المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إلحاد الجاحدين



المراسل الإخباري
05-29-2022, 20:28
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
إن فكرة الإلحاد غير منطقية، وغير سوية، ولا عقلية، ولا تحتاج لعناء لدحضها، غير أن من يتبناها -وهم قلة- لا يقبلون نتائج المنطق ولا مخرجات العقل، وكيف لهم أن لا يستكبروا عن قبول الحق من ناطق مثلهم، وقد استكبرت نفوسهم عن إجابة سؤال الكون لكل من يتفكر فيه..
ربما يكون الأليق بالحديث عن الإلحاد هي تلك القنوات والمنابر الإعلامية التي تصل مسامع غير المسلمين من الشعوب التي ينتشر فيها هذا الفكر العقدي دون أيّة مراجعات مجتمعية أو حكومية، إذ إن غالب تلك الشعوب لا تتقيد بما يؤمن به أكثرها من الكتب السماوية التي تقر بضرورة الإنسان إلى دين سماوي يملأ الفراغ الروحي الذي يستوجب الأجوبة عن التساؤلات المنطقية التي يطرحها العقل إجباراً.
لكن حين وصل العالم بتقنياته وتكنولوجيته إلى إلغاء الحدود المعرفية بين البشر، وصار كل معلوم بين يدي الجميع، وكل فكرة تنشأ هنا أو هناك لا تؤطرها ولا تحجبها الحدود الجغرافية أو الأعراف المجتمعية، كان لزاماً على منتسبي التوحيد والإيمان مواجهة الأفكار غير المرضية والمجانبة للعقل والمنطق بكل الوسائل المتاحة، فما سنكتبه هنا، أو نغرد به هناك دفاعاً عن التوحيد والعقل سيكون متاحاً للجميع، وسيصل الكلام إلى هدفه.
قلت "دفاعاً عن التوحيد والعقل" فهذا مما لا يناقش فيه عاقلان، إذ إن فكرة الإلحاد فكرة تخالف العقل السوي وتدمر قواعد المنطق، بل وتسحق قوانين الفيزياء التي لطالما تشدق بها وحولها "ناشرو الإلحاد"، أما من نافذة التوحيد فقد علم وأيقن كل المؤمنين بالله وبرسله بأن الرسل والأنبياء والكتب المنزلة أعظم ما جاءت لأجله هو توحيد الله، وشعارهم المعلن {أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}.
وأيقن المسلمون أن التوحيد هو دعوة الأنبياء جميعاً، وخاتمهم محمد صلى الله عليـه وآله وسلم، كما أيقنوا أن أهل التوحيد من كل الديانات مأمورون بالإيمان برسالة الإسلام، وأنه لا يقبل بعد بعثة محمد صلى الله عليـه وآله وسلم دين غير دين الإسلام، كل ذلك لا يختلف فيه مسلمان، فكانت دعوة التوحيد هي دعوة الإسلام، وحيث افترق المسلمون عن سائر أهل الكتب بالإيمان برسالة الإسلام، فقد شرع الإسلام أحكاماً وفقهيات تتعلق بالحياة المشتركة بين أهل الكتاب وأهل الإسلام، بالمعاهدات وبأحكام أهل الذمة وغيرها من الفقهيات.
وتستمر الدعوة إلى التوحيد والإسلام قائمةً تخاطب الجميع، لكننا حين نأتي إلى مناقشة الفكر الملحد فسنجد إلى جنب المسلمين كل تلك الأمم المنتسبة للأديان تظهر كل الأدلة والبراهين العقلية والمنطقية في رد هذا الفكر الذي يصح أن نسميه "الشاذ" فإنه لا يعرف إلا من أفراد على مر العصور، ومع ذلك فغالب أولئك الملحدين إنما يغالبون عقولهم ويكابرون أنفسهم، وبذلك أخبرنا الله {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوّاً} ولم يكن ذلك بإنكارهم وجود الله سبحانه، إنما كان إلحادًا وجحودًا لآيات الله الواضحة البينة، التي تظهر للعاقل في نفسه قبل أن تتبين له في كل ما حوله من المخلوقات.
وادعى فرعون الربوبية لكنه لم يستطع القول بالخلق، وحين جاءه موسى بالبينات {قال فمن ربكما يا موسى}!! وعاش حياة إلحادية ظاهرة، كشف زيفها موسى عليـه السلام وبين جحوده {قال لقد علمتَ ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر} فأسس موسى لأتباعه وكل الموحدين أن الإلحاد وإنكار الرب سبحانه إنما يكون عن عناد وكبر وخديعة للأتباع، وأن النفوس لا تستطيع إنكار ما فطرها الله عليه من ضرورة الاعتراف بالخالق المصور، المدبر لهذا الكون، شاءت أم أبت، لكنها تلحد في أسمائه، وتجحد وجوده استكباراً وإعراضاً!
وقد كان من آخر أمر فرعون أن أظهر ما أخفاه حين لا ينفع الإظهار، ولا يقبل الإيمان، {فلما أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، وأنا من المسلمين}.
إن فكرة الإلحاد غير منطقية، وغير سوية، ولا عقلية، ولا تحتاج لعناء لدحضها، غير أن من يتبناها -وهم قلة- لا يقبلون نتائج المنطق ولا مخرجات العقل، وكيف لهم أن لا يستكبروا عن قبول الحق من ناطق مثلهم، وقد استكبرت نفوسهم عن إجابة سؤال الكون لكل من يتفكر فيه {أمّن خلق السموات والأرض}، {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون، أم خلقوا السموات والأرض، بل لا يوقنون}.
ولعل شيئاً من الحكمة نختم به مقالنا لرجل روي عنه من السفاهات والفواحش ما نستحي أن ننطقه فضلاً عن أن نكتبه، لكن لم توردْه شهواته مورد الإلحاد الذي مهما شذ الإنسان في أخلاقياته فإنه يبقى توحيده لله طوق نجاته، ويقوده عقله إلى طريق الحق، يقول:
تأمّل في نبات الأرض وانظر
إلى آثار ما صنع المليكُ
عيونٍ من لجينٍ شاخصاتٍ
بأحداقٍ هي الذهبُ السبيكُ
على قُضُبِ الزبرجُد شاهداتٌ
بأن الله ليس له شريكُ
هذا، والله من وراء القصد.




http://www.alriyadh.com/1953266]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]