المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هزيمة نيوتن



المراسل الإخباري
03-28-2022, 00:02
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png ولد نيوتن يتيماً في فترة مضطربة سياسياً، حيث عاش سنواته العشر الأولى في أجواء الحرب الأهلية البريطانية التي استمرت تسع سنوات. كان للحرب الأهلية دور في إضعاف سلطة الكنيسة على بريطانيا لفترة مما أدى إلى مزيد من الحرية للمجتمع الأكاديمي الذي أنشأ المجمع الملكي للعلوم بدعم من ملك بريطانيا تشارلز الثاني. وعندما التحق نيوتن بجامعة كيمبردج، كانت المناهج كلاسيكية قائمة على الفكر اليوناني المسيطر على أوروبا حينها بتأثير من الكنيسة، مما دفع بنيوتن إلى البحث عن مناهج علمية جديدة، كان منها علم الرياضيات.
كاد أن ينتهي ذكر نيوتن عند مساهمته في مجال البصريات لو اكتفى بما نشره من أوراق متفرقة قبل أن يصدر كتابه الشهير الأصول الفلسفية. وعندما عزم على نشره أول مرة، واجه صعوبات في الوصول إلى ناشر يتبنى كتابه بأجزائه الثلاثة. في نهاية الأمر، تغلب نيوتن على صعوباته، فنشر كتابه وتولى رئاسة المجمع الملكي للعلوم بعد ذلك وأصبح يتمتع بسلطة كبيرة في المجتمع البريطاني. استخدم نيوتن سلطته في الترويج لأفكاره خصوصاً في الجدل الذي دار حول اختراع التفاضل والتكامل، فقد كان لايبنتس يتزعم المدرسة الألمانية التي تبنت أوروبا فكرها الرياضي في وقت كان نيوتن يحجم عن النشر ويعيش عزلته الاختيارية. كانت أفكار نيوتن الرياضية محل انتقاد أثناء تطويرها، حتى إنه صرف النظر عن مناقشتها علناً وكاد أن ينصرف عن التفاضل والتكامل كلياً. كان نيوتن يوظف الرياضيات لوصف نظرياته الفيزيائية، مما ساهم ربما في تردده في النشر، وصعوبة قراءة أعماله. وكان تأخره في النشر قد منح المجتمع العلمي وقتاً كافياً لاستيعاب منهج لايبنتس ليعقد مقارنة بين المنهجين، التي كانت نتيجتها ليست في صالح نيوتن تماماً.
بالنظر إلى ما واجهه نيوتن في اختراع التفاضل والتكامل من صعوبات، يتبين لنا أن الجدل الذي نشأ حول الأسبقية بين نيوتن ولايبنتس في عمقه مسألة اجتماعية. بتكون مجتمعات علمية تنتصر لنفسها، وبتحلق هذه المجتمعات حول قياديين ينتصرون لمجتمعاتهم ويوظفونها لمصالحهم، نشأت ظروف الصراع التي لم نجد لها مثيلاً في المخترعات الأخرى كمطبعة غتنبرغ. فلم ينشغل أحد عندما اخترعت طابعة غتنبرغ بجدواها، حيث كان الاختراع واضح الأهداف وسهل الفهم. ولم ينشغل أحد بمقارنة عقيمة للمفاضلة بين الطباعة الخشبية المستخدمة آنذاك وطابعة غتنبرغ، إنما انتشرت الطباعة الجديدة انتشاراً سريعاً دون مقاومة تذكر. مهما كانت عيوب التقنية الجديدة، كان الجميع منشغلاً بالاستفادة منها بعيدًا عن أي مؤثرات أيديولوجية، خلاف ما جرى في قصة التفاضل والتكامل. كان وجود الاختراع ملموساً يرى بالعين المجردة وسهل الفهم فارقاً مهماً. ففي غياب الفهم الدقيق تنشأ الخلافات المدفوعة بالنوازع الذاتية، وتجد مساحة للتمدد والتضخم، مما يضعف التقدم المعرفي، حتى تظل بعض المسائل معلقة عقوداً في نزاع دون حل نهائي.




http://www.alriyadh.com/1942451]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]