المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المدير والهدايا الإغريقية



المراسل الإخباري
07-08-2022, 05:28
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png "إن العنصر الذي يعين الحاكم الحكيم والقائد العسكري المحنك على تنفيذ الضربات القوية وتحقيق النصر والتي لا يمكن للرجال التقليديين تحقيقها، هذا العنصر هو المعرفة المسبقة بأمور العدو"، تلكم الكلمات في كتاب فن الحرب لصن تزو والتي كتبها في فصل (استعمال الجواسيس).. في الواقع هنالك الكثير من أسماء أبطال في عالم السينما والروايات عاشت في عالم أجهزة الاستخبارات والتجسس وشدت ملايين المشاهدين والقراء مثل جيمس بوند، جاسون بورن وأدهم صبري.. وفي العالم العربي لعل اسم (رأفت الهجان) يعتبر الأشهر والأبرز في هذا العالم خاصة بعد المسلسل التلفازي الشهير الذي تم بثه في الثمانينات من القرن الماضي لرجل الاستخبارات المصري (رفعت الجمال).
وننتقل إلى مصر الفرعونية في القرن الخامس عشر قبل الميلاد في عهد تحتمس الثالث والذي أطالت جنوده حصار مدينة يافا دون جدوى.. وبدأ اليأس والتعب يتسلل إلى أفراد الجيش الفرعوني. هنا خطرت لتحتمس الثالث فكرة تمثلت في إرسال فرقة خاصة إلى داخل المدينة مهمتها إشاعة الفوضى وفك الأبواب الموصدة من داخل المدينة.. ولتنفيذ هذه الخطة قام بإدخال مئتين من جنوده داخل أكياس دقيق قام بشحنها على ظهر سفينة دخلت ميناء يافا.. وفعلاً تمكن الجنود من تنفيذ الخطة وسقطت مدينة يافا بيد جنود تحتمس الثالث.
هذه القصة قريبة من قصة حصار مدينة طروادة على الضفة الأخرى من البحر المتوسط عندما حاصر الجنود الإغريق المدينة فترة طويلة دون جدوى.. وهنا قرر الجيش الإغريقي التظاهر بالانسحاب وتم سحب السفن وكأنها عادت إلى موانئها بينما اختبأت في الحقيقة خلف جزيرة قريبة.. وقام الجيش الإغريقي ببناء حصان خشبي كبير وضعوا داخله جنودهم. ولما انسحب الجيش الإغريقي ابتهج أهل طروادة وخرجوا ليجدوا الحصان الخشبي الكبير أمامهم. وكان الكاهن لاكون من طروادة مرتاباً من الحصان ومن كلماته جاء المثل الإنجليزي (احذر من الإغريق الذين يحملون الهدايا!) كناية عن أهمية الحذر من الهدايا التي يقدمها الأعداء والتي لا تحمل إلا الكوارث والمصائب. وبينما أهل المدينة في شكهم جاءهم عميل إغريقي ليقول لهم إن الجيش الإغريقي حاول أن يأخذ الحصان معه لكنه لم يتمكن من ذلك لكبر حجمه. هذا الأمر جعل أهل طروادة متحمسين لإدخال الحصان لمدينتهم ومنها كانت النهاية بخروج الجنود الإغريق من الحصان وفتح الأبواب للجنود الإغريق المتربصين خارج الأسوار ليلاً وإسقاط المدينة.
ومازلنا مع الإغريق والذين كانوا يستخدمون طريقة سرية في إيصال الرسائل تمثلت في إحضار الجاسوس وحلق شعره، ومن ثم طبع الرسالة المراد إيصالها بطريقة الوشم. وينتظر الجاسوس حتى ينمو شعر رأسه من جديد فينتقل إلى المدينة التي فيها الطرف الآخر الذي يحلق شعر الجاسوس لقراءة الرسالة.
ولا نستغرب أن مقاتلي النينجا كانوا أحد الأسباب خلف المثَل الياباني القائل: "الجدران لها آذان" كناية عن ضرورة الحذر من المتنصتين والجواسيس. أما في زماننا هذا فالهواتف الذكية لها آذان ومسجلات وكاميرات، والمنظمات الذكية تحرص على سرية معلوماتها ومشاريعها بحمايتها بالتقنيات الحديثة والأنظمة الصارمة التي تضمن استمرار القدرة التنافسية.
وختاماً، المدير الناجح لا يحتاج إلى جواسيس وجيوش من النمامين يكهربون بيئة العمل ويسممونها، بل ما يحتاج إليه هو الصدق وقنوات التواصل مع فريقه واختيار قادة ثقات عندهم القوة والأمانة على قيادة فرقهم لتحقيق إنجازات في بيئة عمل صحية وداعمة.




http://www.alriyadh.com/1960632]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]