تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : للعنصرية وجوه أخرى



المراسل الإخباري
04-08-2022, 18:24
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
لقد فسدت البيضة التي تفقس ذهباً كل يوم، واتضح أن ما بداخلها ليس سوى غراب أسود ينعق على الجيف! ذلك لأننا نرى على الجانب الآخر المعيار المتعنصر بعنصر العرق والدم والمكان واللغة..
عشنا سنوات طويلة على تعاطي هذا المصطلح (العنصرية) بكل جوانبه، نتعاطاه كحبات الأنتيبيوتك في كل يوم. وقامت ثقافتنا في السنوات المنصرمة على الكفاح والمنافحة ضد هذا المفهوم، والذي بدأ وكأنه فيروس جديد آتٍ من الغرب، أخذنا ننافح ونقيم الندوات ونؤلف الكتب لتملأ أرفف المكتبات والدراسات العليا وفي الجامعات، عاصفة من تدعيم تقبل الآخر، وكأننا نحن من يشيد هذا البناء العنصري أمام العالم، فأخذنا ندافع ونكتب لتقبل الآخر، على الرغم من أن بلادنا هي منبت جذور تقبل الآخر وحبه والتعاطي معه بكل صنوف الجنس والعرق واللغة وحتى العقيدة، وهنا يخطر بالبال حديث ذلك الرحالة الإنجليزي ويلفريد وثسغنر حينما طاف بالجزيرة العربية في القرن التاسع عشر، فتحدث وصور وألف كتابه "الرمال العربية"، الذي كان فيه شاهد عيان على العصر وعلى الجزيرة العربية وأهلها، فيقول: "إنني لم أشعر يوماً بالوحدة وأنا بين الأعراب، لقد زرت مدناً عربية لا يعرفني فيها أحد، ودخلت أسواق العرب، وكنت إذا حييت بائعاً دعاني إلى الجلوس معه وأرسل في طلب الشاي وانضم إلينا أناس كثيرون، يسألونني عن حال مقصدي، ولا يكتفون بذلك بل توجه إليَّ الدعوات من مختلف الأفراد للغداء والعشاء!! ترى كيف يشعر مثل هذا العربي لو أنه زار إنجلترا لأول مُرَّة؟ إني لأرثي له! فسيجد فارقاً بين عادات وعادات!".
هذا هو ديدن العربي بتقبل الآخر بل إنه يفضله على نفسه في أغلب الأحيان! ذلك لأن من دأبهم على الأنس والمؤانسة هو ما يدفعهم لذلك الحب والتقرب حتى للأغراب مهما كان جنسهم، إلا أنهم أشداء عندما يستشعرون بأي خطر يهدد بلادهم مما يفسره الغرب وبعض المستشرقين بالعنصرية القبلية، ولكنه في حقيقة الأمر أمر تفرضه عليهم الطبيعة الموحشة للحفاظ على أرضهم أو حتى منابع مياههم، وفي هذا يقول ابن خلدون: "لا يصدق دفاعهم وذيادهم إلا إذا كانوا عصبة وأهل نسب واضح، لأنه بذلك تشتد شوكتهم ويُخشى جانبهم.. وتعظم رهبة العدو". فطبيعة الحال وكما نرصده إلى أي مدى تبلغ سلطة المكان على الشخصية؟ نجد أن ذلك هو ما فرضته عليها، إذ إن وحشة الصحراء وشدة اتساعها، ووعورة أراضيها تترك في النفس شيئاً من الترقب والحذر، وهذا شيء بديهي!
ولذا تتكون الجماعات ليست أبناء عنصرية أو عصبية، وإنما للذود عن حياضها وعن شرفها ضد أي اعتداء، ولذلك نجد ابن خلدون يرد ذلك إلى ضد الأعداء وتخويفهم للعدو، فقال: "تعظِّم رهبة العدو"، فالمسألة هنا تتعلق بالدفاع وليست بالتقسيم النفسي بين الأفراد والجماعات والدفاع عن الأنساب والأصهار، فالعرب هم من يشتهرون بقرى الضيف الغريب الذي لا يعرفونه، ويأنسون بالأغراب والأجانب كما ذكر وثيسنجر.
ولذك يعد قبول الآخر والحوار المعرفي المعروف بـ"الحصافة والدهاء وسرعة البديهة" من الخصال العربية، ولم نؤمر بذلك من منظمات عالمية تحتكر الفكرة وتعمل على مراقبة العالم بحجج كانت مخترعة ومدونة ومفصلة ومجهزة للتدخل في شؤون البلاد ومحاولة النيل منها بما أسمته "حقوق الإنسان"!
أي إنسان يقصد بذلك؟ الذي يقذف بالحجارة على الحدود الأوروبية، أم ذلك القابع في مخيمات الثلوج بين الطين والماء وهبوب الشتاء! أم أولئك الغارقون في مياه البحر حين محاولات الهرب من ويلات الحرب في سورية وليبيا واليمن والعراق وغيرها من البلاد التي تدمرت في سكرة ونشوة الجنس الفوقي الذي صنف نفسه كذلك، دون أن يعلم بأن الأقنعة ستسقط وسينكشف الزيف وستتهاوى حكاية حقوق الإنسان التي كانت مفتاح السر للدول والسجون والمجرمين والمتمردين على القانون. لقد فسدت البيضة التي تفقس ذهباً كل يوم، واتضح أن ما بداخلها ليس سوى غراب أسود ينعق على الجيف! ذلك لأننا نرى على الجانب الآخر المعيار المتعنصر بعنصر العرق والدم والمكان واللغة، فقط نجد الهرولة والضيافة وفتح الحدود وصرف المليارات، وهذا جيد بطبيعة الحال، احتراماً وإنقاذاً لكينونة طلبات النجدة، وهذا على نقيض ما كان يجرى على الضفة الأخرى من النهر! ومن هنا تسقط الأقنعة ويظهر الجنس الفوقي كما يرى نفسه، فينقسم العالم إلى قسمين، ونعتقد بأنه سيكون تقسيماً مفروضاً بعد الحرب العالمية الثالثة.




http://www.alriyadh.com/1944719]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]