تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نقطة الليوان السوداء



المراسل الإخباري
05-10-2022, 03:27
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
إن من أبجديات الحوار في هذه البرامج احترام الضيف والتعامل معه بحياد تام وألا يتعمد التعبير عن رأيه قولاً أو عملاً بلغة جسدية تنبئ عن أفكاره أو حكمه هو على الضيف قبل المشاهد ولكي يتحقق الحياد لا يصح أن يبنى الحوار على ما يهدف إلى استفزاز الضيف أو السخرية مما يقدم بناء على أفكار وأحكام مسبقة وآراء عامة جمعت بعشوائية..
من المؤكد أن البرامج التلفزيونية الحوارية تجد إقبالاً لمتابعتها من قبل كثير من الناس على اختلاف مستوياتهم وأهوائهم بما تقدمه لهم تلك البرامج من خلال شخصيات الضيوف وتوجهاتهم، ويكتسب الحوار أهميته مما يقدمه من معلومات وأفكار أو تعليقات وتفسيرات للقضايا التي يطرحها البرنامج بما يتناسب مع شخصية الضيف وعمله واهتماماته، وغالباً ما تثير هذه البرامج شهية المشاهد للمتابعة الدقيقة وعندما تنتهي الحلقة سيجد نفسه إما منحازاً فيكون مع أو ضد ما يطرح من مقدم البرنامج وردود الضيف فيركز على من يدير الحوار والمادة المعدة وهناك من يركز أيضاً على لغة الجسد عند أقطاب البرنامج أو محايداً وربما يصدر أحكاماً قاسية على أحدهما أو يتلطف بالاثنين معاً.
إن من أبجديات الحوار في هذه البرامج احترام الضيف والتعامل معه بحياد تام وألا يتعمد التعبير عن رأيه قولاً أو عملاً بلغة جسدية تنبئ عن أفكاره أو حكمه هو على الضيف قبل المشاهد ولكي يتحقق الحياد لا يصح أن يبنى الحوار على ما يهدف إلى استفزاز الضيف أو السخرية مما يقدم بناء على أفكار وأحكام مسبقة وآراء عامة جمعت بعشوائية فلم تكن واضحة للمقدم فكيف بالضيف الذي سيكون في موقف لا يحسد عليه والنتيجة سيظهر الحوار ضعيفاً تهتز أركانه مع كل سؤال حائر يشير بقوة أنه نتيجة إعداد سيئ وبعيد عن الدقة والموضوعية بل وحتى عن أخلاقيات المهنة.
ولنأخذ حلقة برنامج الليوان التي استضيفت فيها د. سمية الناصر مثلاً فقد بدا المشهد العام للحوار مهزوزاً ولم يبنَ على فكرة واضحة أو معلومة صحيحة فمن الواضح أن المعد أو المقدم لم يكلفا نفسيهما عناء فهم ما تقدمه الضيفة لمريديها وطريقتها في ذلك (لا أعلم هل المقدم هو المعد نفسه أو لا) فقد أكد المقدم صراحة أن مادته بنيت على رسائل خاصة وتغريدات فكانت أجواء الحوار محتقنة بين الطرفين، فإذا كان الأول أخفق ولم يحسن إدارة الحوار فمن الطبيعي أن يبدو الطرف الآخر كذلك فقد غاب السؤال الجيد أو جاء هشاً وغير محدد ومن ثم لا بد أن تغيب الإجابة المنتظرة، فكم مرة سألها عن علم الطاقة وتجيب لا صلة لي به، ثم يسأل ما رأيك بما يقال فتجيب اسألهم! أو يسألها عن أمر ما فتقول لا أدري سأفكر بالأمر وانقضى ثلاثة أرباع الوقت بهذه الطريقة!! فخرجنا بحوار ضعيف وبالكاد قدمت الضيفة بعض الإجابات المحددة وأحسب أن إرباكها بالاستفزاز المستمر وعدم الفهم تسببا في فقدان فطنتها أثناء الحوار لدرجة أن المشاهد صار يتمنى لو أملى عليها الإجابة وبخاصة في سؤاله عن تغريدة (خيرة الله) لتكون أكثر إقناعاً ووضوحاً وقوة.
عن نفسي توقعت أن بكاءها في لحظة ما لم يكن على موضوعها الذي ذكرته بل هو لحظة انهيار داخلي فبدا كأنه مشهد تمثيلي غريب، وعلى الرغم من الضعف العام في الحلقة ككل إلا أن د. سمية خرجت منتصرة فعدد المشاهدات على (يوتيوب) يتفوق على كل الحلقات فلماذا؟ الإجابة تحتاج لمقال آخر.
ولا أكتب ما تقرأه الآن لأدافع عن د. سمية فأنا أتفق معها في جانب واختلف في جوانب ولو وضعت نفسي في مكان من يدير الحوار لحرصت أن تكون الأسئلة أكثر عمقاً ومحايدة بحثاً عن معلومة مفيدة ولكنت استفدت من علم د. سمية وتخصصها القرآني في فهم علم تطوير الذات وليس في سؤالها عما وصفه بالخزعبلات أو الخرافات.
