المراسل الإخباري
02-20-2022, 04:01
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
ما زال الأئمة يحترم بعضهم بعضًا، وتُحترم فقهياتهم وآراؤهم على اختلافها، ولم يقل ذو علم وفقه: «رأيي هو الحق الواضح وما دونه من الآراء لا تُحترم»، فإن الفقيه مهما اجتهد سيصل به اجتهاده إلى تبني رأي من آراء السابقين، وإن كان الدليل بين يديه يراه في نظره الحق المبين..
قد أكثرنا في كتاباتنا وأحاديثنا وإعلامنا ومجالسنا عن طبيعة الخلاف الفقهي بين فقهاء المسلمين، ولعل ذلك قد أصبح من البديهيات المسلّم بها، فإنه مذ نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلـم وهو يفيض بالمواعظ والإشارات الروحانية كما يفيض بالأحكام والفقهيات البينة والمستنبطة، وفيه قال المولى تعالى «لعلمه الذين يستنبطونه منهم».
وقد أخبرنا الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلـم أن هؤلاء المستنبطين قد تتفاوت أفهامهم للأدلة، وفي ذلك قال نبينا صلى الله عليه وآله وسلـم: "فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه".
ولا يختلف مسلمان أن الصحابة اختلفوا في مسائل كثيرة، كما تعددت آراؤهم في المسألة الواحدة انطلاقًا من مصدر ودليل واحد في الاستدلال، وأكثر ما يمثل به الفقهاء اختلاف الصحابة في أداء صلاة العصر في غزوة بني قريظة، إذ اختلفوا في فهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلـم لهم: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة"، وحين أدركتهم الصلاة قبل وصولهم اختلفوا، فبعضهم صلى لظاهر الأمر، وبعضهم أخّر لمراد الأمر، ولكن لم يخطّئ بعضهم بعضًا، وعمل كل أحد منهم بما فهمه واحترم رأي الآخر من دون أدنى شتيمة، ولا سباب، ولا تضليل، ولا قال أحدهم للآخر: "أتتركون قول الرسول لرأي فلان وفلان؟!"، لأن هذه المقالة تتضمن طفرة خطيرة تنحو بصاحبها إلى تكفير المسلمين عامة؛ لأنها اتهام بتعمد مخالفة النبي صلى الله عليـه وآله وسلم، ولكن الصحابة ها هنا ضربوا لنا أروع الأمثلة في احترام الرأي والرأي الآخر الناتج عن نظر واستنباط في الأدلة الشرعية، ومن ثم تشعبت فقهيات المسلمين بناءً على اختلاف أفهامهم وأزمانهم وأماكنهم، وما زال الأئمة يحترم بعضهم بعضًا، وتُحترم فقهياتهم وآراؤهم على اختلافها، ولم يقل ذو علم وفقه: "رأيي هو الحق الواضح وما دونه من الآراء لا تُحترم"، فإن الفقيه مهما اجتهد سيصل به اجتهاده إلى تبني رأي من آراء السابقين، وإن كان الدليل بين يديه يراه في نظره الحق المبين، لكنه يرى غيره من الفقهاء يستدلون بالدليل نفسه خلافًا لما قال ورأى، كما حصل من الصحابة في النظر إلى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلـم: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة"، فكلا الفريقين استدل بالحديث نفسه لرأيه المخالف للآخر، وبالتالي حتى الرأي الموافق للصواب ما زال يسمى رأيًّا مستنبطًا ولكنه وافق الحق، ولا يقال: "هذا هو الحق المبين الذي لا يصح غيره" وما عدا الحق فهو الباطل، فإن الدليل قد احتمل الرأيين، ولما علم النبي صلى الله عليه وآله وسلـم بذلك "لم يعنف أحدًا منهم"، أوليس هذا احترام لهم ولرأيهم؟! أبعد هذا يقال "لا يحترم الرأي الآخر"؟! في مسائل اختلف فيها أئمة وفقهاء الإسلام من لدن الصحابة رضي الله عنـهم، ثم بعد ذلك نؤسس جيلاً من الشباب يرى أن ما قاله شيخه هو الحق الذي لا يجوز خلافه، وما قول شيخه إلا اعتماد لرأي سابق مستنبط من دليل يحتمل رأيًا غيره، أو أنه ضعيف عند آخرين، أو أن استنباطه بعيد عن الصواب لكنه استصوبه بما انتهى إليه فقهه!
ومن هنا تنشأ ناشئة لا تحترم أحدًا ممن خالفها، بل وترى أن خلافه باطل لا يجوز السكوت عنه، وتجب محاربته بكل الوسائل الممكنة!
