المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ميادين الحرب والسلام



المراسل الإخباري
04-24-2022, 00:14
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
لقد سعدت المنطقة والعالم بما تم من جهود لجمع شمل القوى اليمنية الفاعلة في الشمال والجنوب لتحقيق السلام في اليمن، لقد بذلت قيادة المملكة جهوداً جبارة لتقريب وجهات النظر وتغليب مصلحة الشعب اليمني
الرواية الروسية الخالدة "الحرب والسلام" للكاتب الروسي "ليو تولستوي"، تروي قصة المجتمع الروسي إبان حملة نابليون على روسيا في بداية القرن التاسع عشر، حين اجتاح القائد الفرنسي نابليون بونابارت الأراضي الروسية، ودخل موسكو ثم انسحب بعد أن حاصره وهزمه شتاء روسيا القارس، ورفض القيصر الروسي ألكسندر الأول الاستسلام، وكانت هذه الحملة بداية سقوط الإمبراطور نابليون الذي بدأ حياته ضابطاً في سلاح المدفعية، وما لبث أن حقق انتصارات عظيمة في بناء القوة الفرنسية، ثم نجح في اجتياح أوروبا وإخضاعها. لكن طموحه غير المحدود انتهى به إلى المنفى بعد هزيمته في معركة "واترلو" قرب بروكسل عاصمة بلجيكا ونفيه إلى جزيرة ألبا. وفي أقل من عام هرب من الجزيرة وتربع على عرش فرنسا ثانية، واستعاد مجده السابق، لكن تمت هزيمته مرة أخرى، ونفي إلى جزيرة "القديسة هيلانة" البريطانية ليموت فيها بعد ست سنوات.
اليوم تخوض روسيا صراعاً مسلحاً مع جارتها أوكرانيا وعاصمتها "كييف"، والتي كانت إحدى دول الاتحاد السوفييتي السابق، والتي أصبحت عصيّة على الجيش الروسي بسبب المقاومة الشديدة التي أبداها الأوكرانيون بدعم أوروبا وأميركا، وحصولهم على أسلحة غاية في الدقة تناسب حرب الشوارع واقتناص الدبابات وقتل الجنود.
الشيء المؤكد هو أن كلاً من روسيا وأوكرانيا ارتكبتا أخطاء جسيمة أدت لهذه النتائج المؤلمة لكلا الطرفين، نزاع مكلف استنزف وسيستنزف الدولتين مادياً وبشرياً، وسيزداد مع إطالة أمد الحرب والحصار الاقتصادي غير المسبوق على روسيا من قبل الغرب، وخاصة من بريطانيا وأميركا، ليس هذا فقط، لكن لا أحد يعلم إلى أين ستتجه المواجهة؟ وهل ستكون شاملة، قد تستخدم فيها أسلحة التدمير الشامل، أم يتم التوصل إلى حلول ترضي الطرفين وتحفظ ماء الوجه؟
دروس كثيرة لمن يقرأ تاريخ الحروب في الماضي والحاضر ليستنبطها، وهي مهمة وكثيراً ما يتم تجاهلها، ومن أهمها:
أولاً: نهاية الحروب ليست كبداياتها، ولا شيء كسياسة الحياد وإقامة علاقة جيدة مع كل القوى الفاعلة في العالم، علاقات مبنية على المصالح المشتركة، ومن أهمها المصالح الاقتصادية والتبادل التجاري والسياحي، والتي لا تقل عن كسب النزاع المسلح في أهميتها، ومن المهم جداً إقامة علاقات ودية ومتوازنة مع جميع الدول المجاورة كل ما كان ذلك ممكناً. ولا أجمل من عبارة الرئيس الأميركي "أبراهام لينكولن" بعد انتصاره على الجنوب الأميركي في الحرب الأهلية حيث قال: "لقد انتصرنا على أعدائنا، حولناهم إلى أصدقاء".
أفضل الحلول وأسهلها وأقلها تكلفة لحل الخلافات هو ما يتم على طاولة المفاوضات من مبدأ أنا أكسب وأنت تكسب، بدلاً من أكسب وتخسر أو العكس، مع تغليب المصلحة العامة وتفادي أي نزاع مسلح مهما بدا صغيراً في بدايته، فالحروب يمكن تحديد بداياتها لكن غير معروف نهاياتها.
ثانياً: ميزان القوى في العالم لا يزال بيد الغرب وخاصة في الجانب الاقتصادي والعسكري، ذلك أنه يمتلك الإعلام والتقنية، والسبب هو ما يخصص من أموال طائلة، وما يستقطب من علماء للأبحاث والتطوير، والتي يكون لها في الغالب استخدامات عسكرية ومدنية، كعلوم الفضاء، والاتصالات وأمنها واستخداماتها المختلفة، والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، وغيرها مما تزخر به الثورة الصناعية الرابعة.
ثالثاً: لا شيء يكمل الجهد ويردع المعتدي ويمنع النزاعات المسلحة كالبناء في الداخل، وامتلاك القوة بكل مقوماتها (العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية). فالرخاء الاقتصادي والأمن والعدل ومكافحة الفقر كفيلة ببناء جبهة داخلية قوية متماسكة، أما امتلاك القوة العسكرية والاقتصادية فهي كفيلة بأن تُكسب من يمتلكها احترام العالم وتمكنه من إقامة علاقات متوازنة أساسها المصالح المشتركة، وهذا ما تسعى إليه حكومة المملكة بقيادة الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد، فكل الخطوات التي تمت في الست سنوات الماضية من وضع الرؤية 2030 وأهدافها وبرامجها المختلفة، ومكافحة الفساد العدو الأول للتنمية، والتركيز على التصنيع والأبحاث والتطوير، والسياحة، وتطوير التعليم، وتمكين المرأة، دليل العزم على بناء وطن قوي ومهاب، ومستقر وآمن.
وأخيراً لقد سعدت المنطقة والعالم بما تم من جهود لجمع شمل القوى اليمنية الفاعلة في الشمال والجنوب لتحقيق السلام في اليمن، لقد بذلت قيادة المملكة جهوداً جبارة لتقريب وجهات النظر وتغليب مصلحة الشعب اليمني، وإيقاف الحرب، ومنها نقل كامل سلطات الرئيس عبدربه منصور هادي إلى فريق يدير شؤون الدولة من عدن، ويتولى توحيد الجبهة وإحلال السلام، وإجبار الحوثيين على قبول السلام، والوصول إلى حلول تصب في مصلحة اليمن.
وآمل أن تكلل الجهود التي بذلت في عاصمة العرب "الرياض" لتفضي إلى السلام والتنمية والرخاء، وأن نحول الأعداء إلى أصدقاء ليتحقق السلام الدائم لهذه المنطقة بإذن الله.




http://www.alriyadh.com/1947277]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]