المراسل الإخباري
07-28-2022, 03:44
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
حريٌّ بمن ذاق النصَب أن يشكر نعمة الراحة إذا هي عادت إليه، وأن يحرص على المحافظة عليها ويضع الاحتياطات اللازمة لعدم التفريط فيها؛ فمن اللائق احتياط الإنسان لصحته بعد التعرض للوعكات الصحية، وسيره على منهج الرشد في صرف أمواله إذا آل به سوء التدبير..
الإنسان عرضة لأن تتعاقب عليه ظروف مختلفة يرتاح لبعضها، ويلقى المشقة والنصبَ من بعضها، فتتوارد عليه أسباب الفرح وأسباب الحزن، ويتمتع بالصحة حيناً، ويُمنَى بالسقم حيناً آخر، وتنجح بعض مساعيه فيجني ثمرتها قرير العين منشرح الصدر، ويخفق في بعضها فيتحسر على جهد بذل ولم ينتج، ويتلهف على المرغوب فيه الفائت، وكلها أقدار كتبت عليه فجرت كما كتبت، لكن منها ما عرض له من غير أن يجرَّه إلى نفسه بسبب تعاطاه، ومنها ما تعاطى سببه بالإقدام على مضرَّة عاقبتها لحوق المشاقِّ، أو بالإهمال والإحجام عن الاحتياط اللازم لتوقي المحذورات، وما مرَّ به من هذه العوارض فلا يعدم فيه دروساً وعبراً إن اعتبر بها ونظر إليها نظرة المتأمل الفاحص هونت عليه المشقة وأعانته على التخفيف منها أو تفادي النشوب في مثلها في المستقبل، ومن لم يعتبر بها عانى من وطأة المشكلات، ولم يأمن أن يلدغ في جحر واحد مراراً وتكراراً، ولي مع دروس المتاعب وقفات:
الأولى: المتاعب تذكير بعظمة العافية التي يتقلب فيها بعض الناس من غير أن يشعر بأنه محل غبطة الكثيرين، وأن أموالاً طائلة يبذلها المرضى لنيل دقائق من الراحة التي يمضي بها المعافى يومه من غير أن يلقي لها بالاً، ومن غير أن يدرك أن أنواع العافية العظمى لا تعادلها الدنيا وما فيها، ومصداق ذلك حديث عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَصْبَحَ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» أخرجه الترمذي وغيره، فالأمن نعمة يغفل عنها كثير من الآمنين، ويصبح بعضهم ويمسي مطمئناً واثقاً من أن نفسه وعرضه وماله في مأمنٍ، ولو قيل له: كم من حظ ابتسم لك اليوم؟ لم يَعُدَّ أمنه من حظوظه الحسنة، والصحة هبة من الله لا تفي العبارة بوصف عظمتها، وبعض الأصحّاء لو فكر في المواهب الدَّارّة عليه لم يخطر بباله عدُّ الصحة من ضمنها، وبُلغة المعيشةِ التي تضمن للإنسان قوت عياله على جهة الكفاف قلة من الناس من يدرك أنها نعمة يصبو إليها كثير من الناس، وقد يتخيل بعض من لا يجدها أنه أقصى المأمول، وأنه لو نالها لم يرفع طرفه إلى شيء، وكل هذه النعم إذا جرّب العاقل فقدها قدرها حقَّ قدرها.
