المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مستقبل العالم.. نمط حروب الجيل الرابع والحرب اللامتماثلة



المراسل الإخباري
04-12-2022, 00:09
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
الجيل الرابع من الحروب هي فكرة شمولية تذهب أبعد من استخدام معايير الحروب التقليدية، في حروب ثقافية وفكرية وثورية ومجتمعية وأويديولوجية، تعتمد المعلومة وتديرها العولمة وتطبقها التقنية..
نحن اليوم أمام حرب مختلفة أثارت الكثير من الأسئلة حول طريقة أداء الأطراف المتحاربة وشكل الصراع بين قوتين نوويتين، إحدى هذه الدول وهي روسيا تحارب بشكل مباشر بينما تحارب أمريكا بشكل غير مباشر وبطرق مختلفة ومتعددة، وبالنظر إلى الطريقة التي يتعامل بها البيت الأبيض مع هذه الحرب ندرك أن أمريكا تعيش حالة الحرب الفعلية وكأنها ترسل الجنود الأمريكيين إلى أوكرانيا، ولكن لا تبدو هذه الفكرة دقيقة فالإدارة الأمريكية تتحاشى الحديث عن تدخل مباشر، ولكنها في ذات التوقيت هي تخوض هذه الحرب بكامل قوتها.
وهنا نطرح السؤال المهم حول ماهية الحرب التي تخوضها أمريكا ضد روسيا وما نوعها، وهل اعتمدت أمريكا هذا النمط المستحدث من الحروب العالمية؟ للإجابة عن هذا السؤال لا بد من العودة إلى مصطلح مهم انطلق في أمريكا وبدأ يأخذ طريقة للمناقشة والطرح على المستوى الدولي في الولايات المتحدة تحديدا في أواخر الثمانينات وتحديدا في العام 1989م، هذا المصطلح "هو الجيل الرابع من الحروب".
الجيل الرابع من الحروب هي فكرة شمولية تذهب أبعد من استخدام معايير الحروب التقليدية، في حروب ثقافية وفكرية وثورية ومجتمعية وأويديولوجية، تعتمد المعلومة وتديرها العولمة وتطبقها التقنية، ويتفق الكثير من المهتمين في تعريف حروب الجيل الرابع الى عدة عوامل انقل لكم بعضها هنا:
أولاً: حروب الجيل الرابع أتت كنتيجة طبيعية لتلاشي احتكار الدول للقوة العسكرية حيث أصبحت المليشيات والمنظمات المنشقة تمتلك السلاح والقوة العسكرية وهناك في عالمنا اليوم الكثير من الأمثلة لمثل هذه القوى خارج تكوينات الدول، ولعل منطقة الشرق الأوسط تمتلك الكثير من هذه الأمثلة.
ثانيا: أدى تزايد التعقيدات الاقتصادية وترابطها إلى بروز التهديدات الأمنية للأمن الوطني للدول.
ثالثا: برز في عالم اليوم أفراد وجماعات نقلت ولاءها ومواطنتها من الدولة إلى ذاتها وحاجاتها الخاصة.
رابعا: التطور الهائل للتكنولوجيا والمعلومات الرقمية والذكاء الاصطناعي.
خامسا: توجه الدول إلى الاعتماد على المليشيات والجماعات المناهضة والاعتراف بها ودعمها للقيام بتحقيق الأهداف عبر الثورات أو العمليات الإرهابية.
سادسا: استغلال التقنية والتطورات التكنولوجية في صناعة اتجاهات رأي معارضة داخل الدول المستهدفة لمثل هذه الحروب وضرب العلاقة بين الدول ومجتمعاتها وشن الحروب النفسية وضرب المعنويات النفسية للشعوب.
حروب الجيل الرابع تستخدم مسارات أقل اعتمادا على القوة والخشونة وتستبدل ذلك بالقوة الناعمة التي تعتمد على الضغوطات الاقتصادية وتأليب الرأي العام، ولعل مثال الحرب الروسية الأوكرانية يطرح أمامنا نموذجا قائما من حروب الجليل الرابع الذي يبدو أن أمريكا قد اعتمدته في صراعها مع روسيا على الأراضي الأوكرانية، هذه الحرب هي نمط من الحروب اللامتماثلة التي من الواضح أنها سوف تسود العالم مستقبلا وهي تعتمد وسائل وتقنيات غير تقليدية ولكنها ذات مخاطر عالية على الدول، وروسيا في هذه الحرب تمثل الحالة الفعلية لحروب الجيل الرابع ذات الأنماط المتوغلة في البناء المجتمع والاستخدام المباشر للعولمة وتقنياتها وبرامجها وكذلك تأهيل الأنظمة الاقتصادية الدولية لتكون جزءا من الحرب الدولية.
خلال العقد الماضي شهد الشرق الأوسط أولى التجارب الدولية في حروب الجيل الرابع واستخدمت التكنولوجيا والعولمة لتمرير أدوات هذه الحرب عبر تغذية الثورات، ولم تتوقف هذه التجربة عند الشرق الأوسط فقط فقد شهد العالم خلال جائحة كورونا تمثيلاً فعلياً لأدوات هذه الحرب من الجيل الرابع، وثبت بالدليل القاطع أن الدول القوية وغيرها تتجه بقوة إلى استخدام الجيل الرابع من الحرب، بهذا النوع من الحروب أصبح الصراع النووي بعيدا، فلن يكون هناك أي شكل من المواجهة النووية، فالقوة النووية لم تعد حكرا في موقع معين والدخول في حرب نووية يعني نهاية الكون كله، لهذه الأسباب ستكون حرب الجيل الرابع هي البديل القائم الذي سوف تعتمد عليه نظريات المنافسة والقوة والنفوذ للدول الكبرى.
في الشرق الأوسط تتبلور مهام الدول في ترقية الوعي المجتمعي لفهم هذا النوع من الحروب، فالحروب اللامتماثلة هي شكل من الحروب غير التقليدية التي تسمح للدول القوية أن تحارب حتى الدول الصغيرة دون أن تطلق رصاصة واحدة، ولعل الأخطر في مثل هذه الحروب أن يختلط فيها مفهوم السلام مع مفهوم الحرب، حيث لا توجد ساحات للقتال محددة وتستهدف هذه الحروب البناء الاجتماعي والمواطنة وتدعم ترقية المصالح الفردية والجماعية نحو مكانة أرقى من مكانة المواطنة، ولعل أكثر التجارب حيوية في مثل هذه الحروب هي الحرب الروسية - الأوكرانية وتفسيراتها العسكرية والاقتصادية والسياسية فنحن أمام حرب من نوع جديد تهدف الكثير من الدول القوية إلى جعلها نموذجا متبعا في حروبها المستقبلية.




http://www.alriyadh.com/1945173]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]