المراسل الإخباري
07-30-2022, 07:10
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
الدكتور معجب مثقف أبعد ما يكون عن المناطقية والقبلية وتكافؤ النسب، وهو الذي تحلى بالشجاعة وكسر تلك العادات البالية التي يُعض عليها بالنواجذ، كتب عن المئوية لدخول الملك عبدالعزيز إلى الرياض، واقترح تشكيل فريق لكل منطقة، وحين لم يجد من يغطي منطقة نجران قام بها بنفسه..
كمساحة مزرعته المحدودة، كانت سيرته الذاتية مختصرة، وكمزرعته بها كل عينات الفواكه اليانعة تتخللها بعض الحشائش والأشواك، كانت سيرته الذاتية مليئة بالمواقف النبيلة والإنجازات، وبين السطور تقرأ المعاناة والإحباطات، لا تمل من تقليب صفحاتها، فثقافة الكاتب ظلت تنمو باتجاه السماء، فتراقص الهواء، وتنتشر في الفضاء بحرية تامة كأشجار التفاح والرمان والخوخ والمشمش في مزرعته التي طالما أطل عليها من علو. كتب شاعره المفضل رينيه شار: "يعجبني الإنسان شجرة في مطلع نيسان، تتفتح غير واثقة من نهاياتها".
السيرة الذاتية للدكتور معجب الزهراني جديرة بالقراءة والاحتفاء، ذلك أنها كتبت بصدق وشجاعة نادرة، وبها الكثير من الدروس والعبر، خاصة للطلبة وأساتذة الجامعات. بدأ مسيرته التعليمية في قريته "الغرباء" حيث عممت الدولة المدارس الحديثة، بعد أن وطدت الأمن والتنمية في كل ربوع الوطن، وبدأت غربته بعد السادسة الابتدائية لينتقل إلى بلدة مجاورة ومدرسة من طابقين، لكن معظم المواد التي تدرس كما أشار كانت حشواً جافاً لأذهان الطلبة الغضة، خاصة تلك المواد التقليدية التي تملأ رؤوس الطلبة أوهاماً باسم الحقيقة المطلقة، فتسد أبواب التفكير والتخيل لدى جيل بعد آخر.
النقلة النوعية في حياته كانت في الرياض التي لم يحبها من بين جميع المدن التي حلّ فيها، وفي جامعة الملك سعود بكلية التربية بوجه خاص بدأت تتفتح المدارك، وتتسع الرؤية وتكتسب المواهب، ويعود السبب في ذلك إلى المقررات الدراسية الغنية والمتنوعة، والأساتذة الكبار علماً وخلقاً، والذين أدخلوه في منافسات جميلة نبيلة، وشجعوه على التحصيل والقراءات الحرة، أساتذة يستقطبون من أفضل الجامعات العربية والغربية، وهذا ما يجب أن يكون لنرتقي بمستوى جامعاتنا، فقوة الجامعة من جودة أعضاء هيئة تدريسها.
يقول عن صفات الأستاذ الناجح: "هو الذي يوقظ في طلبته قدرات العقل الحرّ، وشهوات الخيال الخلاق، ومهارات الذوق المرهف، بعكس المعلم الذي يجتهد ويحفظ وينقل المعرفة لتلاميذه بطريقة جيدة فقط".
ومن الرياض إلى السوربون في فرنسا، ليبدأ تعلم اللغة الفرنسية في رويان في أقصى الجنوب الغربي من فرنسا، ويلتقي بطلبة من مختلف الدول العربية، واستغرب كثيراً كيف هللّ الطلبة "التقدميون" لاحتلال الحرم وكأنه فتح مبين سينقذ الأمة من سقطاتها وانكساراتها، وبعد ذلك هللوا واستبشروا بغزو العراق للكويت، لمجرد أن الفعل وقع على دولة نفطية يعيش أهلها في بحبوحة وكرامة. مغامرات الحاكم الطاغية هي الأخطر على دولته وشعبه.
تحدث عن جامعة السوربون وأساتذتها الكبار من أمثال محمد أركون، الذي كان يطرح قضايا الفكر الإسلامي من منظور مختلف، وبطريقة جديدة وجذابة، يناقش أكثر مما يورد من معلومات، وترجم هاشم صالح كتبه إلى العربية، واستمتع الدكتور معجب بمحاضرات جيل ديلوز، وبعض الندوات التي شارك فيها دريدا وعبدالكبير الخطيبي، يستمع إليهم ويشعر بالحسرة أن لم تدرس الفلسفة بشكل منهجي في جامعاتنا الوطنية.
قرأ لعبدالله العروي وأعجب بلغته الدقيقة والرشيقة، ومنها كتابه "أزمة المثقفين العرب" والذي أصبح مرجعاً أساسياً لأطروحة الدكتوراة للدكتور معجب.