الثانية: حريٌّ بمن ذاق النصَب أن يشكر نعمة الراحة إذا هي عادت إليه، وأن يحرص على المحافظة عليها ويضع الاحتياطات اللازمة لعدم التفريط فيها؛ فمن اللائق احتياط الإنسان لصحته بعد التعرض للوعكات الصحية، وسيره على منهج الرشد في صرف أمواله إذا آل به سوء التدبير إلى ملاقاة المصاعب المادية وما تجرُّه من المديونية التي تؤول ببعض الناس إلى مواجهة تبعات ثقيلة الوطأة، ومن دروس المتاعب التي لا ينبغي أن تمرّ بالإنسان ولا يستفيد منها الغرور بالأفكار السقيمة والثقة بمن لا يستحق الثقة به، وتصديق أهل التمويه والغش في المعاملات ونحوها، فهذه مزالق سيئة خطيرة من انزلق في شيء منها، ثم منَّ الله عليه بإقالة عثرته فلا ينبغي أن يحوم حول أصحابها مرة ثانية، وهذا من تمام شكر نعمة النجاة منها، ومن أهم مظاهر شكر نعمة الله على عبده بإزاحة الغمة عنه أن لا ينسى ما كان عليه من الضيق وما صار إليه من السعة، كما قال أحد الثلاثة الذين ابتلاهم الله تعالى من الأمم السابقة: "قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي، وَفَقِيرًا فَقَدْ أَغْنَانِي".
الثالثة: لا يقتصر درس المتاعب على من تعرض لها، فكل من رأى المبتلى فقد وجد درساً ينبغي أن يستفيد منه، فمن كان آمناً مطمئناً ورأى منكوباً مسلوب الأمن مستباح الحرمات وجب عليه أن يحمد نعمة الله عليه، وقد بين الله هذا بقوله مذكراً كفار قريش نعمته عليهم: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ)، وإذا رأى الصحيح المريض اعتبر بذلك، وشُرِع له حمد الله تعالى على العافية، بل رُغِّب في الشكر على هذه النعمة؛ بكون الشكر سبباً في نجاته منها فعن عُمَرَ رضي الله عنه, أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم قَالَ: «مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلاَءٍ, فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلاَكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً، إِلاَّ عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ البَلاَءِ، كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ»، أخرجه الترمذي وغيره، والمؤمن مأمور بالنظر إلى من دونه في المال والخَلْق نظرَ اعتبار وعِظَة حتى لا يزدريَ نعمة الله تعالى عليه.
http://www.alriyadh.com/1963734]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
حريٌّ بمن ذاق النصَب أن يشكر نعمة الراحة إذا هي عادت إليه، وأن يحرص على المحافظة عليها ويضع الاحتياطات اللازمة لعدم التفريط فيها؛ فمن اللائق احتياط الإنسان لصحته بعد التعرض للوعكات الصحية، وسيره على منهج الرشد في صرف أمواله إذا آل به سوء التدبير..
الإنسان عرضة لأن تتعاقب عليه ظروف مختلفة يرتاح لبعضها، ويلقى المشقة والنصبَ من بعضها، فتتوارد عليه أسباب الفرح وأسباب الحزن، ويتمتع بالصحة حيناً، ويُمنَى بالسقم حيناً آخر، وتنجح بعض مساعيه فيجني ثمرتها قرير العين منشرح الصدر، ويخفق في بعضها فيتحسر على جهد بذل ولم ينتج، ويتلهف على المرغوب فيه الفائت، وكلها أقدار كتبت عليه فجرت كما كتبت، لكن منها ما عرض له من غير أن يجرَّه إلى نفسه بسبب تعاطاه، ومنها ما تعاطى سببه بالإقدام على مضرَّة عاقبتها لحوق المشاقِّ، أو بالإهمال والإحجام عن الاحتياط اللازم لتوقي المحذورات، وما مرَّ به من هذه العوارض فلا يعدم فيه دروساً وعبراً إن اعتبر بها ونظر إليها نظرة المتأمل الفاحص هونت عليه المشقة وأعانته على التخفيف منها أو تفادي النشوب في مثلها في المستقبل، ومن لم يعتبر بها عانى من وطأة المشكلات، ولم يأمن أن يلدغ في جحر واحد مراراً وتكراراً، ولي مع دروس المتاعب وقفات:
