المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في المناهج النقدية: المنهج التاريخي (1)



المراسل الإخباري
07-02-2022, 04:38
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png كل عمل في هذه الحياة يقوم على منهج، أي طريقة تحتذى، وأسلوب يتّبع، ولكل منهج طبيعته، وأدواته، وطرقه، وفي ميدان العلوم والمعارف يكون المنهج أكثر أهمية؛ لأنه يبتدئ بفكرة، وينتهي إلى غاية، وكلما التزم الباحث بمنهجه، وحاول أن يطبقه بشكل صحيح كان أكثر تحقيقاً لنتائجه، ووصولاً لأهدافه؛ لهذا كان المنهج العلمي ضرورياً لدى الباحثين في كونه مساراً يقودهم إلى الخروج بتصورات، وأحكام، وهذا معروف على المستوى العلمي التطبيقي، والمستوى العلمي النظري، فالمنهج وسيلة ذات غاية، وإن اختلفت مجالاته، ومساراته، وإن تعددت أشكاله، وألوانه.
وتعد المناهج النقدية معيارًا مهماً يمكن بواسطتها النظر إلى الأدب نظرة تاريخية، تحيل على ماضي الإنسان التعبيري، وظروف القول التاريخية، وأشكال التعبير الزمنية التي رافقت إبداع الإنسان في وقت محدد؛ لهذا يشير الناقد الإنجليزي (سبيلر) إلى أن تاريخ الأدب «يُعنى أولاً وقبل كل شيء بوصف وتفسير أدب شعب من الشعوب في لحظة تاريخية محددة» من هنا انبعث الاهتمام بتاريخ الأدب لدى النقاد الغربيين، أمثال: (تين – برونتيير – سانت بوف - لنسن)، ثم ظهرت لدينا أسماء نقدية أخرى اهتمت بدراسة الأدب العربي تاريخياً، كما عند المستشرق الألماني (كارل بروكلمان 1956م)، و(د. طه حسين 1973م)، و(د. شوقي ضيف 2005م)، وغيرهم من الذين حاولوا التأريخ للأدب، وقراءاته قراءة تاريخية.
على أنه ينبغي القول: إن أكثر الذين ساروا على هذا النهج إنما حاولوا التأريخ للأدب أكثر من نقده؛ ولهذا ظهر المؤرخ الأدبي بوصفه راصداً للظاهرة الأدبية بمنظار تاريخي، والحق أن أكثر أولئك تعمّقوا في البعد التاريخي، وظروفه الزمنية، ومؤثراته المصاحبة دون أن يعطوا الأدب جماله، وأن يمنحوه قيمته، فأغرق أكثرهم في تسجيل وقائع الميلاد، والوفاة، ورسم ملامح الزمن، وحدود العصر، وأبرز معالمه المؤثرة، وقضاياه ذات الإشكال، منصرفين عما يمكن أن تحدثه تلك العوامل التاريخية من جمالية، ومن هنا فإنه يجب علينا أن نفرّق بين التأريخ للأدب، والنظر إليه نقدياً من زاوية تاريخية، وهذا ما يخلط فيه كثير من الدارسين والنقاد، فيبتعدون بالتاريخي عن الجمالي، ويُقصون الجمالي عن التاريخي؛ لهذا وُسِم المنهج النقدي التاريخي بطابعه الزمني، وملابساته التاريخية بعيداً عن النقد الذي يكشف -في أهم أهدافه- عن الجيد من الرديء، والغث من السمين، ويسعى إلى جعل الأدب أكثر إبداعاً وإشراقاً.
لقد وُضِع المنهج النقدي التاريخي موضعاً مضطرباً بين النقاد والمهتمين بدراسات الأدب، فبين فريق يجعل التاريخ مسيطراً ومؤطِراً، وفريق يجعل النقد محلِّلاً بعيداً عن التاريخ، وقليل من يجعل التاريخ وسيلة معينة على النقد، واكتشاف مواطن القوة والضعف في النص الأدبي؛ لذا يمكننا القول: إن المنهج النقدي التاريخي ليس المهم فيه أن يعتمد التاريخ مساراً رئيساً له، بل أن يستعين بالتاريخ على تحقيق غايات النقد الأدبي، ولعلنا نختم بشاهد على ذلك من شعر المرأة العربية ونقدها في العصور القديمة، فإذا أردنا أن نثبت تفوقها ونبوغها زمنياً علينا أن نعود بالتاريخ إلى الوراء لنستعرض النماذج الأولى، ونحاول أن نرصد الجانب الجمالي في أدبها، أو نقدها، وربما نقيم مقارنة بين أدب المرأة في ذلك الزمن، وأدب المرأة في الوقت المعاصر، على أن يكون التاريخ معيارًا لجمال هذا الأدب، وليس مقياساً فقط للزمن الذي عاش فيه ذلك الأدب.




http://www.alriyadh.com/1959584]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]