المراسل الإخباري
06-16-2022, 04:49
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png الكلام المنطوق هو الذي يعتمد على الصوت ومحفزاته وآثاره، وهذا النظام هو نمط الإنسان البدائي الأول الإنسان المتوحش منذ امتلاك اللغة والكلام ومن ثم فهو ثقافة القبيلة والعشيرة التي تقوم على العادة والتقليد والعرف والمحاكاة الحيوية المباشرة قبل اكتشاف ومعرفة تقنية كتابة النصوص والنقش والتدوين.
أما الحرف المكتوب باعتباره نمطاً من التعبير يختلف جوهرياً عن الكلام المنطوق ولكنه يستند إليه ويعد تطويراً له، هذا النمط من الثقافة الكتابية -التي تتحول الأصوات فيها إلى حروف- يعتمد على الصمت والبصر لأنها تحول الصوت إلى حروف، واللفظ إلى كلمة مكتوبة، والكلام القول الخطاب إلى نص، ومن ثم فهي تقطع تلك الصلة المباشرة بين الإنسان والكلام وتحطم الذاكرة بتجريدها من وظيفتها الأثيرة الحفظ والخزن والتذكر، فضلا عن كون الكتابة تسلب الكلمات الملفوظة سحرها وقوتها، ولولا الكتابة لما استطاع الوعي الإنساني أن ينجز كل تلك المنجزات الثقافية العلمية والأدبية والفنية الرائعة.
لكي تؤثر الكتابة في ثقافة مجتمع ما ينبغي أن يستوعبها الأشخاص الذين يمارسون الكتابة داخلياً إذ لا يكفي أن يجيدون المسك بالأقلام ليرسموا الحروف في الصفحات فقط بل من الضروري أن يفكروا ويتكلموا بالطريقة الكتابية ذاتها، بمعنى أن ينظموا بدرجات متفاوتة تعبيراتهم الشفهية وتصوراتهم الفكرية وخواطرهم الشعورية في أنماط فكرية ولغوية لم تكن لتـتأتى لهم لو لم يكونوا ممارسين للكتابة.
إن ما يميز الكتابة الواعية عن الكتابة الشفهية هو قدرة الأولى على النفاذ النقدي والرؤيوي والتحليلي العميق لنواصي المشكلات وسبر أغوارها ببصيرة علمية وثقافة ورصانة أسلوبية مدهشة وقدرة فكرية ثاقبة، في حين نجد أن الكتابة المنطوقة كنمط طاغٍ على كل أنماط الفنون المكتوبة والأدب المكتوب من مقالات ودراسات وشعر وقصة ونثر في السياسة والإعلام والثقافة؛ ما يزال شديد الارتباط بأنماط الفكر والتعبير الشفهيين، ومن النادر أن نجد كاتباً أو صحفياً لا يشبه الآخرين بأسلوبه ولغته وأفكاره، بل هناك تماثل لا تخطئه العين بين معظم الأقلام الإعلامية.
إن منطوقة الكتابة لا تتحكم فقط بالكاتب نفسه بل وتمتد إلى الملتقى، أو جمهور القراء الرسمي والشعبي، والذي ما يزال أسير أنماط التفكير المحدود، إذ أنه وبسبب عدم اكتساب تجربة وعادة أو خبرة الثقافة الكتابية كنمط فعال للتواصل بين الناس؛ نلاحظ تدني قيمة الكتابة والمكتوب في المجال العام مهما كان عليه من عمق وقوة ووضوح، ومهما كانت خطورة الموضوعات والمشكلات التي يتناولها، إذ نادراً ما كانت ردود الفعل إيجابية وفعالة ومثمرة بعكس ما هو عليه الأمر في المجتمعات والدولة ذات الثقافة الكتابية التي يمكن لمقال صحفي واحد أن يغير ويعدل سياسات واستراتيجيات ويحرك ويبدل مصائر أشخاص وجماعات وشعوب، وهذا هو معنى القول إن اللغة هي كينونة الكائن إنها ليست مجر أداة للتواصل، بل هي نمط للتفكير وأسلوب عيش وطريقة تعبير، إنها الثقافة التي تجسر العلاقة بين القول والعمل بين الكلمات والأشياء بين الوعي والسلوك.