ولنا أن نحاكم هؤلاء بكلامهم ونتعامل معهم بمقتضى رأيهم، فنحن نرى أن هذا الرأي مجانب للحق وباطل، فلمَ يشنعون علينا حين لا نحترمه، ويظنون أن من لم يحترم رأيهم فقد ضل لأنه خالف الهدى والصواب؟ هذا، والله من وراء القصد.
http://www.alriyadh.com/1935937]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
ما زال الأئمة يحترم بعضهم بعضًا، وتُحترم فقهياتهم وآراؤهم على اختلافها، ولم يقل ذو علم وفقه: «رأيي هو الحق الواضح وما دونه من الآراء لا تُحترم»، فإن الفقيه مهما اجتهد سيصل به اجتهاده إلى تبني رأي من آراء السابقين، وإن كان الدليل بين يديه يراه في نظره الحق المبين..
قد أكثرنا في كتاباتنا وأحاديثنا وإعلامنا ومجالسنا عن طبيعة الخلاف الفقهي بين فقهاء المسلمين، ولعل ذلك قد أصبح من البديهيات المسلّم بها، فإنه مذ نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلـم وهو يفيض بالمواعظ والإشارات الروحانية كما يفيض بالأحكام والفقهيات البينة والمستنبطة، وفيه قال المولى تعالى «لعلمه الذين يستنبطونه منهم».
وقد أخبرنا الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلـم أن هؤلاء المستنبطين قد تتفاوت أفهامهم للأدلة، وفي ذلك قال نبينا صلى الله عليه وآله وسلـم: "فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه".
ولا يختلف مسلمان أن الصحابة اختلفوا في مسائل كثيرة، كما تعددت آراؤهم في المسألة الواحدة انطلاقًا من مصدر ودليل واحد في الاستدلال، وأكثر ما يمثل به الفقهاء اختلاف الصحابة في أداء صلاة العصر في غزوة بني قريظة، إذ اختلفوا في فهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلـم لهم: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة"، وحين أدركتهم الصلاة قبل وصولهم اختلفوا، فبعضهم صلى لظاهر الأمر، وبعضهم أخّر لمراد الأمر، ولكن لم يخطّئ بعضهم بعضًا، وعمل كل أحد منهم بما فهمه واحترم رأي الآخر من دون أدنى شتيمة، ولا سباب، ولا تضليل، ولا قال أحدهم للآخر: "أتتركون قول الرسول لرأي فلان وفلان؟!"، لأن هذه المقالة تتضمن طفرة خطيرة تنحو بصاحبها إلى تكفير المسلمين عامة؛ لأنها اتهام بتعمد مخالفة النبي صلى الله عليـه وآله وسلم، ولكن الصحابة ها هنا ضربوا لنا أروع الأمثلة في احترام الرأي والرأي الآخر الناتج عن نظر واستنباط في الأدلة الشرعية، ومن ثم تشعبت فقهيات المسلمين بناءً على اختلاف أفهامهم وأزمانهم وأماكنهم، وما زال الأئمة يحترم بعضهم بعضًا، وتُحترم فقهياتهم وآراؤهم على اختلافها، ولم يقل ذو علم وفقه: "رأيي هو الحق الواضح وما دونه من الآراء لا تُحترم"، فإن الفقيه مهما اجتهد سيصل به اجتهاده إلى تبني رأي من آراء السابقين، وإن كان الدليل بين يديه يراه في نظره الحق المبين، لكنه يرى غيره من الفقهاء يستدلون بالدليل نفسه خلافًا لما قال ورأى، كما حصل من الصحابة في النظر إلى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلـم: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة"، فكلا الفريقين استدل بالحديث نفسه لرأيه المخالف للآخر، وبالتالي حتى الرأي الموافق للصواب ما زال يسمى رأيًّا مستنبطًا ولكنه وافق الحق، ولا يقال: "هذا هو الحق المبين الذي لا يصح غيره" وما عدا الحق فهو الباطل، فإن الدليل قد احتمل الرأيين، ولما علم النبي صلى الله عليه وآله وسلـم بذلك "لم يعنف أحدًا منهم"، أوليس هذا احترام لهم ولرأيهم؟! أبعد هذا يقال "لا يحترم الرأي الآخر"؟! في مسائل اختلف فيها أئمة وفقهاء الإسلام من لدن الصحابة رضي الله عنـهم، ثم بعد ذلك نؤسس جيلاً من الشباب يرى أن ما قاله شيخه هو الحق الذي لا يجوز خلافه، وما قول شيخه إلا اعتماد لرأي سابق مستنبط من دليل يحتمل رأيًا غيره، أو أنه ضعيف عند آخرين، أو أن استنباطه بعيد عن الصواب لكنه استصوبه بما انتهى إليه فقهه!
ومن هنا تنشأ ناشئة لا تحترم أحدًا ممن خالفها، بل وترى أن خلافه باطل لا يجوز السكوت عنه، وتجب محاربته بكل الوسائل الممكنة!
ولنا أن نحاكم هؤلاء بكلامهم ونتعامل معهم بمقتضى رأيهم، فنحن نرى أن هذا الرأي مجانب للحق وباطل، فلمَ يشنعون علينا حين لا نحترمه، ويظنون أن من لم يحترم رأيهم فقد ضل لأنه خالف الهدى والصواب؟ هذا، والله من وراء القصد.
http://www.alriyadh.com/1935937]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]