المراسل الإخباري
07-30-2022, 07:10
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
كما أن ذاكرة التراث تحتاج إلى صيانة وحفظ كذلك يجب أن ننظر للتراث على أنه ليس كياناً جامداً بل هو واقع يتطور، وهنا تكمن العلاقة بين عبارة حسن فتحي والحوار المثير الذي دار في أروقة مقر الجمعية الذي هو "عمارة" أي مخزن تجاري أو "بخار"، تم تجديده ليواكب متطلبات العصر..
يوم الأربعاء الفائت كنا في ضيافة الشيخة حصة صباح السالم في مسكنها الذي صممه المعماري حسن فتحي -رحمه الله- في مدينة الكويت، الشيخة حصة سيدة فريدة في ثقافتها واهتماماتها التاريخية والفكرية، وهي رئيسة دار الآثار الإسلامية، ومهتمة بالآثار، وتقتني قطعاً تمثل جميع ثقافات العالم. لن أقول إن قاعة الجلوس التي التقيت فيها وبعض الزملاء مع الشيخة حصة تعتبر متحفاً قائماً بذاته، فهي كذلك وأكثر، فما هو معروض لا بد أن يثير الفضول ويدفع إلى السؤال والبحث عن سر هذا الاهتمام الفريد، لكن اللافت هو الحوار العميق الذي دار في ذلك اللقاء والتجربة الثقافية والآثارية التي تمتلكها الشيخة. قلت لها أن بيتها ذكرني ببيت السحيمي في الدرب الأصفر، لكنها أجابتني أنه أقرب إلى بيت جمال الدين الذهبي الذي يوجد في حارة حوش قدم المتفرعة من شارع المعز.
وعندما تحدثنا عن مسكنها الأنيق الذي يحمل ملامح المساكن القاهرية العتيقة، سأل الدكتور محمد الجسار عن التكييف في البيت، هل هو من أصل التصميم أم أضيف لاحقاً، فأجابته بأنه موجود من اليوم الأول: وذكرت عبارة حسن فتحي: "نحن نحتاج إلى مسكن عربي يتحدث لغة أجنبية، وليس مسكناً أجنبياً يتحدث لغة عربية". لم أسمع هذه العبارة من قبل رغم قراءاتي الكثيرة عن حسن فتحي، لكنها جعلتني أفكر في العلاقة بين التاريخ والمستقبل، خصوصاً في واقعنا المعاصر الذي يعاني من خلل واضح في هذه العلاقة التي تنحو إلى النقل والاستنساخ. ثمة اتفاق على أن هناك إشكالية حول ما يمكن أن تفضي إليه الأصالة، ووجدت أن عبارة شيخ المعماريين تجيب ببساطة على هذا السؤال المستعصي: فكل معاصرة تعني كل ما هو مرتبط بالجذور ويتحدث لغة العصر، فإذا كانت اللغة الأجنبية هي الغالبة على عصرنا فلا بأس أن تتكيف الجذور لتعبر عن هذه اللغة.
قبل يوم من لقاء الشيخة حصة، كنا في ضيافة جمعية التراث الكويتية، التي تأسست عام 2017م، حيث كان في استقبالنا رئيس الجمعية الأستاذ فهد العبدالجليل وعدد كبير من أعضاء الجمعية ودار حوار حافل حول حماية التراث بشكل عام وفي الكويت بشكل خاص. المثير في هذا اللقاء أن أعضاء الجمعية مشكورين قاموا بتنظيم معرض خاص عن تراث المملكة من أرشيفهم الشخصي، ولفت نظري اللوحات الفنية لابتسام المنصور وأرشيف الكتب والمنشورات النادرة عن تاريخ المملكة المعاصر، فلديهم أكثر من 2500 كتاب ومطبوعة عن تاريخ السعودية، حسب ما فهمت. وكما أن ذاكرة التراث تحتاج إلى صيانة وحفظ كذلك يجب أن ننظر للتراث على أنه ليس كياناً جامداً بل هو واقع يتطور، وهنا تكمن العلاقة بين عبارة حسن فتحي والحوار المثير الذي دار في أروقة مقر الجمعية الذي هو "عمارة" أي مخزن تجاري أو "بخار"، تم تجديده ليواكب متطلبات العصر.
