المراسل الإخباري
07-29-2022, 05:09
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png يحكي لي أحد الأصدقاء من رؤساء التحرير في صحيفة يابانية مرموقة عن تجربة مر بها في الجريدة، كان لديه مقترح لمشروع جديد تقدم به للإدارة العليا، ولكن وكما هو حال الكثير من المنظمات التي تعاني مرض الشركات الكبيرة حيث التحزبات والحروب الداخلية للمصالح الشخصية وتقديمها على المصلحة العامة، لم ير هذا المقترح النور، وفي كل مرة يطرح الموضوع في مجلس الإدارة يواجه بالمعارضة والدخول في متاهات ونقاشات بيزنطية بلا معنى، كاد صاحبنا أن يفقد الأمل إلى أن وجد طوق النجاة من أحد نواب الرئيس التنفيذي حيث اقترح عليه اصطحابه في نهاية الأسبوع ليلعبا الغولف بمعية الرئيس التنفيذي للجريدة، يحكي لي هذا الصديق أنهم خلال لعب الغولف والمشي كان يتناقش حول فكرة مشروعه مع نائب الرئيس الذي كان يطرح عليه الأسئلة والملاحظات والانتقادات وصاحبنا يرد عليها بكل حماس ومنطق، كل هذا خلال لعب الغولف والرئيس التنفيذي يستمع إليهما ولا يشارك في النقاش، وبعد فترة، التفت الرئيس التنفيذي إليهما قائلاً: "أعتقد أنها فكرة رائعة وسأتبنى اعتماد هذا المشروع في اجتماع مجلس الإدارة المقبل".. في الواقع، في اليابان يطلقون على ما حصل اسم (القمة الخضراء) نسبة إلى ملاعب الغولف التي يكسوها العشب وتدور فيها النقاشات المهمة بين الإدارات العليا في الشركة وأحياناً بين المسؤولين في الشركات المختلفة خارج جدران المكاتب.
ليست الشركات وحدها، فالقمة الخضراء كانت حاضرة على مستوى المفاوضات بين الدول، حيث يروي السيد (غو تشوك تونغ) رئيس سنغافورة الأسبق قصته مع الرئيس الأميركي الأسبق (بيل كلينتون)، حيث شهدت مفاوضات اتفاقية التجارية الحرة بين سنغافورة وأميركا صعوبات كبرى، ولم يتمكن الفريق التفاوضي السنغافوري من إقناع الأميركان بالتوقيع على الاتفاقية، وسط هذه الظروف عرف السيد (تونغ) من خلال تقرير سفارته في واشنطن أن الرئيس الأميركي الأسبق (بيل كلينتون) من النوع الذي لا ينام إلا بعد منتصف الليل وأنه عاشق للعب الغولف.. وفي مؤتمر قمة عقد في فانكوفر عام 1997م حرص الرئيس السنغافوري أن يلعب الغولف مع نظيره الأميركي مما وثق العلاقة الشخصية بينهما، وبعد عدة أشهر أقيمت قمة أخرى في سلطنة بروناي، وفي مأدبة العشاء سأل بيل كلينتون نظيره السنغافوري: "ما خطتك بعد العشاء؟"، فأجابه وبدون تردد:" لا شيء سوى أنني أرغب في تحديك في الغولف!". وطبعاً سعد الرئيس كلينتون بالدعوة، واستمتع الاثنان بالغولف من الحادية عشرة ليلاً إلى الثانية صباحاً. وقتها التفت الرئيس السنغافوري إلى الرئيس كلينتون قائلاً: "هل يمكن أن نتحدث في موضوع جاد؟"، فأومأ الرئيس الأميركي بالإيجاب، فانطلق الرئيس السنغافوري بالحديث عن أهمية اتفاقية التجارة الحرة بالنسبة لأميركا، وكيف ستكون سنغافورة البوابة التجارية المستقبلية لآسيا، وبعد عشر دقائق فقط أجابه بيل كلينتون بما معناه في لهجتنا: "ازهلها واعتبر الموضوع تم!". وفعلاً لم تمضِ أشهر بسيطة إلا والاتفاقية موقعة بين البلدين.
من الطبيعي أن يعارض البعض فكرة حل المشكلات عبر القمم الخضراء ولعب الغولف نظراً لتكلفتها العالية وعدم إتقان الجميع لها. ولكن يمكن اعتبار القمة الخضراء أسلوباً ومنهجية قد تتغير لتصبح فنجان قهوة أو وجبة غداء أو عشاء أو أي نشاط رياضي أو اجتماعي مقبول يتيح فرصة للخروج من أجواء العمل المشحونة والتفكير والنقاش في جو هادىء أكثر أريحية.
