المراسل الإخباري
04-15-2022, 06:19
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
لقد أصبحت المعلوماتية العالمية منها والاجتماعية تضج بالرأس ضجيجاً متناقضاً يحمل كل طرف فيه نقيضه على كتفه، حتى أصبح اليقين لدينا باهتاً صدئاً قاتماً لا يلوي على شيء سوى ملء المساحات الرقمية والإعلامية،..
في أواخر القرن العشرين صدر كتاب مهم بعنوان فلسفة العلم في القرن العشرين لكاتبه الإنجليزي "دونالد جيليز"، وكأن بهذا العلم الغزير الذي أنتج نظريته تلك في كيفية الجمع بين العلم والفلسفة من أجل إذكاء الوظائف الذهنية حين التلقي.
فالمتلقي في زماننا هذا لم يعد كسابقيه من أجدادنا الذي دأبوا على الحفظ والتلقين، بل هو نهج يتواءم مع معطيات هذا العصر وحيثيات غزارة رسائله الذهنية قبل الوجدانية أو حتى العاطفية، ولعل هذا ما يتطلبه متلقي الرسائل الدافقة عن مصبات القنوات الإلكترونية والإعلامية وحتى تلك السطور الظاهرة منها والخفية بين ردهات الكتب. وهو مطلب عصري يؤمه الكثير من الخطرات التي تأبى أن تستسلم لحتمية المعطى الماثل بين أيدينا.
هذا الكاتب الإنجليزي درس الرياضيات والفلسفة في مرحلته الجامعية في جامعة كمبردج، ومن هنا وبعد نبوغه في توءمة الحسابات الرقمية مع الفلسفة أخرج لنا رسالة الدكتوراة بما يسمى "أصول الاحتمال" عام 1970.
نحن هنا لن نتتبع نظرية جيليز، فهو علم كبير يحتاج إلى رسائل علمية عديدة، ولكننا هنا نلتقط نقطة مهمة هي فلسفة الاحتمال، في محاولة منا للتجول بين ردهات واقعنا الآن وما نحن فيه من زخات المعطيات الإخبارية والإشاعات والحقائق المغموسة في حبر الزيف في أغلب الأحيان، ونستعير فلسفة الاحتمال في معناها الاصطلاحي الظاهري، ذلك بأن نخضع كل ما يرد إلى أسماعنا وأبصارنا وكل ما يتجول في أذهاننا إلى مقولة الاحتمال.
العالم اليوم ينفض رداءه بين مشرقه ومغربه، واللذان أصبحا زاوية الانحراف بين الحقيقة والاحتمال، وهو ما يجعلنا نتخذ دعائم الاحتمال في الوهلات الأولى من التلقي، ذلك لأن الاحتمال يجعلنا أكثر ثقلاً وأنبه تيقناً في نهاية المطاف، فالمسألة الرياضية التي كان يخضعها جيليز تحيلها إلى هالة كبيرة من الفلسفة التي تقودنا في نهاية الأمر إلى المعرفة، فالمعرفة كهف مظلم شمعته هي التفكير المستمر وبلا توقف دون تسليم حواسنا لقنوات إعلامية وفضاءات إلكترونية وحتى مجالات التواصل الاجتماعي التي أصبحت بديلاً عن جلسات المقاهي وتناقل الأخبار، حتى باتت ثقافة أغلبنا أقرب إلى ثقافة المصاطب، كما أنها مهدت إلى حد كبير لطرق الإرهاب طواعية لهؤلاء أو هؤلاء بلا احتمال يقودنا إلى التدقيق ومنه للوعي الكامل أو قل الإمساك بأهداب الحقائق، ونعني بثقافة المصاطب ما كانت لدى أسلافنا دككاً يجلس عليها العابرون ويأنس بهم الجالسون ثم تنفض مجالسهم بمعلومات ترسوا في الأذهان بلا ركائز معرفية أو أدلة ثابتة، وهنا أصبحت مدارات الحكي هي ما تصوغ عوالم أغلبها من الوهم، وأقلها صناعة الفزع والتشاؤم أو حتى سيرة شخصيات قد لا يستحقون ما يقال عنهم من تشهير ومن إدعاءات.
