المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رجــل الأمثال



المراسل الإخباري
05-22-2022, 05:51
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png في عام 1383هـ، أي قبل 60 عاماً من اليوم، أصدر الشيخ عبدالكريم الجهيمان (تـ1433هـ) الطبعة الأولى من كتابه (الأمثال الشعبية في قلب جزيرة العرب)، وأتبع تلك الطبعة بطبعات أخرى أضاف لها آلاف الأمثال الشعبية التي جمعها ودوّنها وشرحها مساهمةً منه في المحافظة على هذا التراث من الاندثار. ولعشق الجهيمان للأمثال الشعبية وجدناه يؤكد على ما فيها من جمال وأصالة ودقة في التعبير، كما وجدناه يُعلي من قيمتها بالقول: «ولولا أن أتهم بالمبالغة والمحاباة لقلت إن في الأمثال الشعبية والأشعار الشعبية ما يفوق بعض الأمثال القديمة والأشعار القديمة، يفوقها أصالة ودقة في التعبير وقصداً إلى الهدف».
ويجد المتأمل أن الأمثال ظلّت حاضرةً بقوة في أعمال الجهيمان اللاحقة، فإذا نظرنا، على سبيل المثال، إلى أساطيره الشعبية لرأينا أن الأمثال تحضر في سياق سرده للحكايات وفي وصفه للأحداث والشخوص، ففي سالفة (أصحاب الهيب) يصف حال البطل بمثل يختصر كثيراً من الكلام فيقول: «هو مثل حوار الربيع إن طمن رأسه لقى عشب وإن رفع رأسه لقى حليب». ويصف بطل سالفة (الصياد مع الساحرة صاحبة قبعة الريش) بأنه: «من الرجال الذين يصدق عليهم المثل القائل ما يرمي إلا في لحم»، وفي سرده لسالفة (ابنة السلطان الصامتة) يقول: «وصمم الأخ أن يزوج أخواته من أي شخص يطلب يدهن فالزواج من عود ولا القعود كما يقول المثل الشعبي»، وينقل لنا في سرد سالفة الملك المجوسي الأمر الغريب الذي فكّر فيه ذلك الملك وعزم عليه حين صارح ابنته الجميلة بأنه يحبها ويرغب الزواج منها، فهو «الذي رعى هذا الجمال ورباه ونماه ... وهو كما يقول المثل: جحا أولى بلحم ثوره»!

ولا يتوقّف أبطال أساطير الجهيمان وشخصيات حكاياته عن الاستشهاد بالأمثال الشعبية وتوظيفها في شتى المقامات، ففي حكاية (الرجل الذي يبحث عن حظه) يُخيّر الأسد بطل الحكاية «أحمد» بين قتله في الحال أو تأجيل ذلك لليوم التالي، فيقول: «أريد أن تؤجله إلى الغد ففي سلة السيف فرج كما يقولون في الأمثال». ويحتج البدوي الفقير في سالفة (البدوي مع زوجة السلطان) بمثل شعبي دفاعاً عن نفسه، فحين استدعاه السلطان وسأله عن دافعه للعمل في المقبرة ومطالبة أهالي الموتى بدفع ضريبة للسماح لهم بالدخول ذكر أن أحداً لم يمنعه من هذا العمل، وأضاف: «فأنا كما قال المثل: قال من أمرك قال من نهاك». وفي سبحونة (القطية) يخاطب الأمير الرجل المكلّف بمراقبة زينب فيقول: «لا عليك، إن رجل الديك تأتي بالديك كما يقولون في الأمثال، وسوف نهتدي بهذا الحذاء إلى صاحبته». أما «وضحى» بطلة حكاية (وضحى وحجول وبهلول) فتقابل لوم الناس لها على قبول الزواج من «حجول»، صاحب المكانة الوضيعة في القبيلة بعد أن كانت زوجة «حجول» صاحب المكانة الرفيعة، بمثل طريف ذكرت أنها تؤمن به: «حمار تركبه ولا حصان يركبك»!
وتحفل أساطير الجهيمان بالكثير من الأمثال الشعبية الجميلة، إضافة إلى حكايات تقوم على مثل شعبي كما في سالفة (حب مصافى وحب مرافى)، أو قصص هي في أصلها من قصص الأمثال كما في قصة (تفو عليك حامضة). وفي استشهاد الجهيمان بالأمثال الشعبية وتوظيفها في أساطيره دلالة أكيدة على شغفه الكبير بهذا الفن وحرصه على تدوينه وإحيائه.




http://www.alriyadh.com/1952016]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]