المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زيارة إلى مكتبة



المراسل الإخباري
04-21-2022, 20:24
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png تلفتُني في "الرياض"، قسمِها الثقافي، صفحةُ "زيارة إِلى مكتبة"، والمثابرة عليها، أُتابع فيها كُنُوز ما يختزنه في بيته مثقَّفٌ طُلَعَة، يَفيْءُ إِلى كُتُبها غارفًا من منابعها أَغمار الخبز المعرفيّ، فيَثْبُتُ أَن الكتاب نبعُ المعارف جميعًا.
وإِذ أُراقب الكتب التي، في تلك الصفحة، يستعرضها صاحبُ المكتبة، أُلاحظ أَن معظمَها من كُتُب التراث العربي العريق الذي مازلنا حتى اليوم نستقي منه ولا نرتوي، ولَن.
هذا الأَمر يقودُني إِلى موضوع الكتاب في صيَغه المعاصرة الحديثة، في عصر التكنولوجيا والإِنترنت والإِلكترونيات. وبالكلام على كتب التراث، يبدو لي أَن أَكثرها بات اليوم على الشاشة العنكبوتية، سهل المنال، سهل التصفُّح، سهل البلوغ إِلى ما فيه تقليبًا وتقريبًا.
من هنا أَن صاحب المكتبة بات يشعر بضيق المكان فيما يمكنه أَن يقرأَ أَيَّ كتاب، تراثي أَو قديم أَو حديث، على المتوفِّر له من شاشاته: هاتفه الجوال في كفّ يده، لوحه الذكيّ بين يديه، أَو جهاز حاسوبه الثابت إِلى مكتبه.
أَفهم أَنَّ مَن هُم مِن جيلي، مواليد منتصف القرن الماضي، ما زالوا، كما يُسِرُّ لي أَصدقائي وأَترابي، يفضِّلون حمل الكتاب بين اليدين وقراءته بتقليب صفحاته تَوَاليًا. غير أَن هذه العادة الموروثة لا بُدَّ أَن تَغْرُب، لأَن الجيل الجديد سبَقَنا إِلى مرافقة الشاشات، صغيرها (الهاتف)، أَوسطها (اللوح الذكي)، أَو كبيرها (الكومبيوتر)، كما سبَقَنا إلى البحث، من جوَّاله في كف اليد، عن أَي مرجع علْمي أَو أَدبي أَو ثقافي عام، لدى الكثير من المكتبات الإِلكترونية التي باتت تزخر بآلاف المراجع، مسهِّلَةً بلوغَها الفوريّ، موفِّرةً عناءَ التنقُّل بين مكتبة وأُخرى، وأَكثر: موفِّرةً حتى الانتقال سَفَرًا أَو مسافاتٍ أَرضيةً بين مكتبة في بلدٍ وأُخرى في بلد آخَر، على ما كان دأْب كبارنا العلماء أَو الباحثين المتكرسين في مغاني المعرفة.
ومن قراءة الكتاب على إِحدى الشاشات الثلاث، تطل علينا دُرْجةٌ تكنولوجية جديدة: الكتاب الصوتي. ذلك أَن دور النشر الغربية (وبعض العربية ولو بأَقلَّ التزامًا) باتت تُصدر تسجيلات صوتية لبعض الكُتب ذات المواضيع التي يَعذُبُ الإِصغاء إِلى مضمونها مثلما تَعْذُبُ قراءتُها. ويتخصص الغرب بذلك فيلجأُ للتسجيل إِلى ممثِّلين مسرحيين يُجيدون الأَداء الرخيم واللفظ السليم، ما يجعل "سَماع" الكتاب سائغًا أَينما تسنَّى "سماعُهُ": في السيارة أَثناء القيادة (عوض الراديو) خصوصًا في المسافات الطويلة، أَو في البيت حين يخلو من ضجيج الآخرين، أَو في الحديقة عند التنَزُّه، أَو على شاطئ البحر أَو في سكينة الجبل. وهو أَمر بات يزداد في الفترة الأَخيرة، كما أَقرأُ أَحيانًا في معظم الصحف الغربية عن صدور كتاب بالصيَغ الثلاث: الورقية، الإِلكترونية، والسمعية.
إِنها المعرفة باتت مُتاحةً بأَسهل الطرُق وأَسرعها تماشيًا مع العصر السهل والسريع، فلا نتعصبنَّ للكتاب الورقي وحده دون تسهيلات العصر. ويلفتُني هنا أَن بين من تستقبلهم "الرياض" في صفحة "زيارة إِلى مكتبة" واعين بكل رحابةٍ دُخُولَ الكتاب الإِلكترونيّ إِلى هَيبة مكتبتهم الورقية، ما يشير إِلى دخول العصر بجميع إِيجابياته كي يغتني نهْل المعرفة بأَفضل الوسائل المتاحة.
ذلك أَن المهم، لقطْف أَطيب مواسم الثقافة، أَن تكون الــــ"زيارة إِلى مكتبة" متأَقلمةً مع تقدُّم العصر، كما تطلُّ علينا "الرياض" في قسمها الثقافي الزاخر بينابيع المعرفة.




http://www.alriyadh.com/1946970]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]