تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هيئتان لتطوير الأحساء والطائف



المراسل الإخباري
05-07-2022, 04:57
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
إن قرار إنشاء هيئتين لتطوير الأحساء والطائف يصفّ مباشرة في النقلة المؤسسية التي تعيشها المملكة، ونحن نعتقد أن هذه النقلات لن تكون نهاية المطاف بل هي بداية لبناء مؤسسي شامل يصب في بناء الإنسان والاقتصاد..
ثمة اتفاق على أهمية التنمية المحلية المتوازنة، فهي أحد صمامات التوازنات الاقتصادية والسكانية والعمرانية، ومفتاح أساسي لتوظيف الموارد والطاقات التي تختزنها كل منطقة. ولا أحد ينكر أهمية التنمية المتوازنة في مواجهة الهجرات الداخلية وخلق مجالات تنافسية بين المناطق تخدم الاقتصاد الوطني، فخلق التنوع والتركيز على خصوصية كل المنطقة مسألة جوهرية في عملية التطوير، فمن دون خلق فرص اقتصادية ووظيفية لا يوجد أي معنى للتنمية. والأمر الأكيد أن المملكة تعي أهمية هذا التنافس الذي يرتكز على خصوصية كل منطقة، وفرصها التنموية، والموارد التي تملكها سواء كانت طبيعية أو بشرية أو ثقافية، وتوجيهها تنموياً لخلق فرص اقتصادية وتنموية متنوعة. إذاً نحن أمام تنمية محلية عقلانية وليست عاطفية وتركز على الأهداف البعيدة للاقتصاد الوطني، كما أنها تنمية تهتم بتأسيس البنية التحتية الاقتصادية وليس البنية الفوقية فقط، التي عادة ما يراها الناس ويتحدثون عنها. ولعلي أضيف هنا أن فلسفة التنمية الجديدة للمملكة يفترض أنها لا تحتفي بالعمران فقط، الذي يشكل مصدر إنفاق ويستهلك موارد الدولة، بقدر ما تركز على كل ما يحقق الرفاه للمواطن ويضمن الاستقرار الاقتصادي المستقبلي.
صدور قرار خادم الحرمين -يحفظه الله- بإنشاء هيئتين لتطوير الطائف والأحساء، يصب مباشرة في السياسة الجديدة المتسارعة لخلق مجالات التنمية المتوازنة في مناطق المملكة كافة، وهو قرار مبني على مبررات أساسية، فالأحساء تعتبر البوابة الشرقية للمملكة، وتربط المملكة بثلاث دول خليجية هي عمان والإمارات وقطر، وتملك قاعدة اقتصادية طبيعية (النفط والغاز والزراعة) وبشرية وثقافية وتاريخية هائلة، وهي مؤهلة بجدارة أن تلعب دوراً بارزاً، كما هي تاريخياً، في تطوير اقتصاد المملكة في المستقبل القريب. والطائف بوابة مكة الشرقية، وهي مفتاح أساسي لحجاج ومعتمري الداخل، وتملك من المقومات البشرية والطبيعية والزراعية والتاريخية الكثير التي تجعل منها مركزاً اقتصادياً مؤثراً. إذاً نحن أما فرصة تاريخية لتوسيع قاعدة التنمية المتوازنة والشاملة في المملكة حتى على مستوى المحافظات المؤثرة والمؤهلة كي تصبح مناطق جديدة لاحتوائها على الطاقات البشرية والاقتصادية التي تؤهلها لذلك.
إذاً قرار إنشاء هيئتين للتطوير يعزز من النظرة الشاملة للتنمية التي تؤسس لخلق ثقافة "التنوع" لا "التعدد". فمن المتفق عليه أن خلق مجالات التنوع الاقتصادي داخل وحدة الاقتصادي السعودي هو الهدف الأهم، وعندما نقول إن البناء المؤسسي الجديد يهتم بخلق التنوع لا التعدد الاقتصادي، ذلك لكون مفهوم التعدد مبني على التنافس السلبي بينما التنوع الاقتصادي يركز على التنافس التكاملي، وهذا في اعتقادي هو المطلوب، فأن نكرر بعضنا ليس أمراً إيجابياً، فنحن نعلم أن المملكة قارة شاسعة، وقد حباها الله بتنوع فريد على مستوى المكون الطبيعي والمناخات والمكون البشري والثقافي والموارد الطبيعية والبشرية، وكل منطقة لها خصوصيتها ومذاقها الخاص، وبالتالي فهي تمثل -بحق- مجالاً لتحقيق التنوع الخلاّق الذي يحتاجه أي اقتصاد كي ينهض.
لعلنا نتفق أننا نعيش فلسفة اقتصادية جديدة تؤسس لأنماط حياة مختلفة عما عهدناه من قبل، وتزيد من حجم المسؤولية الفردية والجماعية وأدوارها في المساهمة في بناء الاقتصادي الوطني، وتعِد بعهد جديد من البناء المؤسسي الناضج، وهذا ما وعدت به رؤية 2030، فأهم الخطوات في الرؤية كانت إعادة البناء المؤسسي والتشريعي في المملكة، فإذا كنا نلمس كل يوم "نقلات" كبرى في البناء التشريعي على مستويات عدة، فإن قرار إنشاء هيئتين لتطوير الأحساء والطائف يصفّ مباشرة في النقلة المؤسسية التي تعيشها المملكة، ونحن نعتقد بأن هذه النقلات لن تكون نهاية المطاف بل هي بداية لبناء مؤسسي شامل يصب في بناء الإنسان والاقتصاد، ويساهم في التركيز على التفاصيل التي عادة ما تهملها فلسفة المؤسسة المركزية.
التحولات التي تعيشها المملكة نحو الإدارة المحلية تمثل ضرورة حتمية لتطور مؤسسات الدولة ونضجها، والعمل على إنشاء مؤسسات تعالج الفجوات والتفاصيل المهملة وتعزز من الاستثمار والمحلي واستغلال الموارد غير المنظورة سيترك أثراً كبيراً خلال السنوات المقبلة.
بقي أن نقول إننا نأمل من الهيئتين الجديدتين أن تركزا على ما ينفع النمو الاقتصادي، ويمكث في الأرض، ويساهم في تعزيز الاستقرار البشري، ويخلق فرص عمل جديدة.
على أنني لا أريد أن أحملهما ما ليس مخططا لهما أن يخوضا فيه، ولكن مسمى "هيئة تطوير" يعني ما بعد العمران وما بعد التنمية، ويعني التعامل مع الإنسان وتحفيزه على الإنتاج وتعزيز مسؤوليته الفردية والجماعية، وهو ما أنا على يقين أنهما تأسستا لتحقيق هذه الأهداف على المديين القريب والبعيد.




http://www.alriyadh.com/1949441]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]