ومع ذلك فيجب التنبيه إلى أن مقرات العمل يجب أن تظل المكان الذي تتم فيه النقاشات واتخاذ القرارات على أن يستخدم أسلوب القمم الخضراء في حالات استثنائية تتطلب ذلك، لأن الإمعان في تحويل النقاشات خارج المكاتب قد يترتب عليه الشللية والابتعاد عن المهنية والحيادية وعدم عدالة الفرص للجميع في طرح آرائهم.
وختاماً، لا تتخذ قرارات مهمة ومصيرية وأنت منفعل، امنح نفسك وقتاً للهدوء والتفكير بروية والنقاش والمشاورة مع الآخرين أصحاب قوة الرأي والأمانة، ولا مانع أحياناً أن تتبع أسلوب القمة الخضراء..
http://www.alriyadh.com/1963903]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
ليست الشركات وحدها، فالقمة الخضراء كانت حاضرة على مستوى المفاوضات بين الدول، حيث يروي السيد (غو تشوك تونغ) رئيس سنغافورة الأسبق قصته مع الرئيس الأميركي الأسبق (بيل كلينتون)، حيث شهدت مفاوضات اتفاقية التجارية الحرة بين سنغافورة وأميركا صعوبات كبرى، ولم يتمكن الفريق التفاوضي السنغافوري من إقناع الأميركان بالتوقيع على الاتفاقية، وسط هذه الظروف عرف السيد (تونغ) من خلال تقرير سفارته في واشنطن أن الرئيس الأميركي الأسبق (بيل كلينتون) من النوع الذي لا ينام إلا بعد منتصف الليل وأنه عاشق للعب الغولف.. وفي مؤتمر قمة عقد في فانكوفر عام 1997م حرص الرئيس السنغافوري أن يلعب الغولف مع نظيره الأميركي مما وثق العلاقة الشخصية بينهما، وبعد عدة أشهر أقيمت قمة أخرى في سلطنة بروناي، وفي مأدبة العشاء سأل بيل كلينتون نظيره السنغافوري: "ما خطتك بعد العشاء؟"، فأجابه وبدون تردد:" لا شيء سوى أنني أرغب في تحديك في الغولف!". وطبعاً سعد الرئيس كلينتون بالدعوة، واستمتع الاثنان بالغولف من الحادية عشرة ليلاً إلى الثانية صباحاً. وقتها التفت الرئيس السنغافوري إلى الرئيس كلينتون قائلاً: "هل يمكن أن نتحدث في موضوع جاد؟"، فأومأ الرئيس الأميركي بالإيجاب، فانطلق الرئيس السنغافوري بالحديث عن أهمية اتفاقية التجارة الحرة بالنسبة لأميركا، وكيف ستكون سنغافورة البوابة التجارية المستقبلية لآسيا، وبعد عشر دقائق فقط أجابه بيل كلينتون بما معناه في لهجتنا: "ازهلها واعتبر الموضوع تم!". وفعلاً لم تمضِ أشهر بسيطة إلا والاتفاقية موقعة بين البلدين.
من الطبيعي أن يعارض البعض فكرة حل المشكلات عبر القمم الخضراء ولعب الغولف نظراً لتكلفتها العالية وعدم إتقان الجميع لها. ولكن يمكن اعتبار القمة الخضراء أسلوباً ومنهجية قد تتغير لتصبح فنجان قهوة أو وجبة غداء أو عشاء أو أي نشاط رياضي أو اجتماعي مقبول يتيح فرصة للخروج من أجواء العمل المشحونة والتفكير والنقاش في جو هادىء أكثر أريحية.
ومع ذلك فيجب التنبيه إلى أن مقرات العمل يجب أن تظل المكان الذي تتم فيه النقاشات واتخاذ القرارات على أن يستخدم أسلوب القمم الخضراء في حالات استثنائية تتطلب ذلك، لأن الإمعان في تحويل النقاشات خارج المكاتب قد يترتب عليه الشللية والابتعاد عن المهنية والحيادية وعدم عدالة الفرص للجميع في طرح آرائهم.
وختاماً، لا تتخذ قرارات مهمة ومصيرية وأنت منفعل، امنح نفسك وقتاً للهدوء والتفكير بروية والنقاش والمشاورة مع الآخرين أصحاب قوة الرأي والأمانة، ولا مانع أحياناً أن تتبع أسلوب القمة الخضراء..
http://www.alriyadh.com/1963903]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]