الأولى: المتاعب تذكير بعظمة العافية التي يتقلب فيها بعض الناس من غير أن يشعر بأنه محل غبطة الكثيرين، وأن أموالاً طائلة يبذلها المرضى لنيل دقائق من الراحة التي يمضي بها المعافى يومه من غير أن يلقي لها بالاً، ومن غير أن يدرك أن أنواع العافية العظمى لا تعادلها الدنيا وما فيها، ومصداق ذلك حديث عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَصْبَحَ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» أخرجه الترمذي وغيره، فالأمن نعمة يغفل عنها كثير من الآمنين، ويصبح بعضهم ويمسي مطمئناً واثقاً من أن نفسه وعرضه وماله في مأمنٍ، ولو قيل له: كم من حظ ابتسم لك اليوم؟ لم يَعُدَّ أمنه من حظوظه الحسنة، والصحة هبة من الله لا تفي العبارة بوصف عظمتها، وبعض الأصحّاء لو فكر في المواهب الدَّارّة عليه لم يخطر بباله عدُّ الصحة من ضمنها، وبُلغة المعيشةِ التي تضمن للإنسان قوت عياله على جهة الكفاف قلة من الناس من يدرك أنها نعمة يصبو إليها كثير من الناس، وقد يتخيل بعض من لا يجدها أنه أقصى المأمول، وأنه لو نالها لم يرفع طرفه إلى شيء، وكل هذه النعم إذا جرّب العاقل فقدها قدرها حقَّ قدرها.
الثانية: حريٌّ بمن ذاق النصَب أن يشكر نعمة الراحة إذا هي عادت إليه، وأن يحرص على المحافظة عليها ويضع الاحتياطات اللازمة لعدم التفريط فيها؛ فمن اللائق احتياط الإنسان لصحته بعد التعرض للوعكات الصحية، وسيره على منهج الرشد في صرف أمواله إذا آل به سوء التدبير إلى ملاقاة المصاعب المادية وما تجرُّه من المديونية التي تؤول ببعض الناس إلى مواجهة تبعات ثقيلة الوطأة، ومن دروس المتاعب التي لا ينبغي أن تمرّ بالإنسان ولا يستفيد منها الغرور بالأفكار السقيمة والثقة بمن لا يستحق الثقة به، وتصديق أهل التمويه والغش في المعاملات ونحوها، فهذه مزالق سيئة خطيرة من انزلق في شيء منها، ثم منَّ الله عليه بإقالة عثرته فلا ينبغي أن يحوم حول أصحابها مرة ثانية، وهذا من تمام شكر نعمة النجاة منها، ومن أهم مظاهر شكر نعمة الله على عبده بإزاحة الغمة عنه أن لا ينسى ما كان عليه من الضيق وما صار إليه من السعة، كما قال أحد الثلاثة الذين ابتلاهم الله تعالى من الأمم السابقة: "قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي، وَفَقِيرًا فَقَدْ أَغْنَانِي".
الثالثة: لا يقتصر درس المتاعب على من تعرض لها، فكل من رأى المبتلى فقد وجد درساً ينبغي أن يستفيد منه، فمن كان آمناً مطمئناً ورأى منكوباً مسلوب الأمن مستباح الحرمات وجب عليه أن يحمد نعمة الله عليه، وقد بين الله هذا بقوله مذكراً كفار قريش نعمته عليهم: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ)، وإذا رأى الصحيح المريض اعتبر بذلك، وشُرِع له حمد الله تعالى على العافية، بل رُغِّب في الشكر على هذه النعمة؛ بكون الشكر سبباً في نجاته منها فعن عُمَرَ رضي الله عنه, أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم قَالَ: «مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلاَءٍ, فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلاَكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً، إِلاَّ عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ البَلاَءِ، كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ»، أخرجه الترمذي وغيره، والمؤمن مأمور بالنظر إلى من دونه في المال والخَلْق نظرَ اعتبار وعِظَة حتى لا يزدريَ نعمة الله تعالى عليه.
http://www.alriyadh.com/1963734]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]