قد تمر المعلومات إلى أذهاننا وكأنها حقائق، قد تكون كذلك لكنها في بداية الأمر تحتاج إلى تجليات ذهنية تتفاعل كيميائياً في مراحل الإدراك بين الاحتمال والتكذيب، وهذا هو ديدن الباحثين والعلماء والفلاسفة كمعبر نحو المعرفة، فالتكذيب هنا ليس معناه النفي والتشبث بالرأي، وإنما هو تكئة تبعث على التفكير للوصول لما هو قائم بالفعل وليس ما هو قائماً بالقوة! وفي هذا يقول جيليز: "يعد مذهب التكذيب نظرية من نظريات المنهج العلمي، وجهة أكثر تحديداً النظرية التي تقول بأن المعرفة والعلم يتقدمان من خلال التخمينات التي يطرحها المرسل، يجب أن تكون قابلة للدحض بواسطة الملاحظة والتجربة، وهذا يعني أنه ينبغي علينا أن نطلق فقط على التخمينات القابلة للتنفيذ والتكذيب أنه تفكير علمي".
هذا المنهج العلمي في صياغة الأفكار هو ما يتوصل به العلماء والدارسون إلى نتائج، فإذا ما اعتبرنا أن كل مقولة أو معلومة تنتقل عبر حواسنا وعبر أي قناة ما، خاضعة للتخمين من أجل النهوض بالحقيقة وبالمعرفة وباتخاذ القرار في نهاية الأمر.
لقد أصبحت المعلوماتية العالمية منها والاجتماعية تضج بالرأس ضجيجاً متناقضاً يحمل كل طرف فيه نقيضه على كتفه، حتى أصبح اليقين لدينا باهتاً صدئاً قاتماً لا يلوي على شيء سوى ملء المساحات الرقمية والإعلامية، وأصبح كل فرد يفتح له قناة خاصة به يرسل منها ما يسمعه دون تخمين أو تحقق، بين حرب وسلم، وبين دمار شامل وحروب عالمية، وبين تحالفات وانقسامات، أغلبها مغطاة بالشخصنة وبالعنصرية وبالمصالح الذاتية وبالفساد بين خلق الله علاوة على الفساد العالمي صاحب الميزان المقلوب والباعث على تفاهة الغثاء واضمحلال اليقين، ومن هنا نعتقد بأنه بات أمراً محتوماً أن نتبع منهج التخمين ثم إعمال العقل بالتدقيق والتمحيص دون استسهال في إرسال رسائل منقولة، حتى نصل إلى نتائج تصلح من ثرثرات المصاطب!
http://www.alriyadh.com/1945913]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
لقد أصبحت المعلوماتية العالمية منها والاجتماعية تضج بالرأس ضجيجاً متناقضاً يحمل كل طرف فيه نقيضه على كتفه، حتى أصبح اليقين لدينا باهتاً صدئاً قاتماً لا يلوي على شيء سوى ملء المساحات الرقمية والإعلامية،..
في أواخر القرن العشرين صدر كتاب مهم بعنوان فلسفة العلم في القرن العشرين لكاتبه الإنجليزي "دونالد جيليز"، وكأن بهذا العلم الغزير الذي أنتج نظريته تلك في كيفية الجمع بين العلم والفلسفة من أجل إذكاء الوظائف الذهنية حين التلقي.
فالمتلقي في زماننا هذا لم يعد كسابقيه من أجدادنا الذي دأبوا على الحفظ والتلقين، بل هو نهج يتواءم مع معطيات هذا العصر وحيثيات غزارة رسائله الذهنية قبل الوجدانية أو حتى العاطفية، ولعل هذا ما يتطلبه متلقي الرسائل الدافقة عن مصبات القنوات الإلكترونية والإعلامية وحتى تلك السطور الظاهرة منها والخفية بين ردهات الكتب. وهو مطلب عصري يؤمه الكثير من الخطرات التي تأبى أن تستسلم لحتمية المعطى الماثل بين أيدينا.
هذا الكاتب الإنجليزي درس الرياضيات والفلسفة في مرحلته الجامعية في جامعة كمبردج، ومن هنا وبعد نبوغه في توءمة الحسابات الرقمية مع الفلسفة أخرج لنا رسالة الدكتوراة بما يسمى "أصول الاحتمال" عام 1970.
نحن هنا لن نتتبع نظرية جيليز، فهو علم كبير يحتاج إلى رسائل علمية عديدة، ولكننا هنا نلتقط نقطة مهمة هي فلسفة الاحتمال، في محاولة منا للتجول بين ردهات واقعنا الآن وما نحن فيه من زخات المعطيات الإخبارية والإشاعات والحقائق المغموسة في حبر الزيف في أغلب الأحيان، ونستعير فلسفة الاحتمال في معناها الاصطلاحي الظاهري، ذلك بأن نخضع كل ما يرد إلى أسماعنا وأبصارنا وكل ما يتجول في أذهاننا إلى مقولة الاحتمال.