أضاف الكثير لكل مكان يذهب إليه، ومنها اقتراحه بإنشاء "كرسي غازي القصيبي للدراسات الثقافية" في جامعة اليمامة التي تعاقدت معه بعد تقاعده من جامعة الملك سعود، وتم الترحيب بالفكرة من رئيس مجلس إدارتها خالد الخضير وطبقت فيما بعد.
كره الدكتور الدكتور معجب تلك الندوات التي تقيمها الأنظمة القمعية في سورية وليبيا وغيرها، وكان صريحاً في عدم حبه للرياض رغم ما تحفل به من فرص، وما تخلل إقامته الطويلة فيها من أوقات سعيدة، ومناسبات جميلة وكثيرة، وقال إنه لا شيء يبشر بخروجها من رتابة الجمود والتكرار، والعمل الممل في كل شيء. وأعتقد أن الفكرة كانت في ذهنه قبل مجيئه للرياض، وهذه تذكرني بحكاية المسافر الذي توقف في محطة وقود لبلدة رسخ في ذهنه أنها كئيبة وسكانها جفاة لا يبتسمون، وصلها متجهماً وهكذا بادله صاحب المحطة التجهم بمثله، فسأل المسافر صاحب المحطة: هل أهل البلدة القادمة متجهمون مثل أهل هذه البلدة؟ فأجابه صاحب المحطة: أعتقد ذلك، وبعد دقائق وصل شخص مبتسم ومرح فبادله صاحب المحطة الابتسام بمثله، وسأل عن البلدة القادمة: هل هم مبتسمون مثلكم؟ فأجابه صاحب المحطة أعتقد هذا ما ستجده.
الدكتور معجب مثقف أبعد ما يكون عن المناطقية والقبلية وتكافؤ النسب، وهو الذي تحلى بالشجاعة وكسر تلك العادات البالية التي يُعض عليها بالنواجذ، كتب عن المئوية لدخول الملك عبدالعزيز إلى الرياض، واقترح تشكيل فريق لكل منطقة، وحين لم يجد من يغطي منطقة نجران قام بها بنفسه، وأثنى على سكان منطقة نجران، وهم بلا شكّ يستحقون ذلك، ومن أنبل من عملت معهم في القوات الجوية.
مواقف كثيرة وإنجازات لا تتسع مساحة المقال لذكرها، لقد أضاف سيرة ذاتية تستحق القراءة والإشادة.
http://www.alriyadh.com/1964021]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
الدكتور معجب مثقف أبعد ما يكون عن المناطقية والقبلية وتكافؤ النسب، وهو الذي تحلى بالشجاعة وكسر تلك العادات البالية التي يُعض عليها بالنواجذ، كتب عن المئوية لدخول الملك عبدالعزيز إلى الرياض، واقترح تشكيل فريق لكل منطقة، وحين لم يجد من يغطي منطقة نجران قام بها بنفسه..
كمساحة مزرعته المحدودة، كانت سيرته الذاتية مختصرة، وكمزرعته بها كل عينات الفواكه اليانعة تتخللها بعض الحشائش والأشواك، كانت سيرته الذاتية مليئة بالمواقف النبيلة والإنجازات، وبين السطور تقرأ المعاناة والإحباطات، لا تمل من تقليب صفحاتها، فثقافة الكاتب ظلت تنمو باتجاه السماء، فتراقص الهواء، وتنتشر في الفضاء بحرية تامة كأشجار التفاح والرمان والخوخ والمشمش في مزرعته التي طالما أطل عليها من علو. كتب شاعره المفضل رينيه شار: "يعجبني الإنسان شجرة في مطلع نيسان، تتفتح غير واثقة من نهاياتها".
السيرة الذاتية للدكتور معجب الزهراني جديرة بالقراءة والاحتفاء، ذلك أنها كتبت بصدق وشجاعة نادرة، وبها الكثير من الدروس والعبر، خاصة للطلبة وأساتذة الجامعات. بدأ مسيرته التعليمية في قريته "الغرباء" حيث عممت الدولة المدارس الحديثة، بعد أن وطدت الأمن والتنمية في كل ربوع الوطن، وبدأت غربته بعد السادسة الابتدائية لينتقل إلى بلدة مجاورة ومدرسة من طابقين، لكن معظم المواد التي تدرس كما أشار كانت حشواً جافاً لأذهان الطلبة الغضة، خاصة تلك المواد التقليدية التي تملأ رؤوس الطلبة أوهاماً باسم الحقيقة المطلقة، فتسد أبواب التفكير والتخيل لدى جيل بعد آخر.
