المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكذب على الذات



المراسل الإخباري
05-17-2022, 06:28
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
اختلطت المفاهيم على الناس والنتيجة أنهم لا يفرقون بين حب الذات والأنانية ولا يعرفون معنى الثقة بالنفس، فكم من جناية ارتكبها بعضهم في حق أنفسهم وحق المقربين منهم باسم حب الذات؟ وكم من الشخصيات المصابة بالاكتئاب وهي لا تدري وتظن أنها كلما أعطت نفسها ما تريد سترتاح وتجد ضالتها المنشودة وعندما تصل إليها تكتشف بأن ليس هذا ما تريده!..
تقف أمام شاشة هاتفها التي تعكس صورتها للعالم وتبدأ تتغزل بنفسها من رأسها وحتى أخمص قدميها، ومالا تستطيع أن تذكره تستعرضه بالصور من كل الجهات!! وهي في كل هذا تعتقد أنها تقدم درساً مجانياً في حب الذات أو الثقة بالنفس!! وقد تكون الحقيقة بعيدة تماماً عما تقول؛ لا أقصد من ناحية شكلية بل من ناحية نفسية فقد تكون لا تحب نفسها، وربما تعاني من اهتزاز أو فقد ثقتها بنفسها ولكنها تخدع نفسها على الملأ كما تحاول خداع غيرها. وهناك من يصدق فكثير من الناس للأسف يعتقد أن كل من كان لديه القدره على الظهور والتحدث أمام الآخرين بأي شكل كان ومن خلال أي وسيلة هو شخص واثق بنفسه.
اختلطت المفاهيم على الناس والنتيجة أنهم لا يفرقون بين حب الذات والأنانية ولا يعرفون معنى الثقة بالنفس، فكم من جناية ارتكبها بعضهم في حق أنفسهم وحق المقربين منهم باسم حب الذات؟ وكم من الشخصيات المصابة بالاكتئاب وهي لا تدري وتظن أنها كلما أعطت نفسها ما تريد سترتاح وتجد ضالتها المنشودة وعندما تصل إليها تكتشف بأن ليس هذا ما تريده! نماذج كثيرة اليوم عرفتنا عليها وسائل التواصل أو رأيناها بالقرب منا سواء في العمل أو حتى في المجالس المؤقته التي نلتقي فيها بمن يثرثرون كثيراً عن أحوالهم الخاصة ويقدمون النصائح التي لم تطلب منهم وهم في الحقيقة كمن يعري ذاته في تلك المجالس. هذا لو غضضنا البصر عمن يتعرون نفسياً وجسدياً كل يوم من أجل الشهرة وأكثر ما يثير العجب أن هذا الفعل يصدر من نساء ورجال في الأربعينات والخمسينات من العمر لديهم من الأطفال والمراهقين ما يكفي لفتح فصل دراسي ومع هذا لا يترددون في فضح محتوى أفكارهم ومعتقداتهم بحجة حب الذات الذي حمل أكثر مما يحتمل من الفهم الخاطئ والتفسير الخاطئ مثله مثل مفهوم الثقة بالنفس الذي فهم على أنه يتحقق بسلاطة في اللسان والإقذاع في القول!! إن حب الذات ليس إعلاناً نبثه طوال الوقت بألسنتنا، وليس التسوق الشره لكل شيء وأي شيء لمجرد التسوق في محاولة بائسة لإرضاء الذات، إن هؤلاء تحديداً يعيشون مع أنفسهم حالة لا صلة لها بالحب فهم غالباً يكرهون أنفسهم ولكنهم يملكون طاقة جبارة للكذب على الذات وعلى من يصدقهم وسيأتي اليوم الذي ينهارون فيه بشكل أو بآخر.
هؤلاء لا يدركون أن حب الذات هو أن تتقبل ذاتك بما تراه حسناً فيها وما تراه سيئاً وأن تدعمها بزيادة الحسن ومعالجة السيئ وهذه هي أول خطوه في الاستقرار النفسي، وبعد ذلك عليهم أن يعوا بأن حب الذات هو أن توازن بين ما تعطي وما تأخذ فاختلال الميزان هنا سيورث شعوراً قاسياً بالذنب يخبئونه بين أضلاعهم فيصابون بالاكتئاب والحزن لأن من يعتقد أن حبه لذاته يعني أن يتخلى عن واجباته أو حتى يتنكر لمشاعره التي تلزمه بأداء بعض الالتزامات تجاه غيره فهو أناني من الدرجة الأولى.
وبتلك الكذبة وذاك الاختلال يحرق الإنسان نفسه وهو يتفرج عليها في الخط الموازي، فحب الذات وكره الذات خطان متوازيان يتنقل بينهما الإنسان المخدوع ذاتياً كالبهلوان دون أن يدرك خطورة الأمر. وتزداد تلك الخطورة عند المشاهير الذين يجدون من يصفق لهم ويعززهم بالمديح والثناء المستمر لأن أثر هذا المديح يظهر في اتساع الهوة بين المرء ونفسه ولهذا روي عن رسول الله أنه قال: (إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب) فما بالك عندما يكون المديح لشخص أنت لا تعرفه إلا من خلال حالة تمثيلية خلف الشاشة!! والملاحظ أن أكثر المشاهير أصيبوا بالاكتئاب قبل أو بعد الشهرة وكثير منهم انتهت حياتهم بالانتحار!
لا عيب ولا خطأ أن نحب ذواتنا بل هو مطلب صحي، ولكن العيب والخطأ هو أن نعلن عن هذا الحب بطريقة مَرَضية تستحق الشفقة لأنها تنبئ عن العكس تماماً.
إن الطريق إلى حب الذات هو تغذيتها بشعور السلام الداخلي والذي يبدأ بالقبول والاعتراف للذات - بما تملك من حسنات وسيئات - قبل غيرها ومن الواضح أن كثيراً من الناس يفتقدون هذا الشعور وافتقادهم له يختلف في مستوياته والأسباب كثيرة ولكن الدليل على كثرتهم هو ما يعم العالم من اضطرابات شديدة في كل مكان وعلى كل الأصعدة، وكمثال: كل إرهابي هو شخص افتقد السلام الداخلي وبالتالي افتقد حب الذات فكره العالم واستسلم لكل فكرة أمليت عليه، وكذلك معظم من انتكست أحوالهم بسرعة البرق بين الإفراط في التشدد الديني والتفريط في الاتجاه المعاكس هو كذلك أيضاً فهو يخدع نفسه بالسفر والبذخ غير المبرر ولكن الأسلوب والمنطق إخواني لم يتبدل!! فعندما نقول التوازن هو المطلب فهذا لا يعني أن الأمر سهل على الجميع ولكنه يبدأ بالاعتراف؛ فهلّا فعلوا؟




http://www.alriyadh.com/1951202]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]