير شعبية من قلب جزيرة العرب) للشيخ عبدالكريم الجهيمان حكاية طريفة اسمها «سديرة المنى»، وفيها يخبر بطل الحكاية أمّه وزوجته وأخته بأنهم سيمرون في طريق سفرهم بسدرة كبيرة تسمى سدرة المنى، وتتميز تلك الشجرة بأن من يتحدّث لها «برغباته وأمانيه فإنها تتحقق لا محالة، ويفوز بثمرة أمانيه في وقت قريب جداً»، والحقيقة أنّ «سدرة المنى» لم تكن سوى حيلةٍ ابتكرها البطل لكي يتعرّف على ما تضمره كل واحدة من النساء الثلاث من أسرار ليسهل عليه التعامل معهن. والناظر في التراث الشعبي يلاحظ أن القصائد والحكايات طالما كانت هي «شجرة الأمنيات» التي أودعها الناس رغباتهم وأمنياتهم وكل ما يتمنون الحصول عليه من هذه الحياة.
في ندوة «تحليل الغناء الجبلي» التي نظمتها هيئة المسرح والفنون الأدائية أشار الأستاذ الشاعر عبدالله الشريف إلى شهرة بيت جميل من أبيات الأمنيات في جنوب السعودية، وهو البيت القائل:
يا ليتني ما اصغر والا اكبر ولا اموت
ولا يلوح الشيب في عارضيّه
وهذا البيت يبيّن أن أمنية الخلود من الأمنيات المشتركة بين البشر في جميع شعوب العالم، وقد أورد الشيخ محمد بن ناصر العبودي البيت نفسه بصيغة مختلفة نسبها لشاعرة بناء على مضمون البيت:
يا ليتني ما اكبر ولا اصغر ولا اموت
يا ليتني دبّ الليالي بْنيَّه
وفي الشعر الشعبي أبيات وقصائد لا حصر لها، تأتي بصيغة التمني أو الدعاء، يصرّح فيها الشعراء بتمنّي أمور مستحيلة التحقق كما في البيت السابق، أو بأمور بسيطة وممكنة، أو يصرحون بأمنيات طريفة يحتار المرء في وضعها تحت أحد التصنيفين. وقد روى الأستاذ محمد الشرهان قصيدة جميلة تتضمن أمنياتٍ عديدة للشاعر عبدالعزيز المشاري الصعب يقول في مطلعها:
ألا يا الله يا رب البشر طالبك طن فلوس
طباعة خمس ميّه ما بهن ميّه ولا ريالي!
ثم يُعدّد في أبيات قصيدته الأمور التي يتمنى أن يفعلها حين يمتلك «طن فلوس». وعندما أراد الشاعر عبدالعزيز الهاشل عمل «قهوة» ولم يجد عنده «هيل» تمنى «حمولة قطار من البن والهيل» حتى لا يضطر إلى شرائه بموازين ضئيلة كالرطل، يقول:
لو أتمنّى كان أبي شحنة الرَّيل
ما دمت حيٍ وازن الرطل أبى أنساه
أدق وأذري في نهاري مع الليل
والباب لحساب النشامى دلقناه
أما الأساطير الشعبية فيتيح رواتها للفقراء وأصحاب الأمنيات تحقيق أمنياتهم بطرق سهلة وعجيبة لا تخطر على البال، خلافاً للشاعر الذي يعبر عن أمنياته في القصيدة ويظل متعلقاً بأمل تحققها في قادم الأيام، ويتّبع رواة الحكايات أساليب متنوعة لتحقيق أمنيات الشخصيات من أشهرها شيوعاً وأكثرها ابتذالاً الخروج المفاجئ للمارد المطيع، لكن تحقق الأمنية في الحكاية قد لا يكون سوى بداية لرحلة جديدة من الشقاء والمعاناة والبؤس، وللحديث بقية إن شاء الله.




http://www.alriyadh.com/1934486]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]