يبدو أننا بحاجة إلى إعادة التفكير في "أنثروبولوجيا التراث"، فقد دار حديث مع الدكتور حسن أشكناني، من جامعة الكويت وهو متخصص في هذا المجال، حول الفهم المعاصر الذي ينبغي لنا أن نبحث عنه للتراث، إذ لا يكفي أن نحتفظ بالتاريخ بل يجب علينا أن نعي كيف يمكن أن نتعامل معه في الحاضر والمستقبل، وأرى أن الأصالة التي يمكن أن تتكيف وتتطور، كما ذكرت الشيخة حصة، يجب أن تنبع أولاً من الفهم العميق للتراث وتفكيك المعاني والشفرات الكامنة في ثناياه. الدراسات التي قمت بها في السنوات الأخيرة ركزت على مفهوم "التراث الموازي، والحقيقة أنني لم أتطرق لهذا المفهوم في أي من اللقاءين، لكن هذه الفكرة تكمن فيها بذور أصالة المستقبل التي ترتكز على الجذور والنواة الإبداعية المولدة لأي ثقافة في أي مجتمع. ثمة صلة وثيقة بين الأنثروبولوجيا وبين التراث الموازي، فالوصول إلى جوهر وبنية ونواة جذور الثقافة يتطلب "حصافة إنثربولوجية" نفتقر إليها.
ذكرت لعميد كلية العمارة بجامعة الكويت الدكتور عمر خطاب والزميل الدكتور محمد العجمي أن وجود شخصية مثل الشيخة حصة باهتمامها العميق بالثقافة والآثار ووجود جمعية التراث يمكن أن يؤدي إلى ما أسميته "الثقافة العميقة" التي تناولتها في مقال قبل أسابيع قليلة، وصنع تراث موازي يخاطب المستقبل يتطلب مثل هذا التدافع وهذا التكتل، على أن تشكل أي ثقافة جديدة يحتاج إلى الوقت والصبر واستمرار الاهتمام، فهناك مسائل في هذه الحياة لا يمكن صناعتها إلا من خلال خلق وعي مجتمعي مبني على الشغف والإحساس بالمسؤولية.
http://www.alriyadh.com/1964022]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
كما أن ذاكرة التراث تحتاج إلى صيانة وحفظ كذلك يجب أن ننظر للتراث على أنه ليس كياناً جامداً بل هو واقع يتطور، وهنا تكمن العلاقة بين عبارة حسن فتحي والحوار المثير الذي دار في أروقة مقر الجمعية الذي هو "عمارة" أي مخزن تجاري أو "بخار"، تم تجديده ليواكب متطلبات العصر..
يوم الأربعاء الفائت كنا في ضيافة الشيخة حصة صباح السالم في مسكنها الذي صممه المعماري حسن فتحي -رحمه الله- في مدينة الكويت، الشيخة حصة سيدة فريدة في ثقافتها واهتماماتها التاريخية والفكرية، وهي رئيسة دار الآثار الإسلامية، ومهتمة بالآثار، وتقتني قطعاً تمثل جميع ثقافات العالم. لن أقول إن قاعة الجلوس التي التقيت فيها وبعض الزملاء مع الشيخة حصة تعتبر متحفاً قائماً بذاته، فهي كذلك وأكثر، فما هو معروض لا بد أن يثير الفضول ويدفع إلى السؤال والبحث عن سر هذا الاهتمام الفريد، لكن اللافت هو الحوار العميق الذي دار في ذلك اللقاء والتجربة الثقافية والآثارية التي تمتلكها الشيخة. قلت لها أن بيتها ذكرني ببيت السحيمي في الدرب الأصفر، لكنها أجابتني أنه أقرب إلى بيت جمال الدين الذهبي الذي يوجد في حارة حوش قدم المتفرعة من شارع المعز.