النقلة النوعية في حياته كانت في الرياض التي لم يحبها من بين جميع المدن التي حلّ فيها، وفي جامعة الملك سعود بكلية التربية بوجه خاص بدأت تتفتح المدارك، وتتسع الرؤية وتكتسب المواهب، ويعود السبب في ذلك إلى المقررات الدراسية الغنية والمتنوعة، والأساتذة الكبار علماً وخلقاً، والذين أدخلوه في منافسات جميلة نبيلة، وشجعوه على التحصيل والقراءات الحرة، أساتذة يستقطبون من أفضل الجامعات العربية والغربية، وهذا ما يجب أن يكون لنرتقي بمستوى جامعاتنا، فقوة الجامعة من جودة أعضاء هيئة تدريسها.
يقول عن صفات الأستاذ الناجح: "هو الذي يوقظ في طلبته قدرات العقل الحرّ، وشهوات الخيال الخلاق، ومهارات الذوق المرهف، بعكس المعلم الذي يجتهد ويحفظ وينقل المعرفة لتلاميذه بطريقة جيدة فقط".
ومن الرياض إلى السوربون في فرنسا، ليبدأ تعلم اللغة الفرنسية في رويان في أقصى الجنوب الغربي من فرنسا، ويلتقي بطلبة من مختلف الدول العربية، واستغرب كثيراً كيف هللّ الطلبة "التقدميون" لاحتلال الحرم وكأنه فتح مبين سينقذ الأمة من سقطاتها وانكساراتها، وبعد ذلك هللوا واستبشروا بغزو العراق للكويت، لمجرد أن الفعل وقع على دولة نفطية يعيش أهلها في بحبوحة وكرامة. مغامرات الحاكم الطاغية هي الأخطر على دولته وشعبه.
تحدث عن جامعة السوربون وأساتذتها الكبار من أمثال محمد أركون، الذي كان يطرح قضايا الفكر الإسلامي من منظور مختلف، وبطريقة جديدة وجذابة، يناقش أكثر مما يورد من معلومات، وترجم هاشم صالح كتبه إلى العربية، واستمتع الدكتور معجب بمحاضرات جيل ديلوز، وبعض الندوات التي شارك فيها دريدا وعبدالكبير الخطيبي، يستمع إليهم ويشعر بالحسرة أن لم تدرس الفلسفة بشكل منهجي في جامعاتنا الوطنية.
قرأ لعبدالله العروي وأعجب بلغته الدقيقة والرشيقة، ومنها كتابه "أزمة المثقفين العرب" والذي أصبح مرجعاً أساسياً لأطروحة الدكتوراة للدكتور معجب.
أضاف الكثير لكل مكان يذهب إليه، ومنها اقتراحه بإنشاء "كرسي غازي القصيبي للدراسات الثقافية" في جامعة اليمامة التي تعاقدت معه بعد تقاعده من جامعة الملك سعود، وتم الترحيب بالفكرة من رئيس مجلس إدارتها خالد الخضير وطبقت فيما بعد.
كره الدكتور الدكتور معجب تلك الندوات التي تقيمها الأنظمة القمعية في سورية وليبيا وغيرها، وكان صريحاً في عدم حبه للرياض رغم ما تحفل به من فرص، وما تخلل إقامته الطويلة فيها من أوقات سعيدة، ومناسبات جميلة وكثيرة، وقال إنه لا شيء يبشر بخروجها من رتابة الجمود والتكرار، والعمل الممل في كل شيء. وأعتقد أن الفكرة كانت في ذهنه قبل مجيئه للرياض، وهذه تذكرني بحكاية المسافر الذي توقف في محطة وقود لبلدة رسخ في ذهنه أنها كئيبة وسكانها جفاة لا يبتسمون، وصلها متجهماً وهكذا بادله صاحب المحطة التجهم بمثله، فسأل المسافر صاحب المحطة: هل أهل البلدة القادمة متجهمون مثل أهل هذه البلدة؟ فأجابه صاحب المحطة: أعتقد ذلك، وبعد دقائق وصل شخص مبتسم ومرح فبادله صاحب المحطة الابتسام بمثله، وسأل عن البلدة القادمة: هل هم مبتسمون مثلكم؟ فأجابه صاحب المحطة أعتقد هذا ما ستجده.
الدكتور معجب مثقف أبعد ما يكون عن المناطقية والقبلية وتكافؤ النسب، وهو الذي تحلى بالشجاعة وكسر تلك العادات البالية التي يُعض عليها بالنواجذ، كتب عن المئوية لدخول الملك عبدالعزيز إلى الرياض، واقترح تشكيل فريق لكل منطقة، وحين لم يجد من يغطي منطقة نجران قام بها بنفسه، وأثنى على سكان منطقة نجران، وهم بلا شكّ يستحقون ذلك، ومن أنبل من عملت معهم في القوات الجوية.
مواقف كثيرة وإنجازات لا تتسع مساحة المقال لذكرها، لقد أضاف سيرة ذاتية تستحق القراءة والإشادة.
http://www.alriyadh.com/1964021]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]