وأحسب أن الأسئلة الضعيفة سببت خروج المشاهد من الحلقة صفر اليدين من أي معلومة مفيدة، فما شاهده هو مجرد صدام غير واضح بين فكرين فقد حولها إلى مدافعة عن نفسها علماً بأن أي شخص له دراية بتلك الموضوعات يعرف جيداً أن كل كتب تطوير الذات هي جهد بشري وصلت له عقول متأملة في ذاتها وما حولها، عقول احتاجت للاستقرار النفسي فبحثت وفكرت وراجعت كتبها السماوية على اختلاف الديانات حتى وصلت إلى ما وصلت إليه فكيف بهم لو استمدوا مادتهم من القرآن الكريم، وعلى أن الكتب السماوية جميعاً متفقة على الأصول أو الأساس الديني إلا أن الدين الإسلامي والقرآن الكريم هما الخاتم فكل آية عن النفس البشرية أو أخلاقيات التعامل مع الناس الحياة بكل ما فيها ومن فيها تغني عن عشرات الكتب التي ألفت في تطوير الذات لو أنها فهمت حق الفهم.
وعلى الرغم مما وصلت إليه مدارس تطوير الذات إلا أننا نجد بعضهم حين يرد الموضوع الذي يتحدث عنه يقول الله وبعضهم يقول القوة العليا أو القوة الخارقة وغير ذلك من مسميات عن الشيء الخارق للعادة، والمؤسف أن أحداً من المسلمين المختصين أو العارفين لم يلتفت لكل ذاك الضجيج الإعلامي الذي رافق انتشار مؤلفات تطوير الذات ليتعمق بها ويرد عليها فنحن أولى بالتفكر كما أمرنا الله في مواضع كثيرة من القرآن الكريم ليرد عليهم قائلاً: هذا ما نعرفه منذ أكثر من 1400 سنة ولكننا لم نحسن تطبيقه ولا العمل به بل ولم نفهمه حق فهمه وتعاملنا به ومعه بسطحية شديدة وبإطلاق أحكام عامة ومثال ذلك الخصائص الدقيقة للعفو والإصلاح وكظم الغيظ، فقد وردت في آية واحدة قصيرة ولكن خصائصها ومواصفاتها مبثوثة في آيات أخرى كثيرة فماذا فعلنا نحن؟ لقد ظللنا نردد (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) ولكننا لم نغص في عمق هذه القيم من دون إيذاء لنفوسنا لأن الله لا يريد لنا أن نعفوا أو نكظم غيظنا فنمرض بالأسى على حالنا بل يريد لنا الشفاء بالعفو وهذا ما لم نتتبعه.
عندما أثار كتاب (السر) ضجة واسعة منذ ما يزيد على عشرين عاما كتبت مقالاً قلت فيه إن السر لدينا إنه الدعاء ولكن رواندا بايرن والشخصيات التي تحدثت عن الكتاب من الديانات الأخرى أو حتى من الملحدين لا يعرفونه كما نعرفه نحن ولا يطبقونه كما نطبقه، ثم إن التغيرات التي حدثت في حياتهم بالسر كما يقولون ما هو إلا عمل بقوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ولكنهم لا يعلمون ولهذا ألفوا حول معناها عشرات بل مئات الكتب المبنية على مئات التجارب ونتائجها لكي يعلموا الناس كيف يطبقون هذه القاعدة القرآنية العظيمة التي كنا نكتفي بقراءتها لأننا نعلم ولا نعمل، ونحن لدينا التسابيح التي نرددها بعدد معين بطرف ألسنتنا ولا نغوص في عمقها لتغنينا وتحرك أرواحنا فتقشعر أبداننا بقشعريرة روحانية عالية فتهدأ وتستكين وتصدق وتستسلم أما البوذي المسكين فقد لجأ إلى ابتداع نغمات صوتية يرددها لعلها تأخذه ولو للحظات قصيرة إلى شاطئ السكينة المنشود.
أحياناً ينتابني شعور الشفقة عليهم لأنهم لم يجدوا منا من يأخذ بيدهم ويريهم النور الرباني الذي يفتقدونه لأنهم لم يعرفوا القرآن أن كل آية في هذا الكنز العظيم الذي بين أيدينا تغني عن مؤلفاتهم الضخمة ومع هذا لم نتعامل معه بالشكل اللائق. وكنت أتمنى لو استفاد المديفر من هذه الأفكار وبخاصة أن ضيفته استشهدت ببعض الآيات ولكنه لم يستفد من ذلك فلم يوظفها لأسئلة من نوع آخر واستمر في إصدار أحكامه منتظراً إجابة لا تأتي فكانت الحلقة نقطة سوداء في حق البرنامج.




http://www.alriyadh.com/1949956]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]