تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مطبعة غتنبرغ



المراسل الإخباري
02-13-2022, 19:34
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png كانت صناعة النشر مزدهرة في العالم الإسلامي منذ العصر العباسي أو قبله بقليل، وكان أبرز ما أنتجته هذه الصناعة، هي صناعة الورق. استطاع التجار المسلمون أن ينقلوا صناعة الورق من الصين إلى العالم الإسلامي وتطويرها حتى تصبح رافداً مهماً للنهضة العلمية التي تشهدها من بخارى وسمرقند إلى قرطبة مروراً ببغداد ودمشق. بتطور الورق ازدهرت المكتبات وانتشرت الكتب وأصبح لكل مدينة كبيرة سوق للوراقين وأصبح من المعتاد أن تنقل القوافل مئات النسخ الحديثة بين المدن الإسلامية ليعاد نسخها وتوزيعها من جديد. استمر الورق محور التطور الوحيد في صناعة النشر مدة طويلة حتى ثورة الطباعة في أوروبا باختراع مطبعة غتنبرغ.
كان غتنبرغ صانعاً للتحف وله خبرة في السبك ويشتغل في الطباعة الخشبية التي كانت إحدى التقنيات الشائعة. كانت الطباعة الخشبية مكلفة ولا تصلح للإنتاج الواسع. لصناعة صفحة واحدة، كان على الصانع أن يعد المنشور على ورق بصورة معكوسة ثم يحفر النص كما هو من الورق إلى لوح الخشب يدوياً حتى يتكون لديه ما يشبه المنحوتة التي يمكن طلاؤها ثم طبعها على الورق مرات عديدة.
كان الجهد كبيراً والخطأ الواحد يكلف كثيراً. لذلك فكر غتنبرغ في طريقة جديدة أقل كلفة إنما تحتاج تمويلاً مبدئياً. كانت آلته الجديدة هي التي ستدفع أوروبا عميقاً في عصر النهضة.
لخبرته في السبائك، فكر غتنبرغ في إعداد سبائك تمثل الحروف والأشكال الكتابية كلها ليعاد استخدامها في إنتاج سبائك أخرى مخصصة لكل مطبوعة تضم في مصفوفات تمثل حروف النص المكتوب كاملاً. كانت عملية صف الكتاب تتم باختيار الحروف حسب موقعها من النص وصفها يدوياً لتمثل لوحاً يدخل الطابعة لطباعة صفحتين على ورقة واحدة. قبل الطباعة، كان على المصفوفة أن تدهن بالحبر قبل ضغط الورق عليها. لم يكن الحبر المائي المستخدم وقتها مناسباً فاحتاج أن يطور حبراً زيتياً، كما احتاج إلى معالجة الورق قبل الطباعة.
طبع غتنبرغ بآلته الجديدة قصيدة بالألمانية أولاً، ثم الكتاب المقدس الذي عرف لاحقاً بكتاب غتنبرغ، فطبع منه أكثر من مئة وخمسين نسخة. لم يمض وقت طويل حتى انتشرت مطبعة غتنبرغ في أوروبا فبلغت النسخ المطبوعة قبل نهاية القرن 20 مليون مجلد. في القرن الذي يليه - القرن السادس عشر - طبعت أوروبا أكثر من 150 مليون مجلد. ورغم دخول الطابعة الجديدة إلى الدولة العثمانية بجهود فردية، إلا أن فرماناً عثمانياً صدر بمنع الطباعة بالأحرف العربية مع تنفيذ أشد العقوبات لمن يخالف ذلك. كانت الفتوى بتحريم استخدام الطابعة بالحروف العربية قد صدرت وتبعتها فتاوى عدة توافقها في مناطق عدة من العالم الإسلامي. كانت الفتوى مظهراً من مظاهر تراجع العالم الإسلامي الفكري، وهو ما دفع به إلى مزيد من التراجع مقابل أوروبا التي تنهض بقوة للسيطرة على العالم.




http://www.alriyadh.com/1934720]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]