المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نموذج النجاح



المراسل الإخباري
05-08-2022, 04:31
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png رأينا كيف ينال العداء صاحب المركز الأول النجاح كله وإن كان فارق الأداء مع المتسابقين ضئيلاً. ورأينا كيف يدخل قائمة أعلى الكتب مبيعاً كتابان بينهم تفاوت في حجم المبيعات، لكن يصنفان كما لو كانا فرسي رهان. وكما رأينا في كتاب مئة عام من العزلة، لم يكن أداء الكتاب الفني وحده مسؤولاً عن نجاحه وتحوله ظاهرة ثقافية عالمية، إنما كانت صناعة الكتاب في دول أمريكا اللاتينية هي نفسها التي تطورت فحملت معها الرواية مع غيرها إلى العالم. إذا خلصنا إلى أن الأداء لا يؤدي إلى النجاح بالضرورة، خصوصاً إذا كان قياس الأداء صعباً، فماذا يعني ذلك لنا؟
على مستوى التربية والتعليم علينا أن نتوقف عن تلقين الطلاب في جميع المراحل أن الأداء والنجاح صنوان، وهما ليسا كذلك. يتعلم الطلاب اليوم نموذجاً مخالفاً للواقع حيث على الطالب أن يتعلم منهجاً متفقاً عليه سلفاً ويجيب على أسئلة في حدود المنهج لينال تقديراً يحقق به النجاح المنشود. في الواقع، وبعد مرور عشرين سنة من التمرن على النموذج هذا، يدخل الطالب المعترك العملي ليقضي عشرين سنة أخرى ليتعلم نموذجاً آخر. فلا يوجد منهج مقرر في النموذج الجديد، وأداؤك يقاس بأكثر من طريقة ومن أطراف مختلفة، قد تتفق الأطراف على مبادئ مشتركة أو تختلف. وإذا عرفت نتيجة القياس، فليس بالضرورة أن تعرف النتائج كلها، فغالباً ما تكون النتيجة الأهم غير رسمية، كالثقة والسمعة. لذلك وجدت دراسات تفيد أن التفوق الدراسي لا يؤدي بالضرورة إلى التفوق العملي، لاختلاف نموذج القياس في الاثنين. فبقدر رسوخ المنهج الدراسي أو عدمه، يتحدد سرعة تعلم النموذج العملي.
وإذا وجدنا النجاح منوطاً بمعايير مختلفة يتعين علينا أن نحتكم إلى قياس للأداء مختلف عن قياس النجاح. فكما في قياس أداء العدائين ومبيعات الكتب، يقاس النجاح بمقياس الأداء بالمفهوم نفسه في النموذج المدرسي، والحقيقة أن النجاح له مقياس آخر لا يتابعه أحد. فإذا نظرنا إلى حجم المبيعات، سنجد معيار الأداء هو الذي يحدد قيمة ما يصدره الروائي دان براون، الذي يبيع شهرياً ملايين النسخ. بالمقارنة، ربما لا تنال أعمال الروائي جابرييل غرسيا ماركيز الأداء نفسه، لكنه نال جائزة نوبل بمقياس آخر لا يحتكم إلى الأداء فقط.
سيجد الفنان التشكيلي نجاحه معلقاً بمجتمع صغير ينفذ من خلالهم إلى عالم الشهرة والنجاح. سيجد العداء أن فرصه في النجاح معلقة بحصوله على المركز الأول، فإن لم يحققه، فعليه إعادة تعريف النجاح بما يتناسب مع محصلته. سيجد الطالب أنه يمر بتمرين معرفي طويل يحتاج معه أن يتعلم الصبر قبل التحصيل وأن يتقن فنوناً اجتماعية مختلفة لا تعلمها المناهج. وما ينطبق على الطالب ينطبق على غيره، إنما من يدرك النموذج باكراً سيصل إلى النجاح الذي يستحقه أولاً.




http://www.alriyadh.com/1949538]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]