المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التنازلات الأخلاقية في المجتمع الرقمي



المراسل الإخباري
08-02-2022, 03:01
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png يقدم المسلسل البريطاني الرائع Downton Abbey إطلالة على حياة العوائل الأرستقراطية في العقد الثاني من القرن الماضي، خلال أحداث المسلسل، تفقد إحدى الخادمات وظيفتها وتضطر لبيع جسدها مقابل أن تحصل على القليل من المال الذي يضمن لها ولطفلها البقاء على قيد الحياة، بعد أن تسربت الأخبار حول مهنتها الجديدة، تعامل المجتمع المحيط بها بتقزز واشمئزاز منها، إلى درجة مغادرة أي غرفة تدخلها، ورغم مبرراتها وظروف الحياة القاسية التي مرت بها إلا أن المجتمع لم يغفر لها أن تتحول إلى مومس تبيع جسدها مقابل المال.
استرجعت تفاصيل المسلسل وأنا أتأمل التغيرات الكبيرة التي طرأت على العالم بسبب الثورة التكنولوجية وأدت إلى شكل مختلف جدا من التواصل بين البشر، تلك الثورة التي قلبت المعايير والمبادئ والقيم رأسا على عقب، أصبح العالم بمختلف مجتمعاته يعيش فوضى أخلاقية؛ ومن يقدمون التنازلات ويذهبون إلى أقصى درجات التطرف في خلق محتوى مثير للجدل سواء عبر التعري أو فضح الأسرار العائلية أو اقتحام خصوصيات الناس أصبحوا يسمون مشاهير ومؤثرين.
التحلل الأخلاقي الذي طرأ مؤخرا هو ممارسة عالمية لم تعد حكرا على مجتمع بعينه، منصات التواصل تضج بملايين الحسابات لأشخاص مستعدين حرفيا للقيام بأي عمل مهما كان منافيا للذوق العام وللأعراف وأبسط مبادئ الأخلاق في سبيل كسب المزيد من المتابعين وبالتالي حصد الأموال السهلة.
السؤال لماذا كسر هؤلاء المحظور، ولماذا لم تعد سمعتهم تعني لهم شيئا؟ ببساطة العالم يعاني من سعار المادة، التنافس في سبيل ارتداء أغلى العلامات التجارية، والسكن في أفضل المنتجعات، واقتناء أفخر السيارات، أصبح هو ما يميز الشخص في عالم يقدس المادة، وبالتالي أي طريقة للحصول على المال تصبح مبررة بالنسبة لهم، إذ يحاولون التحايل على وصمة العار عبر تبريرات من قبيل "حرية إظهار الأنوثة أو الرجولة" و"التحرر من القيود الاجتماعية" وشعارات "جسدي، خياري" وغيرها، لكنها في النهاية تنطلق من المبدأ ذاته؛ الجسد مقابل المال، وإن تغيرت المسميات والمبررات.
الخطورة تكمن في تطبيع تلك الممارسات خصوصا وأن ثمة أجيال في طريقها للتشكل وتعد منصات التواصل أحد مصادرها الأساسية في تلقي القيم والأخلاق، وإذا لم يتم تحذير هذه الأجيال من تلك الممارسات ونبذها فسيتكون لدينا جيل مضطرب أخلاقيا تقوده المادة دون أي اعتبار للقيم والمبادئ والأخلاق التي ترفع الإنسان عن مستوى المخلوقات الأخرى.




http://www.alriyadh.com/1964522]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]