تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : في المناهج النقدية: المنهج الاجتماعي (2)



المراسل الإخباري
08-13-2022, 03:31
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png يندرج المنهج الاجتماعي - كالمنهج التاريخي - ضمن سياق المناهج النقدية الخارجية، أي التي تنظر إلى الأعمال الأدبية من الخارج، فهو منهج سياقي يتعامل مع النص الأدبي وفقاً لسياقاته الخارجية، بعيداً عن العمق الداخلي لنسق النص، فهو كالمنهج التاريخي في كونه يتعامل مع الخارج، والسياق (التاريخ)، ومن هنا فالمنهج الاجتماعي يتعامل مع السياق الخارجي للأعمال الأدبية، وذلك بالنظر إلى الظروف الاجتماعية لحياة الإنسان والمجتمع، والمعرفة البشرية، وما يتبع ذلك من وجوه التفاعل بين الإنسان ومجتمعه، كالعلاقات المتبادلة بين الناس، والأخلاق العامة، والسلوكيات الخاصة، والحقائق المتنوعة والمختلفة.
ولئن ارتبطت مناهج النقد بالأدب، فإن للأدب ارتباطه الوثيق بالجانب الاجتماعي؛ لهذا يقول (رينيه ويليك)، و(أوستن وارين) في كتابهما (نظرية الأدب): «فالأدب مؤسسة اجتماعية أداته اللغة .. أضف إلى ذلك أن الأدب يمثل الحياة في أوسع مقاييسها، حقيقة اجتماعية واقعية، فالشاعر نفسه عضو في مجتمع منغمس في وضع اجتماعي معين، ويتلقى نوعاً من الاعتراف الاجتماعي والمكافأة»، من أجل ذلك نشأت فروع مهمة لعلم الاجتماع كعلم اجتماع اللغة، وعلم اجتماع الأدب؛ لتثبت علائقية اللغة، والأدب، والنقد بالجانب الاجتماعي، وإن كان علم اجتماع اللغة، وعلم اجتماع الأدب يجعل الأول أصلاً، والثاني تبعاً له، لكنه على أية حال يكشف عن أهمية تلك العلاقة وقيمتها.
غير أن المنهج الاجتماعي يجعل النقد محوراً رئيساً له، أما الجانب الاجتماعي فيصبح أداة لذلك المنهج ووسيلة، وهذا المنهج (السوسيولوجي) يمكن تطبيقه على حياة الأدب بوصفه رمزاً للحياة الاجتماعية والإنسانية بأبعادها المختلفة، وكانت بوادر هذا المنهج النقدي قد ظهرت في القرن التاسع عشر في كتابات (مدام دي ستيل)؛ ثم تتابع الذين ربطوا بين الأدب وعلاقته بالمجتمع، كما عند (لوكاتش، وجولدمان، ونهاردت، وكاستيلا، وجان جيو، وكريستوفر كوريل، وبرسلون، والبرخت، وهولاندر)، وغيرهم ممن وجّه الأدب نحو الدراسات (السيسولوجية)، وإن كانت بعض آراء الفلاسفة اليونانيين قديماً - كأفلاطون، وأرسطو – يمكن عدها النقطة الأولى لتشكل هذا المنهج.
وقد طبّق بعض العرب هذا المنهج النقدي من خلال دراساتهم وطروحاتهم، فكان من أولئك مثلاً: العقّاد، ومحمد مندور، وعبد المنعم تليمة، وغالي شكري، ولحميد لحمداني، وغيرهم ممن سار على ربط الأدب بالمجتمع، وخصائصه الإنسانية، ولعل ما يجمع أكثر النقاد العرب وغير العرب في هذا المنهج النقدي، هو اهتمامهم بالاتجاه الاجتماعي، وإن كان التطبيق عليه ما زال بحاجة إلى مزجه بالنقد الأدبي الجمالي من جهة، والظواهر الاجتماعية، والقضايا الإنسانية الأكثر انعكاساً على الأدب ونقده من جهة أخرى، دون إقحام المنهج بعلم الاجتماع، ولكن بالإفادة منه فيما يخدم النقد، هكذا ينبغي أن يكون المنهج الاجتماعي في النقد.
وليس ضرورياً – في نظرنا - أن يطبّق المنهج الاجتماعي على العصر كاملاً، أو على المجتمع بأسره، إذ لكل نصّ طابعه الاجتماعي الخاص، وبيئته الإنسانية المستقلة، فقد يكون النص نابعاً من بيئة مختلفة، لكنه على كل حال ينطلق من منطلق اجتماعي، وذلك كأن يصوّر الأديب – شاعراً كان أم ناثراً – مجتمعاً إنسانياً غير مجتمعه، فيأتي الناقد مشتغلاً على هذا المنهج من زوايا متباينة (مجتمع الأديب – المجتمع الآخر)، ويبدأ بعقد الصلة بين الأدب والنقد، متخذاً من القضايا الإنسانية العديدة، والمشكلات الاجتماعية المتنوعة وسيلة للظفر بحكم نقدي جمالي.




http://www.alriyadh.com/1966272]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]