http://www.alriyadh.com/1956653]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
أما الحرف المكتوب باعتباره نمطاً من التعبير يختلف جوهرياً عن الكلام المنطوق ولكنه يستند إليه ويعد تطويراً له، هذا النمط من الثقافة الكتابية -التي تتحول الأصوات فيها إلى حروف- يعتمد على الصمت والبصر لأنها تحول الصوت إلى حروف، واللفظ إلى كلمة مكتوبة، والكلام القول الخطاب إلى نص، ومن ثم فهي تقطع تلك الصلة المباشرة بين الإنسان والكلام وتحطم الذاكرة بتجريدها من وظيفتها الأثيرة الحفظ والخزن والتذكر، فضلا عن كون الكتابة تسلب الكلمات الملفوظة سحرها وقوتها، ولولا الكتابة لما استطاع الوعي الإنساني أن ينجز كل تلك المنجزات الثقافية العلمية والأدبية والفنية الرائعة.
لكي تؤثر الكتابة في ثقافة مجتمع ما ينبغي أن يستوعبها الأشخاص الذين يمارسون الكتابة داخلياً إذ لا يكفي أن يجيدون المسك بالأقلام ليرسموا الحروف في الصفحات فقط بل من الضروري أن يفكروا ويتكلموا بالطريقة الكتابية ذاتها، بمعنى أن ينظموا بدرجات متفاوتة تعبيراتهم الشفهية وتصوراتهم الفكرية وخواطرهم الشعورية في أنماط فكرية ولغوية لم تكن لتـتأتى لهم لو لم يكونوا ممارسين للكتابة.
إن ما يميز الكتابة الواعية عن الكتابة الشفهية هو قدرة الأولى على النفاذ النقدي والرؤيوي والتحليلي العميق لنواصي المشكلات وسبر أغوارها ببصيرة علمية وثقافة ورصانة أسلوبية مدهشة وقدرة فكرية ثاقبة، في حين نجد أن الكتابة المنطوقة كنمط طاغٍ على كل أنماط الفنون المكتوبة والأدب المكتوب من مقالات ودراسات وشعر وقصة ونثر في السياسة والإعلام والثقافة؛ ما يزال شديد الارتباط بأنماط الفكر والتعبير الشفهيين، ومن النادر أن نجد كاتباً أو صحفياً لا يشبه الآخرين بأسلوبه ولغته وأفكاره، بل هناك تماثل لا تخطئه العين بين معظم الأقلام الإعلامية.
إن منطوقة الكتابة لا تتحكم فقط بالكاتب نفسه بل وتمتد إلى الملتقى، أو جمهور القراء الرسمي والشعبي، والذي ما يزال أسير أنماط التفكير المحدود، إذ أنه وبسبب عدم اكتساب تجربة وعادة أو خبرة الثقافة الكتابية كنمط فعال للتواصل بين الناس؛ نلاحظ تدني قيمة الكتابة والمكتوب في المجال العام مهما كان عليه من عمق وقوة ووضوح، ومهما كانت خطورة الموضوعات والمشكلات التي يتناولها، إذ نادراً ما كانت ردود الفعل إيجابية وفعالة ومثمرة بعكس ما هو عليه الأمر في المجتمعات والدولة ذات الثقافة الكتابية التي يمكن لمقال صحفي واحد أن يغير ويعدل سياسات واستراتيجيات ويحرك ويبدل مصائر أشخاص وجماعات وشعوب، وهذا هو معنى القول إن اللغة هي كينونة الكائن إنها ليست مجر أداة للتواصل، بل هي نمط للتفكير وأسلوب عيش وطريقة تعبير، إنها الثقافة التي تجسر العلاقة بين القول والعمل بين الكلمات والأشياء بين الوعي والسلوك.
http://www.alriyadh.com/1956653]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]