المراسل الإخباري
06-25-2022, 05:24
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png جاء في (كتاب العين) للخليل بن أحمد الفراهيدي (ت170هـ) في مادة (قمش): «القُمُشُ: جمع القِماش، وهو ما كان على وجه الأرض من فُتاتِ الأشياء»، كما ورد في معجم (الصحاح، تاج اللغة وصحاح العربية) لإسماعيل بن حماد الجوهري (ت393هـ) في مادة (قمش): «القَمْشُ: جمع الشيء من ها هنا وها هنا، وكذلك التقميش»، ولابن منظور (ت711هـ) في لسان العرب: «والقَمْشُ: جمع الشيء من ههنا وههنا، وكذلك التقميش، وذلك الشيء قُمَاشٌ، وَقَمَشَه يَقْمِشُه قَمْشَاً: جمعه.. القَمْشُ جمعُ القُماشِ، وهو ما كان على وجه الأرض من فُتاتِ الأشياء، حتى يقال لرذالة الناس: قُماش، وقُمَاشُ كل شيءٍ وقُماشته: فُتاتُه..»، وعند أهل الحديث عبارة معروفة تنسب للإمام الحافظ يحيى بن معين (ت 233هـ) وهي: «إذا كتبتَ فقمِّش، وإذا حدثّتَ ففتِّش»، بمعنى الجمع عند الكتابة، والتثبّت عند حمل الأسانيد والمتون، بأن تكون متصلة بالعدول الثقات، خالية من العلات والهنات.
إن لكل صاحب حرفة أدوات يستعين بها على أداء حرفته، ومنذ القديم كان الباحث أو الكاتب أو المؤلف عموماً لا يستطيع أن يقدّم شيئاً دون أن تكون لديه تلك الأدوات التي تساعده على الكتابة؛ ولهذا كانوا يعترفون بأهمية تلك المادة التي يجمعونها من هنا وهناك، جاء في كتاب (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع) للإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن علي البغدادي (ت 463هـ) أن المبرّد قال: «رأيتُ الجاحظ يكتب شيئاً فتبسّم، فقلتُ: ما يضحكك؟! فقال: إذا لم يكن القرطاس صافياً، والحبر نامياً، والقلم مواتياً، والقلب خالياً، فلا عليك أن تكون عانياً»، وفي الكتاب ذاته أيضاً: «قيل لورّاق مرةً: ما تشتهي؟ قال: قلماً مشّاقاً، وحبراً برّاقاً، وجلوداً رِقاقاً».
وفي المجال البحثي يتوجه (التقميش) إلى ما يقوم به الباحث من جمع مادته العلمية، وتقميشها، وذلك حين يجمع أفكاره، ومعلوماته، وبطاقاته، ليرتبها عند صياغة البحث، وإخراجه على النحو الذي يليق؛ ولهذا أشار بعض المهتمين في أصول كتابة البحث العلمي وقواعد التحقيق إلى أن (التقميش) هو «جمع مادة البحث، فكما تصنع الثياب من القماش، كذلك تصنع الأبحاث من المواد، أو المعلومات المجمّعة من المصادر والمراجع»، ونتوسع في ذلك قليلاً فنقول: إن التقميش في العملية البحثية عصف ذهني ورقي، بمعنى أنه يتكون من أوراق، وتدوينات، ودفاتر، وكتب، وأقلام، وكل ما يعتد به الباحث من عدة.
إن التقميش للباحث ورشة بحثية تشبه ورشة المهندس، أو النجّار، أو الحدّاد، أو الميكانيكي، أو نحوهم، فكل أولئك لا يمكنك أن ترى عملهم، أو تلمس أثرهم، أو تشعر بمهارتهم دون أن تجدهم في خضم أدواتهم، منكبين على عملهم، يقمّشون هنا وهناك، فترى أثر ذلك عند المهندس بين عملياته، والنجار بين نشاراته، والحدّاد بين بِرادَاته، والميكانيكي بين سياراته، وهكذا كل صانع، أو ذي حرفة، أو مهنة، لا يمكنه أن يبدع في عمله إلا إذا كان مُقَمِّشاً متميزاً.
