المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المرأة.. والذهنية العربية!



المراسل الإخباري
07-15-2022, 04:17
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
إن الرجل العربي لا يزال ينظر إلى المرأة كجسد مهما بلغت في وعيها وفي تقدمها، ولا ينظر إليها على أنها عالم متحرك له فلسفته وفكره وعلمه كمفهوم مغاير لمفهوم الجسد..
منذ أوائل القرن التاسع عشر وحتى وقت قريب ونحن نقلب في صفحات كتاب واحد، إحدى صفحاته في غرب الكرة الأرضية والأخرى في شرقها، ونحن نقلب في أوراقه طيلة قرنين كاملين ولم ننته منه بعد، ولم ندلف من بين ضفتيه، وهذا الكتاب هو كتاب المرأة ما لها وما عليها وحقوقها وقضاياها...إلخ، أهدرت الأموال بين مؤتمرات ومؤلفات وفنون تشكيلة ومسرحية وأفلام سينمائية وجميع الفنون المرئية منها والمسموعة والمقروءة، وحتى حكايات الأطفال وفنون الخيال.
وعلى الرغم من الجهد المؤسسي والذي قطع شوطاً كبيراً في تفعيل دورها حتى أصبحت عالمة ومفكرة إلى أن وصلت إلى أرقى التراتب الثقافي والنضج الفكري، فإن الإشكالية لا تزال قائمة!
فما هذه الإشكالية؟ وكيف نتخطاها؟
إن الإشكالية ببساطة ومن دون عناء هي "الذهنية العربية" في مسألة نظرة الرجل للمرأة، فقد جاءت هذه الدعوات منذ عصر النهضة في أوروبا وهي الفترة اللاحقة بطبيعة الحال للعصور والوسطى، والتي كان الحال فيها قد يصل إلى حرق النساء بحجة أنهن ساحرات، لأنهم لمحو في سلوكهن شيئاً من الفكر والتحرر ومحاولة الانقلاب على واقعهن في ذلك العصر، ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يحرق مع المرأة كل رجل يدافع عنها وعن فكرها، كما أحرق وأعدم أغلب العلماء والمخترعين وما إلى ذلك.
وفي القرن التاسع عشر خرجت نورا في مسرحية (بيت الدمية) وصفعت الباب وراءها وقيل حينها: إن صفعة باب نورا قد هزت جميع أرجاء أوروبا آنذاك، وكانت هذه المسرحية للكاتب النرويجي هنرك إبسن.
أما في وطننا العربي فقد بدأت هذه السطور في هذا الكتاب منذ الحملة الفرنسية على مصر وتأثير الانفتاح الفكري والعلمي على أوروبا كنوع من الوعي والتنوير، وظهور دعوات قاسم أمين وما إلى ذلك. ثم توالت كل التطورات حتى أصبحت المرأة تتبوأ مناصب مساوية للرجل، ومع ذلك فالرجل العربي ينظر إلى المرأة نظرة "حرملكية" وبالتالي فهذا التقدم والتطور لا يشكل له إلا وقاء "حرمليكاً" يريد تجاوزه!
وهذا كله يرجع إلى الذهنية العربية التي تقع بين ثقافة الموروث الشعبي وثقافة الوافد، فهذان الحدان هما ما جعلا شخصية الرجل العربي -والذي يعتبر نفسه بحسب موروثه سيد الصحراء بلا منازع- في صراع دائم، ما نتج عنه اختزال التاريخ في شكل مفهوم فقط، فاختزال الموروث في شكل أيقونات كالزي ونمط الحياة، أما ثقافة الوافد فقد اتخذ منه ثقافة المنتج من دون اتخاذ ثقافة المنهج، وبالتالي تحول إلى ثقافة استهلاكية، وأصبحت الثقافة الوافدة هي ثقافة استهلاك تتلخص في صيحات الموضة على سبيل المثال، بينما نجده لم يتخلص من إرثه الذي اختزله في شكل تحضري، ولذلك نستطيع أن نطلق عليها ثقافة اختزال الموروث.
هذا الاختزال جعل المرأة تسير على جسر من النار بين هذين الحدين، ذلك لأن الرجل لم يتجه نحو الوافد بشكل كامل وفي الوقت نفسه لم يطبق الموروث بحذافيره، فاستفحلت المشكلة وخاصة النظرة الذهنية للمرأة لدى الرجل، حيث أنها تظل حبيسة "الحرملك الذهني" في نظره، على الرغم من أنها تجوب أرجاء العالم، وتمارس جميع الفنون والثقافات، وتسهم في مشروعات علمية وأدبية تتفوق على ذاتها وعلى بعض الرجال في بعض الأحيان.
هذا السياج الذي كان يفرض حولها هو ما خلق تلك النظرة الباعثة دوماً على التجاوز، فنرى أن الرجل العربي لا يزال ينظر إلى المرأة كجسد مهما بلغت في وعيها وفي تقدمها، ولا ينظر إليها على أنها عالم متحرك له فلسفته وفكره وعلمه كمفهوم مغاير لمفهوم الجسد.
لقد بدأت هذه النظرة الذهنية تتحرك نحو الوعي بمكانة المرأة بفضل هذا الحراك المؤسسي وما تقوم به الدولة من تعزيز دور المرأة ومكانتها كلبنة أساسية في البنية الاجتماعية، إلا أن الذهنية الكامنة في الجمع الكلي لا تزال تتحرك بين هذين الحدين بغية أن تظل المرأة جسداً يجذب الأنظار إليه مهما ما تنوعت الرؤى، فالقضية هنا ليست في الدور المؤسسي والذي يعمل بكل جهد لإنصاف المرأة، وإنما الإشكالية عند بنية الشخصية لدى الرجل والتي لا تزال يهيمن عليها إرثه وثقافة أجداده.




http://www.alriyadh.com/1961666]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]