المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الثقافة الشعبية والوسائط والأساليب التعبيرية



المراسل الإخباري
02-16-2022, 17:35
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
(الدمعة الحمراء).. تعطي الدليل الواضح على أن لنا أدبًا شعبيًا حيًا باستطاعته أن يجوس خشبة المسرح بكل قابلية ومرونة وإحاطة وإدلال.. وهي تبحث من حيث الشكل كائنًا متكاملًا لا ينقصه الإغراء ولا تعوزه الجدة والابتكار..
هل القصة أو الرواية الشعبية ظاهرة مستحدثة في الآداب وبخاصة الآداب الهندية، سؤال اعترضني وأنا أقرأ في القصة الشعبية في الأدب الهندي، وكما يقول ديورانت فإن روح الهند الشاعرة بطبعها ترى أنه لا بد لكل شيء جدير بالكتابة أن يكون شعري المضمون وإنشاءه في قالب موزون، ولذا كان الأدب الهندي تقريبًا أدبًا منظوماً بالوزن أو بالقافية أو بكليهما معاً.
فالأدب الهندي مشبع بالقصص والروايات الشعبية والتي هي متاع للخيال وفي نفس الوقت أداة للتعبير الأدبي فعندما نقرأ مثلاً للشاعر شاندي داس -وهو بالمناسبة- كاهن فقير يهز البنغال هزًا بشعره القصصي تفاعلت فيه العواطف فسالت نفسه المرهفة شعرًا مطبوعًا قلّ أن يجود بمثله شاعر آخر، ولكن ليس الشعر القصصي وقفاً على ثقافة دون ثقافة فآدابنا تزخر بالقصص الشعبية، فقد كانت الصحافة الثقافية في الثمانينات مسرحًا لهذا الفن الأدبي.. فخلال عقد الثمانينات الميلادية ناقشت مختلف اتجاهات وعناصر الثقافة الشعبية والوسائط والأساليب التعبيرية، وكان أحد تلك العناصر القصة الشعبية، وإن كانت القصة الشعبية لم تستخدم على نطاق واسع لتعارضها مع فن الرواية الحديث.
ولكن ما مدى كفاءة (القصة الشعبية) في تحريك مشاعر الناس؟ سؤال استوقفني وأنا أحاول استقراء دوافع القصة الشعبية من خلال قصة (الدمعة الحمراء) للأمير الشاعر القاص مـحمد الأحمد السديري، فالأمير محمد السديري من أوائل الشعراء الذين جعلوا من القصيدة الشعبية سالفة وقصة كما ظهر في قصة الدمعة الحمراء، لقد استطاع أن يسبغ على أفكاره طابعاً شعبياً مثالياً استطاع من خلاله أن يجدد الخطوط الأساسية لعناصر السالفة لامتلاكه الأساليب الخاصة ببناء الصورة الفنية، ولكن قبل أن ندخل في قصة الأمير محمد السديري نمر ولو مرورًا عابرًا بحالة القصة الشعبية أو (السالفة) والتي هي رواية شفوية لسير ذاتية بطولية، أو هي بعبارة أبلغ وأدق السرد الإخباري لسير الأبطال.
حظيت (السالفة) بمكانة خاصة في الثقافة العربية، إلا أنه اعتراها بعض الفتور وبقيت بعيدة عن النقد وصارت –بحكم العادة– تردد في المجالس، يرددها من يستطيع حبكها ومن لا يستطيع. مع ما أصاب القصاصين من عدم القدرة على الغوص في أعماق السالفة وقلة الخبرة الفنية بمعالجة أحداثها.
ورغم ما اكتنف القصة الشعبية (السالفة) من جمود ظاهر إلا أن قصة (الدمعة الحمراء) للأمير الشاعر مـحمد الأحمد السديري أعادت (للسالفة) القديمة هيبتها ومكانتها وذيوعها، وهي -كما وصفها الأديب عبدالله بن خميس- بأنها قصة مسرحية غنية بصورها مستوفية لأدوارها آخذة بمفاجآتها.. تمثل أول تجربة مسرحية هادفة.. ويعتبر (الأمير محمد الأحمد السديري) الرائد الأول في هذا الفن القصصي، فقد تبوأت (الدمعة الحمراء) مكانة مرموقة في الثقافة الشعبية.. فالدلالات الفنية التي تحملها الدمعة الحمراء جديرة بأن تهب لها أقوى مركز في عالم المسرح، فهي من حيث الهدف والمدلول تعالج مشكلة اجتماعية وتلقي الضوء على طبيعة (عرب الصحراء) وواقعهم وما يشدهم إلى ماضي العرب المشرق.. وتعطي الدليل الواضح على أن لنا أدبًا شعبيًا حيًا باستطاعته أن يجوس خشبة المسرح بكل قابلية ومرونة وإحاطة وإدلال.. وهي تبحث من حيث الشكل كائنًا متكاملًا لا ينقصه الإغراء ولا تعوزه الجدة والابتكار، لونت ونغمت قوافيها وصنفت مقاطعها وطعمت بشذرات الغزل ونفحات الربيع ومنادمة الأطلال ومجنحات الخيال.. فأنت منها أبدًا في جديد تعيشه بكل لذة وجاذبية وانسجام.




http://www.alriyadh.com/1935278]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]