وعندما تحدثنا عن مسكنها الأنيق الذي يحمل ملامح المساكن القاهرية العتيقة، سأل الدكتور محمد الجسار عن التكييف في البيت، هل هو من أصل التصميم أم أضيف لاحقاً، فأجابته بأنه موجود من اليوم الأول: وذكرت عبارة حسن فتحي: "نحن نحتاج إلى مسكن عربي يتحدث لغة أجنبية، وليس مسكناً أجنبياً يتحدث لغة عربية". لم أسمع هذه العبارة من قبل رغم قراءاتي الكثيرة عن حسن فتحي، لكنها جعلتني أفكر في العلاقة بين التاريخ والمستقبل، خصوصاً في واقعنا المعاصر الذي يعاني من خلل واضح في هذه العلاقة التي تنحو إلى النقل والاستنساخ. ثمة اتفاق على أن هناك إشكالية حول ما يمكن أن تفضي إليه الأصالة، ووجدت أن عبارة شيخ المعماريين تجيب ببساطة على هذا السؤال المستعصي: فكل معاصرة تعني كل ما هو مرتبط بالجذور ويتحدث لغة العصر، فإذا كانت اللغة الأجنبية هي الغالبة على عصرنا فلا بأس أن تتكيف الجذور لتعبر عن هذه اللغة.
قبل يوم من لقاء الشيخة حصة، كنا في ضيافة جمعية التراث الكويتية، التي تأسست عام 2017م، حيث كان في استقبالنا رئيس الجمعية الأستاذ فهد العبدالجليل وعدد كبير من أعضاء الجمعية ودار حوار حافل حول حماية التراث بشكل عام وفي الكويت بشكل خاص. المثير في هذا اللقاء أن أعضاء الجمعية مشكورين قاموا بتنظيم معرض خاص عن تراث المملكة من أرشيفهم الشخصي، ولفت نظري اللوحات الفنية لابتسام المنصور وأرشيف الكتب والمنشورات النادرة عن تاريخ المملكة المعاصر، فلديهم أكثر من 2500 كتاب ومطبوعة عن تاريخ السعودية، حسب ما فهمت. وكما أن ذاكرة التراث تحتاج إلى صيانة وحفظ كذلك يجب أن ننظر للتراث على أنه ليس كياناً جامداً بل هو واقع يتطور، وهنا تكمن العلاقة بين عبارة حسن فتحي والحوار المثير الذي دار في أروقة مقر الجمعية الذي هو "عمارة" أي مخزن تجاري أو "بخار"، تم تجديده ليواكب متطلبات العصر.
يبدو أننا بحاجة إلى إعادة التفكير في "أنثروبولوجيا التراث"، فقد دار حديث مع الدكتور حسن أشكناني، من جامعة الكويت وهو متخصص في هذا المجال، حول الفهم المعاصر الذي ينبغي لنا أن نبحث عنه للتراث، إذ لا يكفي أن نحتفظ بالتاريخ بل يجب علينا أن نعي كيف يمكن أن نتعامل معه في الحاضر والمستقبل، وأرى أن الأصالة التي يمكن أن تتكيف وتتطور، كما ذكرت الشيخة حصة، يجب أن تنبع أولاً من الفهم العميق للتراث وتفكيك المعاني والشفرات الكامنة في ثناياه. الدراسات التي قمت بها في السنوات الأخيرة ركزت على مفهوم "التراث الموازي، والحقيقة أنني لم أتطرق لهذا المفهوم في أي من اللقاءين، لكن هذه الفكرة تكمن فيها بذور أصالة المستقبل التي ترتكز على الجذور والنواة الإبداعية المولدة لأي ثقافة في أي مجتمع. ثمة صلة وثيقة بين الأنثروبولوجيا وبين التراث الموازي، فالوصول إلى جوهر وبنية ونواة جذور الثقافة يتطلب "حصافة إنثربولوجية" نفتقر إليها.
ذكرت لعميد كلية العمارة بجامعة الكويت الدكتور عمر خطاب والزميل الدكتور محمد العجمي أن وجود شخصية مثل الشيخة حصة باهتمامها العميق بالثقافة والآثار ووجود جمعية التراث يمكن أن يؤدي إلى ما أسميته "الثقافة العميقة" التي تناولتها في مقال قبل أسابيع قليلة، وصنع تراث موازي يخاطب المستقبل يتطلب مثل هذا التدافع وهذا التكتل، على أن تشكل أي ثقافة جديدة يحتاج إلى الوقت والصبر واستمرار الاهتمام، فهناك مسائل في هذه الحياة لا يمكن صناعتها إلا من خلال خلق وعي مجتمعي مبني على الشغف والإحساس بالمسؤولية.
http://www.alriyadh.com/1964022]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]