المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فن تعميم المقال والاستفصال



المراسل الإخباري
05-15-2022, 04:02
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
إشغال الناس عن بناء أوطانهم وتنمية بلدانهم، هو مقصد خفي لكثير من أعداء الإنسانية والشعوب، فدأب العاقل إذا نطق أو كتب، أن يضع الألفاظ الشرعية نصب عينيه، وأن يكون حاضر الذهن عند كل طرح، ويضع السؤال المنجي من سوء الفهم، على كل قائل عبارة ذات معنىً فضفاض..
من إظهار محاسن الكلام وضع الألفاظ في أماكنها، فمقام يحتاج للتعميم، ومقام يحتاج للتفصيل، وآخر يتطلب الإطلاق، وأحيانًا نحتاج للتقييد، وكل تصرف ومقام قد جعلت له في اللسان ألفاظ تناسبه، وفي فقه الإسلام لهذه الألفاظ ولغيرها، كثير من الأحكام، وبنيت عليها قواعد وأصول تتفرع منها مسائل وفقهيات لا حصر لها، ولذلك في خطاب المسلم حث الشرع على الحرص على الألفاظ ومعانيها ودلالاتها، ولا أدل على ذلك من قول الله تعالى: «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد» ومن قول نبينا صلى الله عليــه وآله وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت" وغيرها كثير من الأدلة التي تحث المسلم على الاهتمام بألفاظه، ولا يختلف الحديث عن مقاصد الكلام عن الحديث عن ألفاظه، ففي أغلب الأحكام الشرعية ربطت الشريعة بين ألفاظ الكلام ومقاصده، وفي إعلام الموقعين يقول ابن القيم رحمه الله: "فإياك أن تهمل قصد المتكلم ونيته وعرفه، فتجني عليه وعلى الشريعة، وتنسب إليها ما هي بريئة منه، وتُلزم الحالف والمُقِرَّ والناذر والعاقد ما لم يُلْزِمْهُ اللَّه ورسولهُ به، ففقيه النفس يقول: ما أردتَ، ونصف الفقيه يقول: ما قلتَ...".
إذاً؛ فللألفاظ أهميتها ودلالاتها وللمقاصد أيضًا أهميتها ودلالاتها، وبذلك يتبين لك مجازفات كثير من الكتاب والمتكلمين والوعاظ والمتحدثين على حدٍّ سواء حين الكلام في ما يتطلب التفصيل والاستبيان والتفسير، ولا سيما فيما يتعلق بمسائل الكفر والإيمان، وما يترتب عليها من سياسات خارجية وأحكام شرعية، فأحياناً قد تجد من يتعاطف بعمومات ما جاء في الشريعة من الرحمة والعطف وعموم الإحسان فيتجاوز الأحكام الشرعية والأخلاق المرعية إلى نقيض حكم الله في خلقه، ومخالفة ما أوحاه إلى عبده، «فمنكم كافر ومنكم مؤمن».
وتسمية المسميات والأحكام كما سماها وأرادها الله لا كما فسرتها الأهواء هو مسلك الأنبياء، ولا يعني ذلك بحال من الأحوال السخرية من أمة، أو الانتقاص من أحد في معاملته بما شرع الله.
وفي نفس المسلك يسير المتحدث على حذر من مقاله، فقد يقرر بشخطة قلم ما يخالف ثوابت دينه وعقيدته، ويسترسل مع عموم لفظ فيما يجر الوبال عليه وعلى أمته، أو ربما بتغريدة أو بسناب فتح خرقًا في سياج منيع من حرمات مسلم، وكشف ساترًا سميكًا عن عورات مؤمن، والخطأ في الحكم على الآخرين بالإسلام والإيمان أهون من الحكم على مؤمنين بالشرك والكفران، وفي كلا الحالين يأتي التعدي والتجاوز في الأحكام على الآخرين من باب ترك الألفاظ الشرعية في مخاطبة الناس فيما يخص دينهم، وترك استفصال واستفسار الآخرين عن مقاصدهم، وقد تفنن الناس في هذه الأزمنة لوجود الكم الهائل من الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، ودخول الإنترنت إلى كل هاتف، فتجد في هذا السياق الدعوات الكثيرة، والعناوين العريضة، والجمل المرونقة، وكلها لا تنبئ عن مقصد مفسر، فتترك الناس في قيل وقال في مضمونها، وهذا ربما يكون مقصدًا لذاته في كثير من الأحيان، فإشغال الناس عن بناء أوطانهم وتنمية بلدانهم، هو مقصد خفي لكثير من أعداء الإنسانية والشعوب، فدأب العاقل إذا نطق أو كتب، أن يضع الألفاظ الشرعية نصب عينيه، وأن يكون حاضر الذهن عند كل طرح، ويضع السؤال المنجي من سوء الفهم، على كل قائل عبارة ذات معنىً فضفاض، أو مروج لعنوان تكمن مقاصده في شرحه وتفسيره، ويقول ما أشار إليه ابن القيم رحمه الله "ماذا أردت" ؟ هذا، والله من وراء القصد.




http://www.alriyadh.com/1950787]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]