المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنا أيضاً إنسان



المراسل الإخباري
04-22-2022, 11:22
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
الكاتب في رحلته هذه عبر عوالم قصار القامة يسبح في ظلمات ودهاليز عالم كبير مهمش، يعاني من نظرة الناس له ويعيش بينهم غريباً بل يكون لافتاً لنظرات قد يكون قليلها تعطفاً والكثير ما يثير الضحك والسخرية، وخير دليل على كلامنا هذا هو استجلابهم على خشبات المسارح للتندر عليهم ولاستدرار الضحك..
في ضوء ما نشرته المكتبات غثها وسمينها نبحث عن معنى، وننقب عن طرح جديد، في عالم كثر فيه الغثاء، وضجت ردهات المكتبات بأغلفة تظلم كل ما هو ثمين وقيم.
أنا أيضاً إنسان استعرناه من عنوان كتاب جديد يطرح ما هو المسكوت عنه، لكاتبه الإعلامي محمود أحمد حسن، والذي اتصلت به منظمة الأيزو العالمية ثم احتفلت به وأهدته درع فارس الجودة على هذا الكتاب، وبه وضع لفظ الأقزام في المادة 81 من الدستور المصري الحالي بعد أن كانوا تحت مسمى المعاقين.
هذا الكاتب في رحلته هذه عبر عوالم قصار القامة يسبح في ظلمات ودهاليز عالم كبير مهمش، يعاني من نظرة الناس له ويعيش بينهم غريباً بل يكون لافتاً لنظرات قد يكون قليلها تعطفاً والكثير ما يثير الضحك والسخرية، وخير دليل على كلامنا هذا هو استجلابهم على خشبات المسارح للتندر عليهم ولاستدرار الضحك. عالم لا نعلم عن خباياهم النفسية وعن بنية ومكنون تكوينهم النفسي، إذ يراهم المجتمع عنصراً هامشياً لا يلوي على شيء سوى استدرار العطف أو التكسب من عيبهم الخلقي إذا ما اعتبرناه عيباً وهو ليس كذلك بل هو خلل تكويني يرجع إلى إما خلل غذائي أو هرموني أو وراثي ولكنهم يتمتعون بكل الجوانب الشخصية والبشرية والذهنية أيضاً.
يقول الكاتب في كتابه: "وصلت الاستهانة بتلك الطائفة أنهم لم يخضعوا لدراسات أو إحصائيات رسمية وإن كل الدراسات والإحصائيات كانت من باحثين بشكل خاص وقد أكدت تلك الدراسات أن عدد قصار الطول على مستوى العالم يصل إلى 200 ألف قصير وأن معظم بلدان العالم تتعامل مع تلك الفئة على أنهم مواطنون من الدرجة الثالثة ويطلقون عليهم لفظ "أقزام" ولم تتم مراعاة ظروفهم في مختلف مطالب الحياة من حيث السكن والصحة العامة والنفسية والاجتماعية والتعليم وكذا الأرصفة ووسائل المواصلات والملابس والنظرة الاجتماعية بصفة عامة".
وبطبيعة الحال نحن نتفق مع الكاتب فيما طرحه من دراسة مستفيضة حول هذه الفئة والتي أصبحت جزءًا من المجتمع برغم عدم مراعاة ظروفهم، غير أننا لا نلوي على شيء سوى إطلاق هذا المسمى لنتمكن من تصنيف هذه الفئة ووضعها في خانة اجتماعية عازلة. فمصطلح قزم بهذا اللفظ لم يرد في المصطلحات العلمية بل إن مصطلحه العلمي المستخدم لحالتهم هو "القزامة" لكن مصطلح الأقزام هو المستخدم عربياً؛ بالرغم من كون لفظ قزم من المصطلحات التي تعتبر مهينة في اللغة الإنجليزية إلا أنه يستخدم عربياً، فكلمة دوارف "Dwarf" أو ميدجيت Midget لا يتم استخدمها بل يتم استبدالها بمصطلح "الأشخاص الصغار" Little people.
ربما نجد أنه من المجحف أن نلاحقهم بأبصارنا والتندر عليهم وإطلاق هذا المصطلح يلامس أذى في مكامن ذواتهم، ولكن هل اقتصر ذلك على ذلك، بل امتد إلى مشكلات عديدة طرحها هذا الكتاب القيّم الذي بين أيدينا، ونحن أمة حباها الله بدين ينبذ السخرية أو الاحتقار أو حتى التجاهل وعدم الاعتناء؛ ولاسيما أنه قد أظهر لنا أن هذه الفئة تتمتع بذكاء وحرفية وشخصية قد تفوق طوال القامة، وطرح لنا أمثلة كثيرة منهم أحد وزراء الفراعنة "سنب" الذي عاش في الأسرة الخامسة وتزوج من امرأة كاملة البنية ودفن في مقبرة فخمة بجانب هرم خوفو، وكذلك أحد البارزين في البلاط الملكي "تشنوم حوتب"، وكذلك "مايكل أندرسون" الذي بدأ حياته في ناسا ثم أصبح أحد مشاهير هوليوود والذي يبلغ طوله 109 سم، ثم ساق الكثير والكثير من الأمثلة التي تجعلنا نخجل من أنفسنا جراء نظرتنا لهذا العالم وهذه الفئة المهمشة والمهضوم حقها.
يقول أحد الباحثين في هذا الصدد تحت عنوان (فقر وبطالة وأمية.. وحكومات تتجاهلهم): "الحكومات لا تصنفهم كأسوياء كما لا تصنفهم من ذوي الحاجات الخاصة، بل تتركهم فئة مهمشة لا ذنب لها سوى أنها ولدت هكذا. والغالبية الساحقة منهم تعاني الأمية، والقلة القليلة التي تكمل تعليمها غالباً لا تجد وظائف تتناسب مع مؤهلاتها، على سبيل المثال الوظائف الخاصة بهم هي مهنة نادل في المقاهي أو ماسح للأحذية أو التسول، البعض احترف مهناً أخرى لكن المشكلة تكمن في الزبائن الذين يفضلون التعامل مع من يشبههم لا من يختلف عنهم.. في الدول الغربية هناك مؤسسات تدرب الأقزام على مختلف الوظائف، صحيح أنهم مازالوا عرضة للسخرية والتهميش، لكن حياتهم أفضل بأشواط من حياة أقزام الدول العربية".
ولذلك كان حرياً بنا ونحن في مطلع القرن الواحد العشرين أن تكون هذه الفئة في أولى قائمة حقوق الإنسان، التي لا تستخدم سوى في التكئات السياسية وملاحقة المؤسسات العربية وحكومات. حري بنا أن ندرج عناوين الأبحاث في جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية، حري بنا أن تقوم الحكومات بإنشاء مشاريع خاصة بهم كما نوه كاتب الكتاب بالاضافة إلى العمل على مراعاة ظروفهم في وسائل المواصلات والمطاعم والملابس وحتى الإسكان فهم فئة من الدرجة الأولى في المجتمعات لا ينقصهم شيء سوى بعض السنتمترات.




http://www.alriyadh.com/1947094]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]