العالم اليوم ينفض رداءه بين مشرقه ومغربه، واللذان أصبحا زاوية الانحراف بين الحقيقة والاحتمال، وهو ما يجعلنا نتخذ دعائم الاحتمال في الوهلات الأولى من التلقي، ذلك لأن الاحتمال يجعلنا أكثر ثقلاً وأنبه تيقناً في نهاية المطاف، فالمسألة الرياضية التي كان يخضعها جيليز تحيلها إلى هالة كبيرة من الفلسفة التي تقودنا في نهاية الأمر إلى المعرفة، فالمعرفة كهف مظلم شمعته هي التفكير المستمر وبلا توقف دون تسليم حواسنا لقنوات إعلامية وفضاءات إلكترونية وحتى مجالات التواصل الاجتماعي التي أصبحت بديلاً عن جلسات المقاهي وتناقل الأخبار، حتى باتت ثقافة أغلبنا أقرب إلى ثقافة المصاطب، كما أنها مهدت إلى حد كبير لطرق الإرهاب طواعية لهؤلاء أو هؤلاء بلا احتمال يقودنا إلى التدقيق ومنه للوعي الكامل أو قل الإمساك بأهداب الحقائق، ونعني بثقافة المصاطب ما كانت لدى أسلافنا دككاً يجلس عليها العابرون ويأنس بهم الجالسون ثم تنفض مجالسهم بمعلومات ترسوا في الأذهان بلا ركائز معرفية أو أدلة ثابتة، وهنا أصبحت مدارات الحكي هي ما تصوغ عوالم أغلبها من الوهم، وأقلها صناعة الفزع والتشاؤم أو حتى سيرة شخصيات قد لا يستحقون ما يقال عنهم من تشهير ومن إدعاءات.
قد تمر المعلومات إلى أذهاننا وكأنها حقائق، قد تكون كذلك لكنها في بداية الأمر تحتاج إلى تجليات ذهنية تتفاعل كيميائياً في مراحل الإدراك بين الاحتمال والتكذيب، وهذا هو ديدن الباحثين والعلماء والفلاسفة كمعبر نحو المعرفة، فالتكذيب هنا ليس معناه النفي والتشبث بالرأي، وإنما هو تكئة تبعث على التفكير للوصول لما هو قائم بالفعل وليس ما هو قائماً بالقوة! وفي هذا يقول جيليز: "يعد مذهب التكذيب نظرية من نظريات المنهج العلمي، وجهة أكثر تحديداً النظرية التي تقول بأن المعرفة والعلم يتقدمان من خلال التخمينات التي يطرحها المرسل، يجب أن تكون قابلة للدحض بواسطة الملاحظة والتجربة، وهذا يعني أنه ينبغي علينا أن نطلق فقط على التخمينات القابلة للتنفيذ والتكذيب أنه تفكير علمي".
هذا المنهج العلمي في صياغة الأفكار هو ما يتوصل به العلماء والدارسون إلى نتائج، فإذا ما اعتبرنا أن كل مقولة أو معلومة تنتقل عبر حواسنا وعبر أي قناة ما، خاضعة للتخمين من أجل النهوض بالحقيقة وبالمعرفة وباتخاذ القرار في نهاية الأمر.
لقد أصبحت المعلوماتية العالمية منها والاجتماعية تضج بالرأس ضجيجاً متناقضاً يحمل كل طرف فيه نقيضه على كتفه، حتى أصبح اليقين لدينا باهتاً صدئاً قاتماً لا يلوي على شيء سوى ملء المساحات الرقمية والإعلامية، وأصبح كل فرد يفتح له قناة خاصة به يرسل منها ما يسمعه دون تخمين أو تحقق، بين حرب وسلم، وبين دمار شامل وحروب عالمية، وبين تحالفات وانقسامات، أغلبها مغطاة بالشخصنة وبالعنصرية وبالمصالح الذاتية وبالفساد بين خلق الله علاوة على الفساد العالمي صاحب الميزان المقلوب والباعث على تفاهة الغثاء واضمحلال اليقين، ومن هنا نعتقد بأنه بات أمراً محتوماً أن نتبع منهج التخمين ثم إعمال العقل بالتدقيق والتمحيص دون استسهال في إرسال رسائل منقولة، حتى نصل إلى نتائج تصلح من ثرثرات المصاطب!
http://www.alriyadh.com/1945913]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]