إن التقميش هو مواد البناء وأدواته في أي عمل، فكل من يبني لا بد أن يتوافر على عدة بنائه، ومن هنا فالتقميش ليس كالتهميش الذي قد يكون مؤثراً أو غير مؤثر، بل هو - أي التقميش - جزء أصيل لكل ذي حرفة أو مهنة؛ لذا فهو أكثر قيمة وأهمية، وهو (الجندي المجهول) الذي من خلاله يتجلى العمل، ويغدو متقناً ومتناسقاً.
http://www.alriyadh.com/1958275]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
إن لكل صاحب حرفة أدوات يستعين بها على أداء حرفته، ومنذ القديم كان الباحث أو الكاتب أو المؤلف عموماً لا يستطيع أن يقدّم شيئاً دون أن تكون لديه تلك الأدوات التي تساعده على الكتابة؛ ولهذا كانوا يعترفون بأهمية تلك المادة التي يجمعونها من هنا وهناك، جاء في كتاب (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع) للإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن علي البغدادي (ت 463هـ) أن المبرّد قال: «رأيتُ الجاحظ يكتب شيئاً فتبسّم، فقلتُ: ما يضحكك؟! فقال: إذا لم يكن القرطاس صافياً، والحبر نامياً، والقلم مواتياً، والقلب خالياً، فلا عليك أن تكون عانياً»، وفي الكتاب ذاته أيضاً: «قيل لورّاق مرةً: ما تشتهي؟ قال: قلماً مشّاقاً، وحبراً برّاقاً، وجلوداً رِقاقاً».
وفي المجال البحثي يتوجه (التقميش) إلى ما يقوم به الباحث من جمع مادته العلمية، وتقميشها، وذلك حين يجمع أفكاره، ومعلوماته، وبطاقاته، ليرتبها عند صياغة البحث، وإخراجه على النحو الذي يليق؛ ولهذا أشار بعض المهتمين في أصول كتابة البحث العلمي وقواعد التحقيق إلى أن (التقميش) هو «جمع مادة البحث، فكما تصنع الثياب من القماش، كذلك تصنع الأبحاث من المواد، أو المعلومات المجمّعة من المصادر والمراجع»، ونتوسع في ذلك قليلاً فنقول: إن التقميش في العملية البحثية عصف ذهني ورقي، بمعنى أنه يتكون من أوراق، وتدوينات، ودفاتر، وكتب، وأقلام، وكل ما يعتد به الباحث من عدة.
إن التقميش للباحث ورشة بحثية تشبه ورشة المهندس، أو النجّار، أو الحدّاد، أو الميكانيكي، أو نحوهم، فكل أولئك لا يمكنك أن ترى عملهم، أو تلمس أثرهم، أو تشعر بمهارتهم دون أن تجدهم في خضم أدواتهم، منكبين على عملهم، يقمّشون هنا وهناك، فترى أثر ذلك عند المهندس بين عملياته، والنجار بين نشاراته، والحدّاد بين بِرادَاته، والميكانيكي بين سياراته، وهكذا كل صانع، أو ذي حرفة، أو مهنة، لا يمكنه أن يبدع في عمله إلا إذا كان مُقَمِّشاً متميزاً.
إن التقميش هو مواد البناء وأدواته في أي عمل، فكل من يبني لا بد أن يتوافر على عدة بنائه، ومن هنا فالتقميش ليس كالتهميش الذي قد يكون مؤثراً أو غير مؤثر، بل هو - أي التقميش - جزء أصيل لكل ذي حرفة أو مهنة؛ لذا فهو أكثر قيمة وأهمية، وهو (الجندي المجهول) الذي من خلاله يتجلى العمل، ويغدو متقناً ومتناسقاً.
http://www.alriyadh.com/1958275]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]